من مولد للحلوي والعرائس إلى مولد للمعاني والقيم!
البهجة مطلوبة لكن العلم فريضة.. إدخال السرور على الأطفال عمل رائع والأروع أن نعلمهم العلم النافع وأن نربيهم التربية الصحيحة.
المقدمة السابقة ضرورية لنعرف أن ليس هدف السطور التالية منع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إنما توجيه الاحتفال توجيها صحيحا.. فالأطفال يأكلون الحلوي ثم نتركهم لمن يعلمهم السنة والسيرة بشكل خاطئ.. بعيدا عن أهداف السنة وقيم السيرة.. مثلا.. كثيرون.. كبار وصغار يعرفون أن الرسول عليه الصلاة والسلام اختار خالد بن الوليد بعد إسلامه قائدا للجيش.. حسنا.. ثم ماذا؟
لم نعلمهم التفكير والاستنتاج وإدراك المعاني.. لم يقل لهم أحد إن هذا الاختيار يعني أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلمنا أن الاختيار للوظائف العامة يكون بمعيار الكفاءة.. وليس بمعايير أخرى منها القرابة ولا النفوذ ولا حتى التدين.. فلو كان التدين لكان أولى بالقيادة كثيرون آخرون.. أبو عبيدة بن الجراح أو عبد الله بن مسعود أو طلحة بن عبيد الله، أو أي واحد من العشرة المبشرين بالجنة، رضي الله عنهم جميعا.. لكن لا.. ولا حتى من السابقين للإسلام.. إنما الأكفأ!
كلنا نعلم استبقاء معاذ بن جبل في مكة يعلم الناس القرآن بعد فتحها.. هذه القصة.. إنما كيف نستنتج منها قيمة محددة؟ معناها أيضا الأكفأ.. الرجل المناسب في المكان المناسب.. إذ رغم مشاعر القبلية المتأججة والتعصب الذي كان لم يزل موجودا وقتها ورغم جراح فتح مكة في نفوس بعض المكيين لم يستبق الرسول فيها واحدا من أهلها المسلمين ليعلم أهلها القرآن وأحكام الدين.. إنما أيضا الأكفأ! وهكذا عشرات الأمثلة ولكل منهم أكثر من قيمة ومن معني!
لا يصح ونحن في القرن الواحد والعشرين ونطالب بتجديد الفكر الديني وخطابه ولم يزل كل أفق الأمة في ذكري مولد رسولها العظيم هو تناول الحلوى!
استفيقوا يرحمكم الله !