مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة ( 48)
تُعبر نخبة ما أطلق عليه الإعلام "ثورة" خطأً أو "الثوار المدنيين" عن مأساة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وبالذات بينما يتكلمون عن نقل مصر للأفضل، فالأفضل هو "التخصص" ولكنك تجد من لا يفهم في السياسة يتكلم فيها ويقول كلاماً غاية في الحُمق إذا ما نظرنا إلى الحقائق السياسية!
فأغرب ما يُمكن أن يحدث على الإطلاق في دولة حدثت فيها أحداث يناير وفبراير 2011، هو أن ترى طبيبة نفسية ولو كانت الأفضل في مهنتها وروائي وطبيب أسنان يمكن أن يكون مُبدعاً في تخصصه ومُخرجاً ولو كان ممتازاً في عمله وممثلين وممثلات يتكلمون في السياسة، بينما هم أبعد ما يكونوا عن إدراك ما يتكلمون عنه، وفي النهاية يتسائلون عن أسباب فشل فعلهم، ويعلقون سبب الفشل على الإخوان، الذين يعرف القاصي والداني أنني أكرههم كراهة التحريم!
إلا أن الخطأ ليس خطأ الإخوان الخونة بطبيعتهم ولكنه خطأ من لا يفهم فيما يتحدث فيه، ولا يدري ما يقول!!
فيُمكنك أن تسمع هؤلاء يُقارنون بين التجربة المصرية والتجربة الماليزية أو السنغافورية، ولا يضعون في الحُسبان أية اختلافات، وكأنهم لا يرون أية فروق ويتحدثون بشكل طبيعي جداً وكأن التاريخ واحد والموقع الجغرافي واحد وطبيعة الشعوب واحدة، إنهم يكادون يتحدثون بحديث "أممي" إخواني، مثل العبارة التي قالها مهدي عاكف، بأن "الماليزي يمكن أن يكون أفضل من المصري"!!
أم تراهم يتحدثون بحديث "عولمي أمريكي"؟!
وهم في هذا الحديث البائس، لا يضعون في اعتبارهم أن إسرائيل، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، تقع على حدود مصر. وحديثهم هذا كارثة وليس مجرد مشكلة، لأن أمريكا تعمل طيلة الوقت على الإبقاء على الفارق الشاسع بين كل دول الجوار مع إسرائيل، كما أنها تضع العراقيل المختلفة في طريق تنمية مصر أو الدول العربية في مُجملها، طالما خصمها الرئيسي هو إسرائيل!!
وكان حديث هؤلاء، في فترة من الفترات فيما يتعلق بالجيش المصري هو حديث يفتقد للوطنية ويظهر كم خيانة البعض منهم.
فهناك تلك المذيعة العصبية التي لديها علاقات وطيدة بالأمريكيين، وقد وقفت أمام بعض الجنود المصريين عند مبنى ماسبيرو وأمام عدسات التليفزيون: تسب هؤلاء الجنود واعتدت عليهم بالألفاظ وهددت إياهم بالمُحاسبة، وكأنها لواء في الجيش، بينما كانت "تُمثل" لقطة ثورية أمام تليفزيونات العالم!!
كما لم يكن الإخوان هم الوحيدون المهددون بإحراق مصر، ولكن فعلها قبلهم ممثل شهير، وقال وقت الخلاف بين "النكسجية" والمجلس العسكري: "لو عايزنها سوريا إحنا حنخليها ليبيا"!! وهو حديث لا يضع أرواح الشعب المصري في الحُسبان، ولا يمكن "لفنان" مُرهف الحس أن يقول تلك الكلمات، ولكن مجرد مؤدٍ، يتلقى الثمن وهو أمر مُشين في حق هذا الشخص، الذي كنت أظن أنه على قدر أعلى من المسئولية!!
إن ما فعله هؤلاء هو مساهمة في إفساد الحياة السياسية على مدى العامين السابقين، وهو تعرض لثوابت الوطن ولا يُمكن أبداً أن يُنظر إليه على أنه كان يستهدف نقل مصر إلى الأفضل!!
إلا أن المصيبة أن الكثير من هؤلاء مازالوا ورغم كم الهُراء الذي يقولونه، يظهرون على الشاشات، يدسون السم في العسل، حيث معرفتهم قاصرة عن الحق، ولا ترتفع وإنما تهبط بالمصريين إلى الدرك الأسفل من الفتنة!!
إن استمرار هؤلاء فترة طويلة في الحديث دونما معرفة، هو أحد الأسباب الأساسية الداعمة للإخوان والتي أدت بمصر إلى شبه الخراب!!
ولكن لن تسقط مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادي،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية