رئيس التحرير
عصام كامل

خالد شاهين يكتب: كل ذلك حدث وأكثر في بلاد السعادة

خالد شاهين
خالد شاهين

إذا كنت من المهمومين بالحركة المسرحية والمتابعين لواقع المسرح الآن، فلن تجد عملا يلفت الانتباه خلال هذه الفترة، خاصة على مسارح الدولة التي ساءت أحوالها منذ سنوات.


لكن عندما تأخذك قدماك إلى مسرح السلام بشارع قصر العيني، وتشاهد العرض المسرحي "حدث في بلاد السعادة"، يدب فيك الأمل مرة أخرى بأن هناك مبدعين يحاولون منح هذا المسرح العجوز قبلة الحياة، وإعادته إلى سابق عهده.

استطاع الكاتب وليد يوسف أن يصنع مزيجًا فنيًا يجمع بين الرقي الأدبي وعناصر الجذب الفني، يحيطه غلاف من الإثارة والتشويق يجعلك متابعًا عن كثب كل ما يدور على خشبة المسرح، منذ اللحظة الأولى لانطلاق العرض، وحتى نهايته غير المتوقعة.

ليس هذا فحسب، فقد بذل كل فريق عمل "حدث في بلاد السعادة" جهدًا خارقًا كي يظهر هذا العمل للنور في هذا الصورة، لم يوقفهم ضعف الإمكانيات، وفقر الإنتاج الذي يتضح جليًا على الديكور وملابس الأبطال، لذلك كان العوض الوحيد عن كل هذا هو الأداء المبهر لكل شخصية تشارك في هذا العمل، بدءا من الكومبارس والمجاميع، مرورًا بباقي الممثلين ومن بينهم الفنان سيد الرومي الذي جسد شخصية الملك بطريقة فكاهية، تجعلك تتعاطف معه بعض الأحيان وتنتقده في أحيان أخرى وتحبه لخفة ظله أحيًانا.

وكذلك الفنان علاء قوقة الذي كان مفاجأة العرض بأدائه المتمكن وثقافته العربية الكبيرة، هذا بجانب الفنان محمد حسني الذي أضاف كثيرًا للعرض حالة من البهجة والكوميديا التي اختلطت بالأداء الدرامي الراقي، فعلي الرغم من خروجه قليلا عن النص، وإلقائه بعض القفشات و"الإفيهات" الكوميدية إلا أن ذلك لا يشعرك بالضجر مثلما يحدث في بعض الأحيان.

ولا ننسى الفنان حسن العدل الذي جسد شخصية الحكيم بأداء شهد له الجميع بالروعة، فقد أضفى عليه كثيرا من خبرته الفنية وحنكته المسرحية الكبيرة.

أما الفنان مدحت تيخا فكان المفاجأة الكبري لـ"حدث في بلاد السعادة"، فقد قدم دور بهلول بتمكن أثبت أنه فنان يمتلك مواهب متعددة، فقد أعلن تيخا من خلال هذا الدور أنه ما زال لديه الكثير كي يعطيه على خشبة المسرح وفي الدراما والسينما، وللأمانة ليس هذه المرة الأولى التي يفاجئني فيها مدحت تيخًا، فقد فعلها من قبل بمسلسل "شيخ العرب همام" بدوره الذي لا ينسى "الشيخ سلام" ذلك الشاب الطيب الحاضر بجسده مع من حوله وذاهب بعقله لملكوت آخر لا يعلمه أحد. 

كل هذه الكوكبة قد زينت بمخرج مخضرم، أظهر طاقات ابداعية متعددة في عرضًا يستحق التقدير والإشادة، أنه مازن الغرباوي الذي يثبت دائمًا أن المسرح ما زال بخير.
الجريدة الرسمية