عبدالله السناوي: ثورة يناير تعرضت للاختطاف.. وهناك من له ثأر معها ويريد نفى شرعيتها
- البرلمان الحالى هو الأسوأ في تاريخ مصر ولو أجرى استفتاء على حله ستكون النسبة 95%
- لا توجد أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقى في مصر الآن بسبب تقييد حركتها
- مصطفى مدبولى أقل خبرة في التعامل السياسي من شريف إسماعيل
- نحتاج إلى رئيس حكومة سياسي.. وغادة والي هي الوزيرة الوحيدة السياسية في حكومة مدبولى
لا ينكر أصحاب الفضل عليه في المجال الصحفى ومن وقفوا بجانبه، ليصبح من الكتاب الصحفيين المرموقين على الساحة، ويحفر اسما له بين كبار الكتاب، معترفا بأن الكاتب الصحفى حسنين هيكل أعاد تأهيله في مهنة صاحبة الجلالة، وهو يترأس تحرير جريدة العربى الناصرى، يرى الأمور على الساحة بعين ثاقبة، ولديه الكثير من الفهم حول الملفات المختلفة الداخلية منها والخارجية.. يرى أن حكومة المهندس مصطفى مدبولى أقل خبرة في التعامل السياسي، وأن الوزيرة السياسية الوحيدة داخل الحكومة هي غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، مشيرا إلى أن ثورة يناير اختطفت ولم تحكم، ويوليو هي الثورة الوحيدة التي حكمت بالمعنى الحقيقى... وإلى نص الحوار..
البداية كانت حول المواقف المتضاربة حاليا بشأن ثورة 25 يناير، التي تحدث عنها السناوى بمزيد من التشوق، وقال "التضارب في التقييم أو في النظر لثورة يناير لا يخص ثورة يناير فقط، بل يخص كل الثورات، نظرا لأن كل الثورات بعد انقضائها أو تراجعها أو اختطافها تتعرض إلى تنازع على شرعيتها، أو أن أهدافها لم تتحقق، فهناك من يكون له ثأر مع الثورة ويريد أن يشوهها وينفى أي إنجاز عنها وينفى شرعيتها نفسها، ويحولها إلى مؤامرة، وهو ما حدث مع ثورة يناير، ثورة يوليو كانت لها أهميتها في العالم، وكانت أهم ثورة في المنطقة، حيث كانت ثورة تحرر وطنى دعت إلى العدل الاجتماعي، وكانت هي أسباب رئيسية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وثورة يناير هي ثورة الاتصالات والمعلومات الحديثة فهى بنت عصرها، ولا يمكن نفى شرعيتها، ولا يمكن التراجع عما تبتغيه من أهداف، مهما هزمت مؤقتا.
سألناه ماذا لو لم تقم ثورة يناير فرد قائلا "ثورة يناير كانت ضرورية، انسداد القنوات السياسية والاجتماعية، شيخوخة نظام الحكم وما يتبعه من سياسات، أعتقد أنها كانت ضرورية وطبيعية والأمور كانت مرشحة للتفسخ الداخلى الأخطر وشيوع الجريمة وصراعات مراكز القوى داخل النظام، الثورة أكدت حق المصريين في الانتقال من عصر إلى آخر، وحقهم في التحول لدولة مدنية حديثة تؤكد على العدالة الاجتماعي والحريات السياسية والكرامة الإنسانية.
ومضى يستكمل حديثه عن ثورة يناير بقوله: "اختطفت ولم تحكم على الإطلاق، وهناك من له ثأر معها ويريد نفى شرعيتها، والثورة الوحيدة في التاريخ المصرى التي حكمت بالمعنى الحقيقى وأتيح أمامها الوقت لكى تغير معادلات المنطقة هي ثورة يوليو، الثورات الأخرى العرابية وثورة 19 ويناير، لم يتسن لها أن تحكم أو أن تضع برامجها وأهدافها، هي أشاعت روحا عامة عبرت عن إرادة التغيير لكنها اختطفت من جماعة الإخوان المسلمين هذا ما حدث، وأصبحنا أمام خيار صعب، ماذا نريد هل دولة مدنية أم دولة دينية، وهذا ما حدث في 30 يونيو.
كان هناك عوامل كثيرة ساعدت على السهولة النسبية لاختطاف ثورة يناير، منها أنه لم يكن لها قيادة معروفة أو عنوان سياسي يتحدث باسمها واعتمدت على المبادئ العامة، فأصبح من الممكن أن يتبنى شعارها أكثر المصريين غنى وأكثرهم فقرا، دون أن يكون واضحا ما الذي نعنيه بالعدالة الاجتماعية أو ما الإجراءات التي سوف تتولى السياسات.
