شيء من الجبن.. لا يضر!!
قرأت هذا الأسبوع عن جريمة بشعة دارت حوادثها في منطقة عين شمس بدائرة قسم شرطة السلام مع أذان المغرب، حيث طعن "باسم سمكة" طالب، في أثناء خروجه من صالون حلاقة، لرفض ذلك الطالب إعطائه "الكاب" بعد ربع ساعة على مشادة كلامية بينهما، وظلّ واقفًا بجواره، يصرخ بأعلى صوته، قائلا: «الصمت لغة العظماء» حتى أن تأكد من وفاته ثم فر هاربا، قبل أن يسقط في قبضة رجال مباحث القاهرة.
وعند التدقيق في ملابسات الحادث تبين أن "باسم سمكة" القاتل هو بلطجي وتاجر مخدرات ويدير دولابًا لترويج المخدر القاتل المسمى بالأوستروكس، وعندما شاهد الطالب "أمير" في صالون حلاقة – وهو لا يعرف الطالب أصلا – وعلى رأسه "كاب" اقتحم المحل وأراد سلب الطالب ذلك "الكاب"، فرفض الطالب إعطائه إياه، ففتح باسم مطواة ليضرب بها الطالب لكن منعه حضور الحلاق الذي كان قد غادر لقضاء مصلحة سريعة، ففض الشجار بين "باسم" والطالب..
فخرج "باسم" من المحل ووقف يصرخ بجملة: «الصمت لغة العظماء»؛ مما يدل على أنه في حالة شديدة من التخدير، وأنه يقلد أحد الممثلين الذين أدخلوا البلطجة في عقول الشباب المصري وجعلوهم يظنون أن البطولة في أنك تسرق وتقتل وتقاوم الشرطة وتفعل ما تشاء دون أن تخاف، فنشأ جيل "باسم سمكة" وهذه قضية كبرى أخرى تحتاج وقفة من الدولة بعد أن صار الفن وسيلة لنشر البلطجة والعنف والتطرف.
المهم بعد قليل غادر الطالب المحل متوجها إلى منزله ففاجأه باسم بطعنه بمطواته في بطنه فسقط على الأرض، وخرجت أمعاؤه والأهالي في رعب، ولم يتدخل أحد لإسعاف الطالب خوفا من المتهم، الذي وقف شاهرا سلاحه الأبيض ويردد جملته: "الصمت لغة العظماء"، فأسرع إليه الحلاق وحمله وذهب به إلى المستشفى، لكنه كان قد فارق الحياة.
إلى هنا تنتهي أحداث تلك المشاهد من فيلم الرعب المقيت، تلك المشاهد التي تؤكد حقائق كثيرة أولها انتهاء الشهامة من الكثير من الشعب المصري، فلم يتكاتف الأهالي ويمنعوا ذلك البلطجي بالقوة أو ينقذوا الضحية ووقفوا يتفرجون على فيلم "عتريس"، وكلهم يردد في نفسه: "قليل من الخوف ميضرش" وصحة المقولة تكون "كثير من الجبن لا يضر".
وليس هذا موضوعنا الآن، لكن موضوعنا هو ما سبق أن نبهنا إليه من خطورة المخدرات خاصة الأوستروكس القاتل، الذي لن تنتهي به هذه الجريمة أو غيرها من الجرائم البشعة التي قرأنا عنها في الفترة السابقة، التي طالت كل المستويات الاجتماعية، لكن سيستمر مسلسل الجرائم البشعة ويزداد طالما أن القبضة الأمنية غير قادرة على إنهاء ذلك المسلسل الذي سيدمر مصر كلها، وقد ذكرنا أن كارثة المخدرات أشد بلاء من الإرهاب على مصر، وطالبنا بتخصيص عملية شرطية عسكرية تستهدف القضاء على تلك الكارثة اللعينة التي تظهر آثارها بصورة متكررة في تلك الجرائم البشعة، وستستمر طالما لم توجد المواجهة الشديدة لذلك الملف.
وألفت هنا النظر إلى معالجة ذلك الملف في دول ابتليت به بشدة من قبلنا مثل الفلبين الذي لم يجد رئيسها "رودريجو دوتيرت" في عام 2016 حلا سوى إبادة المدمنين والتجار، حيث تم انتخابه على أساس وعده للشعب أنه "سيخلص الفلبين من المجرمين، وقد أعطاه الشعب صوته نظرا؛ لأن الفلبين صارت تعاني هؤلاء معاناة شديدة فاقت التصورات، حيث كثرة بشدة جرائم القتل بسبب المخدرات وجرائم السلب والنهب -وهو ما يحدث الآن في مصر–..
وبالفعل بدأ الرئيس "رودريجو دوتيرت" عهده بالقضاء على المدمن والتاجر، وأعطى الأوامر الصريحة للشرطة وبعض المليشيات بقتل المدمن والتاجر في الحال وتم الأمر، وبعد عدة أسابيع كادت الفلبين تتخلص من خطر المخدرات، ولم يهتم رئيسها بتشبيهه من الدول المختلفة بهتلر لكنه اهتم بإنقاذ دولته وفعل ذلك.
كما قلده الرئيس الإندونيسي "جوكو ويدودو" حيث أصدر أمرا لضباط إنفاذ القانون، بإطلاق النار على مهربي المخدرات، في مسعى للتصدي لأزمة المواد المخدرة التي تواجه بلاده. وقال في خطاب ألقاه في مؤتمر نظمه أحد الأحزاب السياسية، في إندونيسيا: "كونوا صارمين خاصة مع تجار المخدرات الأجانب الذين يدخلون البلاد ويقاومون الاعتقال، أطلقوا النار عليهم، لأننا بالفعل نواجه وضعا طارئا فيما يتعلق بالمخدرات".
ورغم الحملة الواسعة من الانتقادات الدولية فلم يلتفت إليها ومضى في طريقه ليخلص بلاده من خطر أشد فداحة من الأعاصير والزلازل المدمرة.
وفي أمريكا طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنزال عقوبة الإعدام على تجار المخدرات في الولايات المتحدة لمكافحة إدمان المواد المخدرة، وقال الرئيس الأمريكي إن إدارته تحاول تعديل القوانين لتسمح بالحكم بالإعدام على تجار المخدرات، لكن خطته تواجه معارضة شديدة على الصعيدين السياسي والقضائي.
وأضاف ترامب، أثناء حديث ألقاه في مانشستر في ولاية نيو هامبشير: "إذا لم نضرب بقوة على أيدي تجار المخدرات، فنحن نضيع الوقت هباء، والضرب على أيديهم يتضمن عقوبة الإعدام".
فماذا نحن فاعلون في مصر؟ نحن فقط نطالب بإعدام التاجر مباشرة، والقبض على المدمنين وايداعهم دور الرعاية للعلاج وذلك بالقوة حتى لا يكونوا قنابل موقوتة تقتل أبناءنا وتسلبنا أمننا المادي والمعنوي.