رئيس التحرير
عصام كامل

المرأة المصرية أجدع من أي وزير!


في هذا المكان كتبت مرات عديدة عن السادة الوزراء الذين رزقنا بهم منذ 25 يناير وحتى الآن، بعيدا عن انعدام الكفاءة وهو أمر يدركه الجميع، فإنهم يفتقدون الحد الأدنى من الوعى السياسي الذي يجب أن يواجهوا به الشعب الذي يدفع الثمن دائما لأخطائهم ومغامرتهم لتجربة أفكار ما أنزل بها من سلطان..


في الأسبوع الماضى ذكرنا وزير التربية والتعليم بأفكار عميد الأدب العربى د.طه حسين الأب الشرعى للمشروع الأول لتعليم شعب مصر، حتى عندما قدم كتابه عن مستقبل مصر وجعله دستور لمن يريد الارتقاء بالتعليم كان عنوانه "مستقبل الثقافة المصرية" منذ أكثر من ثمانين عاما، كان الكتاب يتحدث عن التعليم، أي مستقبل الثقافة يتوقف على مستوى التعليم، ومستوى تقدم الأمم يتوقف على مستوى التعليم الذي به تتفوق الشعوب وتترقى إلى أعلى درجات الرفاهية، ربما يعرف الوزير هذا وأكثر ولكن هناك فرقا بين أن تعرف وتتجاهل ما تعرفه وتنفذ غيره، وأن تعرف وتقاتل من أجل رفاهية الشعب.

يطاردنى سؤال هل من مهام الوزراء تصدير الاستفزاز للمواطنين بتصريحات ما أنزل الله بها من سلطان! 

لو تتبعنا كافة الوزراء لوجدنا هذه القاعدة، الجميع يصدر للمواطنين ما ينغص عليهم حياتهم وليس ما يخفف عنهم المعاناة اليومية، مثل وزراء النقل والكهرباء والتموين والمالية وغيرهم، أما وزيرنا الذي تحدثنا الأسبوع الماضى فإنه أرجع تردى حالة التعليم إلى المجانية مع العلم بأن التعليم في العالم مجانى كله، ولكن تختلف الآليات في التطبيق، وذكرناه لولا مجانية التعليم ما كان هو ولا كل من في سدنة الحكم أصبحوا وزراء ورؤساء وزراء..

وأخيرا فالسيد وزير التربية والتعليم يتهم بكل جراءة الأم المصرية بأنها تجلس أمام الفيس البوك أربع وعشرين ساعة وتهمل في تربية أبنائها!

ببساطة شديدة وبكلمات اكتشف أن فساد الأبناء بسبب انشغال الأم بفيس بوك، عبقرية يحسد عليها هذا الوزير، الذي تجاهل فشل وفساد وزارته والتي أصبح الفساد فيها نظاما راسخا يمكنه كسر أي محاولة للإصلاح، يتجاهل الفساد والفشل الإداري للوزارة، والفشل والحالة التي وصلت إليها مدارس الدولة، الوزير يشعر أنه مركز قوة ولن يستطيع أحد أن يزحزحه، وهذا وهم وعليه أن ينظر لمن سبقوه أو حتى زاملوه واليوم يجلسون مع الأبناء والأحفاد يرون لهم بطولاتهم الزائفة.

هل تعلم يا وزير التربية والتعليم كم أسرة مصرية تقوم المرأة بالعمل والصرف عليها؟، هل تعلم كم أسرة تعمل الزوجة فيها جنبا إلى جنب مع الزوج!؟، هل تعلم كم من أم في نجوع الصعيد أو قرى وريف مصر يعملن مع أول ضوء للنهار في الحقول أو الأسواق أو يجهزن أولادهن للمدرسة؟، هل تعرف معاناة الأم العاملة في بلدنا من الاستيقاظ وتوصيل الأطفال للمدارس والذهاب إلى العمل والعودة للبيت وتجهيز الأكل و.... إلخ! 

هل تعرف كم امرأة لا تجيد القراءة والكتابة أساسا؟ ماذا تعرف أساسا عن المرأة المصرية، الأم المكافحة التي تتحمل ما لا تتحمله امرأة في العالم؟!، ودائما من تدفع الثمن، فنسبة الطلاق 40%، يذهب الزوج إلى امرأة أخرى ويتزوج، وتتحمل هي عبء تربية الأطفال وأيضا الصرف عليهم!؟

هل تعرف أن 30% من الأسر المصرية تصرف عليها المرأة!؟ هل تعلم 35% من النساء يتعرضن للعنف الجسدى!؟ هل تعلم أن نسبة البطالة بين النساء تصل 25%؟ ونسبة الأمية بين النساء 28%؟، وبالرغم من هذا فإن نسبة السيدات الحاصلات على الدكتوراه للعاملين بالهيئات البحثية التابعة لوزارة البحث العلمى 52%.

تخيل.. بالرغم من جلوسها أمام فيس بوك أربعة وعشرين ساعة كما تدعى تحقق الإنجاز العظيم، فهى تلملم القرش مع القرش في محاولة لتربية الأولاد وتوفير لهم لقمة هنية بالحلال، وتقاوم كل أمراض المجتمع، هل تعلم أن عدد الأسر المصرية 23.4 مليون اسرة، بحسبة بسيطة أن ما يقرب من 40 مليون مواطن تتحمل مسئوليتهم الأم المصرية من منطلق أن متوسط عدد أفراد الاسرة من 3-4 أفراد!؟ هل تعلم أن 54% من الأسر في الريف والنجوع التي لا يزال الأمية مستوطنة بينهن!؟

يا وزير التربية والتعليم اتق الله في المرأة المصرية التي تكاد أن تتحول لرجل من كثرة ما تحمله من أعباء في مجتمع متخلف وغارق في الجهل!

اللهم ارزقنا بوزراء يشعرون بمعاناة المواطنين، فالإنسانية تسبق كل شىء ولولا الإنسانية ما أصبح هناك علم وعلماء!
وتحيا مصر!
الجريدة الرسمية