«جنود مجهولون»..عمال النظافة يعيدون المظهر الجمالي لبني سويف (صور)
تشهد مدينة بني سويف حالة استنفار بين الأجهزة التنفيذية لإعادة المظهر الجمالي والحضاري لأهم شوارعها وميادينها، بتكثيف مجهودات أعمال رفع المخلفات ورصف الطرق ودهان البلدورات ونظافة الشوارع بسواعد المئات من عمال النظافة، الذين يواصلون الليل بالنهار لتحقيق خطة المحافظة، دون كلل أو ملل، رغم مرتباتهم التي لا تتعدى الـ 850 جنيها شهريًا، فضلًا عن المعاملة غير الآدمية من بعض المسئولين والمواطنين، غير مبالين من يبذله هؤلاء العمال من مجهود في إزالة قمامتهم وقاذوراتهم، وتعرضهم للعدوى من تلك المخلفات، فأصيب معظمهم بالأمراض المزمنة.
قال سيد محروس، أحد عمال النظافة بالوحدة المحلية لمركز بني سويف إنه وزملاءه يبذلون مجهودًا كبيرًا في عملهم، دون كلمة شكر واحدة سواء من المسئولين أو الأهالي، مضيفًا: مهنتنا قاسية فعملنا هدفه تجميل الأرصفة والطرقات ورفع القاذورات ليمر الناس بسلام على المكان فيجدوه نظيفًا جميلًا طيب الأثر، وهو ما يشعرنا الراحة النفسية، ولا نلاقي إلا الاستعلاء من غالبية المواطنين، وهو ما يشعرنا بالإهانة، رغم أننا من نعمل على توفير الشوارع والطرقات النظيفة لهم، لا نطلب منهم سوى الكلمة الطيبة.
وعبر جمعة أبو الخير، عامل نظافة بحي الأباصيري بمدينة بني سويف، عن استيائه من بعض السلوكيات التي يتعرض لها يوميًا، قائلًا: ما يؤلمني ويؤذيني هو سلوك البعض الذين لا يقدرون كم أنفقت من جهدي وصحتي لرفع القمامة من على الأرض ووضعها في الصناديق المخصصة لها، متذكرًا موقفًا لشاب في العشرينيات يحمل كتبًا يبدو أنه طالب جامعي ألقى منديلًا على الأرض بعد أن استخدمه، على الرغم من أن صندوق القمامة يبعد مترًا واحدًا عنه وعندما قال له: «ليه كده.. ليه ترميه على الأرض وبينك وبين الصندوق خطوتين» صدمه الشاب قائلًا: «دي شغلتك.. شغلتك تشيلها من الأرض».
وقال عبد الحميد بدوى، مشرف نظافة إن معاناة العمال تبدأ في الصباح الباكر، بعد عودة المواطنين لمساكنهم فجرًا وترك أكوام من النفايات في الشوارع والميادين، وكذلك مخلفات الباعة المتجولين، فيجد عمال النظافة أنفسهم في مواجهة هذه الأكوام، التي تؤرقهم بسبب الرائحة الكريهة التي تنبعث منها والحشرات الضارة التي تنمو فيها، فيقف العمال "في قلب المعركة" لمواجهة هذه النفايات "بأسلحة تقليدية"، تتجلى في المكنسة والجاروف وبعض المعدات المتواضعة، تجعلهم عُرضة للعدوى من المخلفات، فأصيب معظمهم بالأمراض.
واشتكت باتعة شحاتة، إحدى عاملات النظافة بمركز إهناسيا من إهدار حقوقهم على مدار 6 سنوات عمل بمشروع النظافة، وأكدت أن مرتبهم 250 جنيها، على الرغم من أن زملاءهم في المراكز الأخرى تجاوزت مرتباتهم حد الـ 600 جنيه، وطالبت محافظ بني سويف بمساندتهم والوقوف بجانبهم؛ لأن معظمهم يعولون أسرا يتعدى قوامها الـ6 أفراد في مراحل تعليمية مختلفة، وتحرير عقود شاملة لهم.
وقال رجب مبروك، أحد عمال النظافة بالوحدة المحلية بالفشن: نعمل في هذه المهنة لعدم وجود غيرها، مرتباتنا التي نحصل عليها لا تكفي شيئا، ومِنَّا من يعتمد على المكافآت؛ نظرًا لعدم تثبيتهم ويتم دفع هذه المرتبات لهم بعد تحصيل رسوم النظافة من المنازل، وفي حالة عدم تحصيل المبلغ المطلوب يتم تأجيل مرتبهم بالشهور، ويلجأ الكثير منهم إلى جمع البلاستيك والحديد أثناء عمله ويقوم ببيعه من أجل الحصول على أموال، مشيرًا إلى أن نسبة 90% من عمال النظافة مرضى بالفيروسات الكبدية نظرا لطبيعة عملهم في جمع القمامة التي يقومون بالإمساك بها بأيديهم، ويصرف للعامل يوميا بدل وجبة طعام لم تتخط العشرة جنيهات، بالإضافة إلى صرف بدل عدوى مرض بنفس الثمن.
ووجه على محمود، مشرف بمشروع النظافة عدة رسائل للمواطنين لمساعدة عمال النظافة في القيام بعملهم، قائلًا: «النفايات الحادة لفوها في ورق قديم أو قطعة قماش، أخرجوا أكياس القمامة قبل مرور سيارة التجميع لا بعدها، ضعوا أكياس القمامة مغلقة في الصناديق لا خارجها، إذا تبقى قليل من السوائل بالزجاجات أفرغوها قبل رميها، لأن السوائل تزيد من الروائح الكريهة».
من جانبه طالب النائب علي بدر، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب من المستشار هانى عبد الجابر بزيادة مرتبات عمال النظافة، مؤكدا أن رفع رواتب العاملين في مشروع النظافة لـ 2000 جنيه، على الأقل، ثم يعقبه قرارات بتشديد الرقابة عليهم لممارسة عملهم على أكمل وجه، للقضاء على هذه الأزمة ورفع القمامة من شوارع المحافظة، مطالبا بتوفير المعدات اللازمة في كل المدن والقرى، حتى يشعر المواطن بنتيجة هذا العمل.
من جانبه أكد الدكتور عاصم سلامة، نائب محافظ بني سويف أنه تم تكليفه من قبل المحافظ المستشار هاني عبد الجابر بمراجعة كافة مكونات منظومة النظافة بالمحافظة، لتقييم الوضع الحالي من كافة النواحي، والوقوف على نقاط القصور لتلافيها، وتقوية أوجه الدعم المتوافرة بالمنظومة، وذلك ضمن خطة المحافظة لتطوير المنظومة، التي يعتبر العامل أهم عناصرها، ونعكف حاليًا على وضع تصور عملي يمكن تنفيذه من قرارات لزيادة أجورهم، للدفع بالمنظومة نحو تحقيق أفضل نتائج.