«البوسنة» واحة تضامن مع اللاجئين
ما زال لاجئون جدد يتدفقون على البوسنة والهرسك بالآلاف سنويا. وفي طريقهم إلى الاتحاد الأوروبي تتوقف رحلة الكثيرين في البوسنة عند الحدود مع كرواتيا.
هناك في منطقة فليكا كلادوسا يتفهم الناس وضعهم ويقدمون المساعدة لهم. الحافلات التي تتوجه من سراييفو إلى الحدود مع كرواتيا عبر الشطر الغربي للبوسنة والهرسك يتم إيقافها بانتظام من طرف الشرطة. وهذا ما حصل أيضا هذه المرة. "هل يوجد بعضهم؟"، يسأل شرطي سائق الحافلة الذي يجيب: "هذا المساء لا أحد". لكن الشرطي يريد التأكد بنفسه.
والتحقق يتم اعتمادا على لون البشرة: فإذا كان لون أحد الركاب داكنا، فوجب عليه إظهار هويته الشخصية. وعندما يتأكد أن الأمر يتعلق بمهاجر دخل البلاد بصفة غير قانونية، فإنه يتم منعه من متابعة الرحلة. وليس مهما أن يكون بحوزته وثيقة تؤكد أنه قدم طلب لجوء في البوسنة والهرسك تسمح له أيضا بالتحرك بين ثمانية وأربعة عشر يوما داخل البلاد.
حظر السفر للمهاجرين
خلال الرحلة يفيد سائق الحافلة أن المهاجرين قلما يستخدمون وسائل النقل العامة بعدما تقرر في نهاية أكتوبر الماضي 2018 منعهم من دخول هذه الولاية. وطاقة الإيواء تم تجاوزها، حسب الإعلان الرسمي. ومنذ ذلك الحين تم إيقاف أكثر من 1500 مهاجر لدخول ولاية أونا - صنا.
واتُخذ القرار في الـ 23 من أكتوبر الفائت، أي بعد يومين على لجوء آلاف السكان في مدينة بيهاج المجاورة في غرب البوسنة والهرسك إلى قطع طريق للاحتجاج على الإجراءات غير الكافية للسلطات المحلية من أجل تجاوز أزمة المهاجرين. وبعد عملية الاحتجاج هذه تم فتح مركز إيواء إضافي للمهاجرين بطاقة تستوعب 450 شخصا ويخضع للمنظمة الدولية للهجرة.
والنقص في دور الإيواء وحظر استخدام وسائل النقل العام وفصل الشتاء المقبل لا تعني بأن عددا أقل من اللاجئين سيصلون إلى بيهاج وفليكا كلادوسا.
وتفيد الشرطة بأنهم يجربون الآن سبلا أخرى مثل المشي على الأقدام. ففي الشوارع نلتقي في الغالب لاجئين يحاولون ضمن مجموعات صغيرة أو فرادى الوصول إلى فليكا كلادوسا.
الاستعداد للمساعدة والتضامن
السبب الرئيس لتدفق اللاجئين هو الحدود القريبة مع كرواتيا. وراجت الأنباء أن السكان المحليين لطفاء ومستعدون لتقديم المساعدة. وهذا ما أكده العديد من اللاجئين لـ DW. ولا توجد بيانات رسمية، ولكن تقديرات تفيد أنه يوجد في فليكا كلادوسا، وهي مدينة صغيرة بعدد سكان يصل إلى نحو 40.000 نسمة في الوقت الراهن بين 600 إلى 1000 مهاجر.
اللاجئون والمساعدون المتطوعون من منظمات غير حكومية ينوِهون بسكان فليكا كلادوسا. يوجد شيء في هذه المدينة لم أراه في مكان آخر.
هنا توجد حياة مشتركة للسكان المحليين والأشخاص القادمين إلى هنا"، تقول نيدزارا أحمدفيتش التي اشتغلت كمتطوعة في العديد من معسكرات اللاجئين في اليونان، إلا أنها لم تشهد تضامنا مثل الذي هو موجود في فليكا كلادوسا التي يريد بعض المساعدين العيش فيها.
فرص ضئيلة للبقاء
وهنا يريد أيضا يونس البقاء، وهو أحد الشباب الذين يلعبون كرة القدم أمام محطة الحافلات القديمة وحيث ينامون أيضا. يقول يونس بأنه ينحدر من فلسطين ويتكلم عدة لغات، ويريد تقديم طلب لجوء في البوسنة رغم صعوبة الاعتراف باللجوء هناك. حتى نهاية أكتوبر قدم أكثر من ألف مهاجر طلب اللجوء في البوسنة والهرسك، إلا أن وزارة الأمن لم تعترف بأي لاجئ، فقط طفل واحد من سوريا حصل على الحماية المؤقتة. وبعكس يونس يرغب شباب آخرون في مواصلة السفر إلى فرنسا وإيطاليا وإنجلترا أو ألمانيا.
الحدود ليست حاجزا
حدود الاتحاد الأوروبي مفتوحة فعلا، وتفيد السلطات البوسنية أنه منذ بداية السنة تم تسجيل أكثر من 21000 مهاجر في البلاد، غير أنهم تركوا البلد باستثناء 3000 غالبيتهم تعيش في ولاية أونا صنا. هؤلاء يقيمون في معسكرات للاجئين أو وجدوا ملاجئ داخل بيوت مهجورة وأروقة صناعية. وبعضهم تم تقديم المأوى له من قبل عائلات بوسنية.
وبالنسبة إلى أولئك الذين يقيمون في مخيم ترنوفي غير الرسمي في فليكا كلادوسا، فإن الوضع في غاية القسوة، إذ لا تتوفر النظافة ولا مراحيض أو إمكانيات الاستحمام وينعدم حتى الماء. ولا أحد يرغب في هذا المكان ولا في انتظار الشتاء هناك، ولذلك يحاول عدد متزايد من الأشخاص عبور الحدود مع كرواتيا.
"على" من باكستان نجح 8 مرات بعبور الحدود في الشهور الأربعة الأخيرة، لكن تم اعتقاله في كل مرة في كرواتيا أو سلوفينيا وأعادته الشرطة الكرواتية بشكل غير قانوني إلى البوسنة والهرسك. لكنه سيحاول رغم كل الجهود الفاشلة السفر إلى إيطاليا وبعدها إلى فرنسا حيث يعيش أقارب له.
تعاطف عن تجربة
غالبية أصدقائه الذين كان معهم خلال الصيف في المعسكر يتصلون به في هذه الأثناء من بلدان الاتحاد الأوروبي، لقد نجحوا في العبور. وآخرون يستمرون في المحاولة، ولذلك توجد في فليكا كلادوسا حركة مرور مستمرة: البعض يذهب وآخرون يصلون. والحدود والشرطة تصعِّب حركة هؤلاء الناس إلا أنها لا تمنعهم. غير أن حلول الشتاء يقلق المهاجرين وأيضا السكان المحليين، علما أن غالبية سكان فليكا كلادوسا تتفهم وضع المهاجرين وتدعمهم.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل