بالأدلة.. «التجديد» فريضة الإسلام الغائبة!
المسلمون مأمورون بالاجتهاد والتجديد حتى بات أشهر الأحاديث المتداولة بينهم قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"، فإذا لم يكن المجدد هنا سيضيف على اجتهادات من سبقه ويقدم جديدا عنها فما المعنى إذن؟! هل سيجيء ليكرر ما سبقه؟ بالطبع لا!
لم يتوقف الإسلام عند الحديث السابق.. بل نجد القرآن يكرر لفظ "تعقلون" منفردة و"أفلا تعقلون" مرات عديدة، "قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون"، و"لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون"، وكذلك بالمعنى نفسه لكن بألفاظ أخرى مثل "أفلا تبصرون" و"أفلا تنظرون"، ثم يمدح عز وجل أصحاب العقول فيقول: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، و"يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب"، و"أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب".
وبعد كل هذا المدح لمن يعملون عقولهم في فهم ما حولهم وما يعرض عليهم يطبق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام آيات القرآن عمليا، فيسأل معاذ بن جبل قبل أن يذهب لليمن يعلم الناس أحكام دينهم، فيقول (بما تحكم إذا عرض لك قضاء؟ قال: أحكم بكتاب الله قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو -أي ولا أقصر- فضرب النبي صلى الله عليه وسلم صدري بيده وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يحبه الله ورسوله).
حتى نصل إلى الحديث الذي يشجع على الاجتهاد وبالتالي على التجديد ويضمن لصاحبه الأجر حتى وإن أخطأ فيقول عليه الصلاة والسلام "من اجتهد ولم يصب فله أجر واحد ومَن اجتهد وأصاب فله أجران"!
ومن مجمل ما سبق نتأكد أن أعمال العقل في فهم النصوص القرآنية والنبوية فريضة لإدراك معناها وحكمتها، والأصل في الاجتهاد أن تمارسه الجماعة الإسلامية في زمانها ولا يقصد به طبعا أن يجتهد الأولون ويعيش من بعدهم عالة على اجتهاداتهم!
ولذا كان المسلمون الأوائل متقدمين عنا.. وعندما أغلقنا باب الاجتهاد تأخرنا ووصلنا إلى ما نحن فيه، بل نجلد كل من يجتهد ونلعنه عكس دعوة الإسلام، وكأن هناك قوى خفية تسعى لإبعاد مجتمعنا إلى التفكير والتجديد والاجتهاد وأن ندور دائما في دائرة فتاوي القتل والتدمير والعداء للآخر والكراهية والعنف والغلظة، وهي كلها أبعد ما تكون عن إسلام التقدم والحضارة والرحمة والسماحة!
سنستمر في معركة التجديد.. لن ترهبنا اتهامات هنا ولا غمز ولمز هناك!