ملف الحريات
انتقلنا معه إلى ملف الحريات في الوقت الحالى فقال إحدى المشكلات الرئيسية التي تولدت بعد 30 يونيو بعد انقضاء عهد الإخوان، معادلة الأمن والحرية، كيف نحفظ الأمن وندعمه في ظل حرب مع الإرهاب وأخطار محدقة بسلامة المجتمع، الشق الثانى هو الحرية كيف نحفظ الحريات العامة، لم يتم التوصل في أي لحظة منذ 30 يونيو حتى الآن إلى صياغة ممكنة لمعادلة الأمن والحرية، وانتهى الأمر أن هناك تقويضا كبيرا في الحريات، وأكبر دليل أن المجلس القومى لحقوق الإنسان لا يعمل بالشكل الكافى، نظرا لأن الحكومة أنشأت مجلسا جديدا من وزارات مختلفة لقضية حقوق الإنسان، ومعنى ذلك أن هناك استشعارا أن قضية حقوق الإنسان أصبحت عبئا على استقرار الدولة، نحن لسنا في حاجة إلى هذه المجالس بقدر أننا في حاجة لسياسات وإجراءات على الأرض.
سألناه أيهما أهم في بناء الدولة.. بناء الحجر أم البشر فرد علينا: الاثنان والفكر يرد عليه بالفكر، أظن أن مشكلة مصر أنها في حاجة إلى أن تتنفس سياسيا، وفى الثقافة لا نستطيع الرهان على مجتمع مغلق، جمال عبد الناصر بعد نكسة 67 تبنى المجتمع المفتوح، وقال إن المجتمع المغلق أدى إلى ما حدث، نحتاج إلى أن نتعلم من الماضى ولا نكرر أخطاءه، ولابد أن نعلم أن المجتمع المفتوح هو الذي يحصن المجتمع ويقويه، حدث تآكل لغياب جودة التعليم وغياب أي مشروع ثقافى، وقوة مصر الناعمة تآكلت.
ملف الحكومة
انتقلنا معه إلى ملف حكومة المهندس مصطفى مدبولى والاختلاف بينها وبين سابقتها فقال: أعتقد أنها استطراد لنفس سياسات حكومة شريف إسماعيل ونفس الأفكار ونفس التركيبة العامة في إدارة الملفات المختلفة، الملحوظة الأولى هي عند اختيار رئيس الوزراء الجديد مصطفى مدبولى، يكاد يتشابه في المقومات العامة، هو تقنى وماهر في مجاله، وأيضا نستطيع أن نقول شريف إسماعيل في البترول ومدبولى في الإسكان، لم نجد عنه أي عمل سياسي بأى درجة ولا في أي مكان قبل توليه منصبه الذي هو بالتعريف منصب سياسي، الدستور يقول إن رئيس الوزراء شريك مع رئيس الجمهورية في السياسات العامة، هو منصب سياسي، ورغم الكفاءة المهنية لكنه لا خبرة سياسية له، وجود إسماعيل في الوزارة لفترة طويلة أكسبه خبرة سياسية، واستطاع أن يحفظ ملفاته، عندما قابلته كان يقرأ الأرقام، فهو اكتسب خبرة سياسية أكبر من مدبولى، ومدبولى أقل خبرة في التعامل السياسي من شريف إسماعيل، نحتاج إلى رئيس وزراء سياسي، لا يوجد في مصر منذ 52 حكومة سياسية، ولا نستطيع أن نتحدث عن حكومة سياسية، باستثناء حكومة واحدة حكومة ما بعد 30 يونيو حازم الببلاوى، كان بها وزراء لهم خلفيات سياسية سابقة، والوزير السياسي الوحيد في حكومة مدبولى هو غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، تذهب إلى المعارض التشكيلية والندوات الثقافية وفى جلسات توقيع الكتب عندما تتحدث تذاكر جيدا، وتبدو أنها ملمة بالموضوع، في خطابها العام لديها القماشة السياسية وهو ما يفتقده جميع الوزراء، مع أن لديهم الكفاءة في تخصصهم، وبعض الوزراء يتسببون في مشكلات بسبب عدم الوعى السياسي.
