رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية «مخدر الشيطان».. 2018 عام «الإستروكس».. مصنوع من «بودرة الصراصير».. انتشر بين «أولاد الذوات».. يسبب الهلوسة وأخطاره تصل للوفاة.. مدرج بجدول المخدرات.. و4

فيتو

فيديوهات مروعة لشباب يزحفون على الأرض ويصرخون بأصوات وهمهمات غريبة.. تعلو وجوههم آثار عدم الاتزان والهلوسة.. أعينهم زائغة وقواهم خائرة يكادون لا يستطيعون قيامًا من فرط فقدانهم السيطرة على أجسادهم.. أعصابهم لا تقوى على النهوض بهم والتحرك بصورة طبيعية لدقائق معدودات.. تلك هي آثار مخدر الموت «الإستروكس».


لطالما كانت المخدرات بمختلف أشكالها وأصنافها خطرًا على الشباب من الجنسين على حد سواء، فعلى مدار أجيال متعاقبة كانت "عقاقير الموت" تتطور نوعيا وفق متطلبات كل جيل لتواكب العصر ورغبات متعاطيها، وفي أمريكا وأوروبا يزداد استخدام مخدرات الماريجوانا والكوكايين ومثيلاتها، بينما يتزايد استهلاك المخدرات المحروقة والتخليقية كالحشيش والبانجو ومشتقاتهم في الشرق الأوسط والمنطقة العربية.

وتعد مصر أكثر الدول العربية استهلاكًا لمخدر الحشيش، وفي عام 2018 كان البطل الأبرز الذي ظهر على الساحة كنوع جديد من المخدرات هو مخدر "الإستروكس" القاتل أو ما يعرف بـ«مخدر الشيطان» والذي فاق في ضراوته وخطورته على متعاطيه مخدر الفودو.



بداية ظهور الإستروكس
بدأ مخدر الإستروكس في دخول مصر فعليًا في عام 2017، إلا أنه ظل يتداول ويتم ترويجه في نطاق ضيق لعدم انتشاره بالصورة الكافية وقلة الطلب عليه، ومع مرور الشهور بدأ المدمنون يطلبونه بصورة أكبر تارة من باب الفضول لذلك المخدر الجديد الذي يُروج له بائعوه بأنه لـ"أصحاب المزاج العالي" فقط، ما جعل الأغلبية من الشباب ينتابهم الرغبة لتجربته ما ساهم في الدعاية له، أيضا ساهم سعره المنخفض في زيادة الإقبال عليه، إلى جانب عدم تجريمه – حتى وقت قريب – وقدرة التجار على بيعه لعملائهم دون خوف أو رقيب.



مكونات المخدر
يتكون مخدر الإستروكس – وفق مصادر بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات – من بودرة مكافحة الصراصير والقوارض وبودرة سم الفئران، ومبيد حشري، وسبرتو، وأسيتون (يستخدم في إزالة طلاء الأظافر)، وكولة، ومواد كيميائية (الأتروبين والهيبوسيامين والهيوسين)، يضاف على كل ذلك عشب البردقوش والدميانة وبعض التبغ، وطحن تلك المواد وخلطها وتعبئتها في لفافات لتصبح ما يسمى بـ«الإستروكس».



أعراض متعاطي الإستروكس
تأتي أهم الأعراض التي تظهر على متعاطي الإستروكس، في صور عدة، منها الارتخاء الشديد في العضلات، واحتقان الحلق، واتساع حدقة العين، واحتباس البول وانخفاض الضغط، وزيادة ضربات القلب والتعرض للغيبوبة، إلى جانب الهلاوس السمعية والبصرية المستمرة.

كما تؤدي الزيادة في الجرعة إلى خطورة محدقة بحياة متعاطيه قد تصل لانخفاض حاد في الدورة الدموية وهبوط في القلب وتنتهي بالوفاة، ولمعرفة مدى خطورة ذلك النوع من المخدرات على صحة الإنسان يكفي أن نعلم أن تلك المادة في الأساس صُنِعت لتستخدم في تهدئة الأسود في السيرك والثيران في حلبات المصارعة بالدول الأوروبية.



