«سر ألاعيب شيحة».. بطولات تروى قصة فارس دمياط الخفي
ألاعيب شيحة جملة اشتهرت كثيرًا بين جموع الدمايطة، بل ذاع صيتها حتى بلغ ربوع مصر كلها، جسدت تلك المواقف قصة حياة واحدًا من أبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ دمياط، أنه ذلك البطل الذي داهم بذكائه حصون الصليبيين، وهو "جمال الدين شيحة".
ولد "جمال الدين شيحة" 657 ه بإحدى قرى سوريا، تعلم فنون القتال منذ أن كان في العاشرة من عمره، ثم التحق بالمدرسة الإسماعيلية للدعوة بسوريا، ثم كون مجموعة فدائيين لصد هجمات الفرنجة، ذاع صيته فلم يمكث بسوريا طويلًا حتى استدعاه السلطان المملوكي، الظاهر بيبرس إلى القاهرة ليبدأ مسيرته في مواجهة "الصليبيين"، ولكن تحت لواء السلطان، ذكائه الشديد كان سببًا في تحقيق انتصارات على الحملات الصليبية آنذاك، كما كان صاحب الفضل في إسناد مهام شئون الفدائيين إليه ليصبح مستشار السلطان لشئون الفدائيين.
4 سنوات فقط قضاها القائد شيحة بالمحروسة، نفذ خلالها مهام سرية لمواجهة الأعداء، حتى رصد تحركات الصليبيين نحو محافظة دمياط قاصدين احتلال شمال مصر، فذهب القائد الخفى ملاحقًا أساطيل الفرنجة البحرية، وتشهد مدينة عزبة البرج ملحمة قوية، ولكن تمكن الصليبيون بعدتهم من دخول دمياط، جولات عديدة تشهدها دمياط في هذه الأثناء، وبدأ صيت فارس دمياط الخفى ينتشر بين البسطاء حتى أصبح حديث جلساتهم.
التقى "شيحة" بالعارف بالله محمد بن فاتح الأسود التكروري، أحد مشايخ الصوفية أثناء مطاردة جنود الحملة الصليبية لقائد دمياط، والذي اختبأ داخل منزل متواضع حتى مرت الحملة دون العثور عليه، ليتحالفا سويًا بعد ذلك، وبعد مرور 6 أشهر فقط، كون القائد جمال الدين شيحة فرقا من الفدائيين للزود عن دمياط.
وتأتي الجملة الأشهر "ألاعيب شيحة"، والتي كانت سر قوته فهو واحدًا من أشهر المتنكرين في التاريخ، وأول من قدم أكثر من شخصية لكشف مخططات العدو، إتقانه فن التنكر جعل قادة الحملة الصليبية يبحثون عن سراب على مدار سنوات عديدة، فتارة يبيع الألبان، وتاره صانع أحذية، وتارة أخرى راع للأغنام، ولكنها شخصيات تمكن خلالها قائدنا العظيم من تحقيق أهدافه ودحر الأعداء في كثير من المناسبات، حتى أصبح رمزًا للنضال، كما كان له الفضل في ظهور مقاهى "الظاهرية"، والتي شيدت خصيصًا لتروى بطولات القائد "شيحة" بشكل إنشادي.
وصلت أنباء مرض القائد الخفى إلى السلطان "بيبرس" ليأمر بسرعة إحضاره إلى المحروسة مرة أخرى بحثًا عن العلاج، أيضًا لم يريد السلطان أن يعرف أعداءه بهذا الخبر، ولكن لم يتمكن الظاهر بيبرس من إنقاذ بطله، ليموت جمال الدين شيحة بدمياط في عام 729ه، بعدها ذهب السلطان إلى مسكنه ليصدر تعليمات بتحويل مسكنه إلى متحف شعبى، ودفن شيحة قرب مسجد عمرو بن العاص.
انتهت حياة جمال الدين شيحة ولكن تظل سيرته باقية، وتظل "ألاعيب شيحة" باقية تخبرنا بأسرار صاحبها.