هل يمكن لـ«داعش» أن تعود من جديد؟
بين الحين والآخر يقع العشرات من الضحايا في بلاد مختلفة من العالم وآخرها في مصر بسبب الإرهاب. الحادث الأخير للأتوبيس المنيا أوقع سبع ضحايا هذا بخلاف المصابين. داعش أو تنظيم الدولة الإسلامية كما تطلق على نفسها أعلنت مسؤوليتها عن الحادث في وقت يظن العالم أن داعش قد انتهت تقريبا.
حادث إطلاق النار على أتوبيس المنيا يشير إلى مجموعة من الدلائل بشأن التنظيم. أولى هذه الدلائل مرتبط بطبيعة الحوادث التي ترتكبها داعش، فالتنظيم لا يقوم حاليا بعمليات انتحارية في المدن وهو ما يدل على عدم قدرة التنظيم على التحرك بسهولة في المدن. حادث أتوبيس المنيا وقع في الظهير الصحراوي الغربي، حيث يسهل الاختباء بعيدا عن الأعين.
هناك حادثان مماثلان مرتبطان بالصحراء الغربية: الحادث الذي تم نصب فيه كمين لقوات مكافحة الإرهاب، وحادث أتوبيس بني سويف في العام الماضي، وهو ما يفتح الباب على سؤال مهم مرتبط بقدرة التنظيم على الحصول على أسلحة وتمويل من خلال الحدود الليبية.
حادثتا أتوبيس بني سويف والمنيا تتشابهان في أمرين: أولا: المكان وهو ما يعني أن داعش ما زالت تستغل الظهير الصحراوي الغربي للاختباء. الأمر الثاني مرتبط بالقدرة على الرصد والمتابعة والتخطيط للحوادث، فاستهداف أتوبيس المنيا في أثناء عودته يعني أن هناك من كان يراقب الحافلة في طريقها إلى الدير، وأن هناك اتصالات سريعة تمت بين أعضاء التنظيم لاعتراض الأتوبيس أثناء عودته وإطلاق النار عليه.
الحوادث المتفرقة لتنظيم داعش يطرح سؤالا عن إمكانية أن تعاود داعش نشاطها بشكل مكثف من جديد. وزارة الدفاع الأمريكية –البنتاجون- ردت على هذا السؤال في أغسطس الماضي في تقرير قالت فيه ما هو أخطر من مجرد معاودة داعش لنشاطها حيث جاء على لسان "شون روبرتسون"، المتحدث باسم البنتاجون: "إن التنظيم في موقع جيد لإعادة البناء والعمل مجددا على تمكين خليفته من الظهور"، مضيفًا أن تنظيم الدولة أكثر قدرة من القاعدة، وأنها لا تزال تشكل خطرًا.
التقارير الغربية تؤكد أن داعش ما زالت نشطة في دول مثل أفغانستان، وليبيا، ونيجيريا، وأن قوات مكافحة الإرهاب في أوروبا التي تمكنت من رصد عدد من العمليات الإرهابية قبل وقوعها أكدت أن هذه العمليات تم التخطيط لها في أفغانستان. من الهزل أن نعتقد أن تنظيم الدول قد أنتهى، فالتنظيمات الإرهابية لا تموت، تتفكك وتندمج وتأخذ أشكالا أخرى، فالكثير من مريدي وأعضاء تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة انضموا إلى داعش.
الفكر التكفيري القائم على قتل كل من لا يعلن ولاءه للتنظيم لا يمكن مواجهته أمنيا فقط. فالمطلب الدائم بـ"بتجفيف منابع الإرهاب" يسعى غالبًا إلى مواجهة الإرهاب أمنيًا، المعركة الكبرى ضد الإرهاب في حقيقتها معركة "فكرية"، فالدول قد تتمكن من "تجفيف منابع الإرهاب" أمنيًا لفترة، ولكن الإرهاب لن يلبث أن ينبع من جديد، طالما هناك مصادر مستمرة لهذا النبع.