بعد مرور فترة طويلة عانى خلالها الجميع من أجهزة الدولة ممثلة في الشرطة والبرلمان، إضافة إلى المواطنين، لإيجاد حل لانتشار هذا المخدر القاتل وتوسع رقعته وتغلغله في طبقات الأغنياء ومحدودي الدخل؛ بسبب سهولة بيعه وتعاطيه لعدم وجود نص قانوني يُجرِّم تداوله، أصدرت وزارة الصحة والسكان قرارًا بإدراجه مع مواد أخرى على جدول المخدرات في أغسطس الماضي، ما أعطى إشارة البدء في معاقبة متعاطيه وفق نصوص قوانين العقوبات التي تُجرِّم تعاطي المخدرات والقنب المُخلّقة، فضلًا عن تمكين جهات التحقيق من ضبط المخالفين والخارجين على القانون، وحماية الشباب والمجتمع المصرى من هذا العقار المخدر.



مغامرة «فيتو» الصحفية
وخاضت «فيتو» مغامرة صحفية منذ شهر، توصلت خلالها لأسرار وخبايا عالم الإستروكس وكيفية تصنيعه وبيعه، بعد أن نجحت محررة «فيتو» في إقناع أحد التجار بأنها زبون ويرغب في شراء المخدر، وحصلت منه على معلومات دقيقة منها أنه يتم بيع كيس الإستروكس بـ300 جنيه أو 250 جنيها كحد أدنى لتاجر التجزئة الذي يتربّح منه بعد بيعه في لفافات السجائر بـ5 جنيهات و10 جنيهات أحيانا، فيكسب منه أضعافا مضاعفة.



جرائم بشعة
جرائم كثيرة ارتُكبت وحالات وفاة خلال 2018، كان السبب وراءها إدمان تعاطي الاستروكس، اشتركت جميعها في بشاعتها وقسوة تفاصيلها، بدءًا من جريمة قتل أب لابنته بدار السلام طعنًا بسكين، بعدما حاولت أن تفض مشاجرة بينه وأمها بسبب رغبته في أخذ 200 جنيه منها لشراء الاستروكس.

كما دفع ذات المخدر قاتل للتخلص من سائق توك توك وإحراق جثته داخل شقة ببولاق الدكرور بعد علمه أنه على علاقة آثمة بطليقته حديثًا، فاستدرجه بحجة تدخين سيجارتين إستروكس، ثم غافله واعتدى عليه بضربة على رأسه أفقدته وعيه، ثم أشعل النار في جسده والشقة وفرَّ هاربًا، واعترف خلال التحقيقات عقب ضبطه أنه كان تحت تأثير الاستروكس عندما أقدم على فعلته.



أيضا في يوليو الماضي، استيقظ سكان مدينة نصر على وقع صوت ارتطام مدو، حيث فوجئوا بسقوط شاب من أعلى الطابق الثالث بعقار ومصرعه نتيجة كسر في الجمجمة وإصابات أخرى متفرقة.

وكشفت التحريات أن المتوفى كان يعالج من إدمان المخدرات، وتبين بالكشف الطبي عليه أنه كان متعاطيًا لمخدر الإستروكس، ما تسبب في إصابته بدوار وعدم قدرته على التماسك أثناء تواجده في شرفة شقته، فاختل توازنه وهوى من أعلى ليلقى مصرعه في الحال.



كما لقي شاب مصرعه نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من مخدر الإستروكس داخل سيارته بمنطقة النزهة بمصر الجديدة في مايو الماضي، وتبين من التحريات التي أجراها رجال مباحث القاهرة أن "مخدر الشيطان" وراء وفاة الشاب الذي كان يقضي إجازته السنوية في مصر عائدًا من الإمارات، وتبين عدم وجود إصابات ظاهرية بالجثة وتواجدها أمام مقود السيارة وعلى فم المتوفي رغاوي بيضاء.
الجريدة الرسمية