مظاهرات فرنسا وإضراب تونس!
قد يفهم البعض من هذا العنوان أن ثمة علاقة بين المظاهرات التي تشهدها فرنسا اليوم، والإضراب الذي شهدته تونس الأسبوع الماضي وجاء مقترنا بمظاهرات حاشدة أيضا.. لكن هذه العلاقة ليست موجودة.. إنما هناك اختلاف أساسي في أسباب ما شهدته تونس وما يحدث في فرنسا..
ففي تونس رغم أنه يبدو الدافع الاقتصادي هو المحرك للإضراب الذي دعا إليه اتحاد الشغل فيها وتحقق بمشاركة أكثر من تسعين في المائة من العاملين، إلا أن الدافع السياسي كان هو الأقوى لهذا الإضراب، ولنجاحه الكبير، وذلك في ظل التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها تونس مؤخرا المتمثلة في نجاح حركة النهضة الإخوانية في شق صفوف تجمع نداء تونس واجتذاب رئيس الحكومة بعد إغرائه بالدعم والمساندة له عندما يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس..
والإضراب بهذا المعنى يستهدف الحكومة ورئيسها الذي أجرى مؤخرا تعديلا حكوميا دون موافقة الرئيس ودعم فيه وجود حركة النهضة بالحكومة التونسية.. أي إنه إذا كان رئيس الحكومة قد استفاد من دعم إخوان تونس له، فإن الإضراب هو رسالة شعبية له أن الشارع التونسي لا يقبل ما يفعله.
أما مظاهرات فرنسا فإن الدافع الاقتصادي هو الأساس وراءها.. خاصة أن زيادة أسعار الطاقة التي قررتها الحكومة فيها جاءت في وقت تتجه فيه أسعار النفط العالمية للانخفاض، وسجلت أكبر انخفاض لها مؤخرا في عام ٢٠١٨.. فضلا عن تراكم اعتراضات خلال الشهور الماضية ضد السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس ماكرون، التي تضغط على الطبقة الوسطى في فرنسا، وتخفض من مستوى معيشتها.
وهكذا فإن السياسة هي الغالبة في احتجاجات تونس.. بينما الاقتصاد هو الغالب في احتجاجات فرنسا.. وما يجمع بين ما حدث في تونس وما تشهده فرنسا هو فقط الاحتجاجات الشعبية.. ولنتذكر أن الاحتجاجات الشعبية هي ظاهرة عادة معدية.