الاقتراض من الخارج
سألناه عن سياسة الاقتراض التي تتبعها الحكومة وهل سوف تسهم في عملية بناء حقيقية أم أنها أعباء جديدة تضاف للأجيال القادمة قال: بالطبع أعباء جديدة، موضحا أن حجم الدين الخارجى لدينا يصل إلى 92 مليون دولار بل تجاوز ذلك، لابد من إيقاف الاقتراض، وهذا أمر لابد أن يكون من خلال مناقشة أمام الرأى العام، إذا كنا نرفع الدعم ونزود تكلفة الخدمات على المواطنين، لابد على الأقل أن تكون هذه الأمور في مقابل عدم زيادة الدين الخارجي، أخشى بهذه الطريقة إذا لم تتم مراجعة السياسة المالية أن تنفلت الأمور، لابد من نظرة في السياسة الاقتصادية، لدينا مشكلة، وهى أن القطاع الخاص لا يعمل بطريقة جيدة، والقطاع العام يوجد ضباب، والهدف الآن هو بيعه، بالتالى الآلية الاقتصادية غير مطمئنة، وهذا يستدعى الحديث مع كبار الاقتصاديين، نظرا لأن الحكومة لا تحتكر الحقيقة وحدها.
مجلس النواب
سألناه عن أداء مجلس النواب فكان الرد قاسيا قال: أعتقد أنه أسوأ مجلس نيابى في تاريخ مصر، إذا ما قرر الرئيس إجراء استفتاء على بقاء أو حل البرلمان وهو حق دستورى له، أنا أظن النسبة لن تكون أقل من 95%، نظرا لأنه فاقد الغطاء الشعبى، المجالس النيابية تكتسب حيويتها عندما تؤدى أدوارها الدستورية، وهو الرقابة على عمل الحكومة، ولا يوجد حتى الآن استجواب واحد في البرلمان لأى وزير، لم يحدث في كل المجالس السابقة، سواء مبارك أو السادات أو عبد الناصر، المشكلة الدور الرقابى غائب والدور التشريعي هناك أسئلة كثيرة حول القوانين التي صدرت، ومنها قانون الجمعيات الأهلية، الذي أعاده الرئيس للمجلس مرة أخرى، وهو مثال لطريقة صنع القوانين أيضا.
الأحزاب والدمج
تطرقنا معه إلى ملف الأحزاب السياسية ومقترحات دمجها حيث قال: أرى أنه لا توجد أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقى في مصر الآن، نظرا لتقييد حركتها والمجال العام أصبح ضيقا، وبالتالى الأحزاب لا تقوى ولا تنشط إلا في حياة سياسية حقيقية، ولا توجد حياة سياسية في مصر، والنتيجة الطبيعية أنه لم تعد هناك أحزاب، وهو ما يعطى فراغا كبيرا، وأظن أن المستفيد الأساسى من هذا الفراغ هو جماعة الإخوان، فإذا ما اختلت الأمور فعودتها مؤكدة.
قوة مصر الناعمة
وعن قوة مصر الناعمة قال: لابد أن نفرق بين القوة الناعمة والقوة الكامنة، مصر تستطيع أن تخرج فائزة من السباق الإقليمى عند نهاية المطاف، نظرا لأن هناك مقومات تتعلق بقوتها الكامنة وليست الناعمة، لديها قوة عسكرية يعتد بها في أي حساب، وأمور كثيرة أيضا تتميز بها مصر، لكن هناك عوامل موضوعية كثيرة، القوة الناعمة تآكلت إلى حد كبير في مصر، وهي ليست مجرد الفن والسينما والثقافة والأزهر والكنيسة وفقط، نحتاج إلى مشروع ثقافي ومشروع تجديد، لكى نحرك القوى الناعمة لدينا، لكن القوى الكامنة موجودة بالفعل، الأزهر والكنيسة موجودان، لدينا قوة كامنة هائلة والناعمة متآكلة، نحتاج إلى ضخ دماء جديدة في القوى الكامنة لكى نحرك القوى الناعمة، وهذا يحتاج إلى سياسات وعدالة اجتماعية ومشروعات ثقافية، والإعلام أيضا هو واجهة المجتمع.
وتطرقنا في الحوار إلى ملف الصحافة الورقية التي تواجه أزمات ويتراجع توزيعها وترقص الرقصة الأخيرة فقال: "الصحافة الورقية تشهد انخفاضا كبيرا في نسب التوزيع، نتحدث عن 300 إلى 350 ألف نسخة يوميا توزع في مصر، رغم الزيادة الهائلة في عدد السكان، فهناك أكثر من عامل وراء تراجع التوزيع منها الحريات الصحفية وهي عامل أساسى، وما يقدم من خدمة أيضا للقارئ.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...