رئيس التحرير
عصام كامل

«تعليم في حضرة الموت».. مدرسة بحلوان بجوار المقابر (فيديو وصور)

فيتو

صمت مطبق يخيم على المكان، رائحة الموت تفوح في جميع الطرقات.. طريق طويل يسكنه الموتى على الجانبين، يوجد بنهايته آخر ما تتوقع أن تراه وسط الموتى.. إنها مدرسة، فبدلا من أن يكون العلم هو مصدر للنور والحياة لأطفال صغار يصبح مصدرا للخوف.


"أنتم السابقون ونحن اللاحقون".. أول جملة يبدأ الطفل في تعلمها وسماعها مع بداية مشواره التعليمي، فور التحاقه بمدرسة "بنك الإسكندرية الابتدائية والإعدادية بنات" بمنطقة عرب راشد بحلوان، التابعة لإدارة التبين بالقاهرة، والتي يفصلها عن المقابر المواجهة لها أقل من 5 أمتار.

اعتاد الأطفال على بدء يومهم الدراسي بالترحم على الأموات مع بداية كل صباح، ليسيروا ينظرون لمستقبل آت بين جثث الموتى. الخوف يتملكهم بكل لحظة يمرون بها بين المقابر لمحاولة الوصول إلى مدرستهم الخاصة لتلقي العلم بأحدث أنظمة، التي أقرتها وزارة التربية والتعليم مؤخرا بالعام الدراسي الجديد 2018-2019، دون أدنى نظر للواقع الأليم التي تعانيه المدارس من إهمال وغيره، وخاصة بالمناطق العشوائية.

يقول حسام أحد طلاب الصفوف الابتدائية بالمدرسة لـ"فيتو": "وأنا ورايح شوفت دفنه، والناس بتصوت ومكنتش عايز أجي المدرسة تاني؛ لأن المدرسة في وسط الترب وبنخاف واحنا مروحين".

قصص وحكاوي يرويها لك التلاميذ فور التحدث معهم عما يرونه خلال طريقهم وسط المقابر إلى المدرسة، بدلا من قصص نجاح العلماء والعظماء وحضارة الـ 7 آلاف سنة، فيقول مصطفى بالصف الرابع: "مرة وانا رايح المدرسة شوفت راجل شايل شوال على ظهره كبير وبينقط دم منه، وأول ما شفته خفت وجريت بسرعة، دا غير اللي بيضربوا استروكس جوا المقابر، وبنشوف دايما السرنجات مرمية على الأرض واحنا ماشين".

تقول خلود إحدى طالبات الصف الأول الإعدادي بمدرسة بنك الإسكندرية:" بخاف كل يوم وأنا رايحة المدرسة وماشية في المقابر، بس مفيش طريق سهل نروح منه غيره، وبنمشي مجموعات إحنا وأصحابي عشان نشجع ونحمي بعض، بس وإحنا قاعدين في الفصل بنسمع صراخ وصويت لما بيجوا يدفنوا حد ونشوف الجنازات بعنينا، دا غير أن مرة واحد راكب توك توك حاول يخطف بنت من حوش المدرسة عشان السور مكسور".


وتؤكد ألفت، ولية أمر، أنها تحرص دائما على إحضار أبنائها إلى المدرسة كل صباح خوفا عليهم، قائلة: "كل يوم بوديهم المدرسة وبجبهم لأن دول أطفال صغيرين مينفعش يروحوا لوحدهم بالطريق ده، ممكن يتعرضوا لأي أذى أو يحصلهم حاجة لأن المنطقة وحشة، أنا مرة شفت واحد بيحاول يخطف واحدة ما بالك بالعيال الصغيرة هيعملوا فيهم إيه". 


"ربيع" ولي أمر أحد التلاميذ يقول: "بنعلم أولادنا الخوف والرعب كل يوم، بس هنعمل ايه هي دي المدرسة اللي قريبة مننا مع أن أقل فصل فيه 60 و70 طالبا في الفصل الواحد، وكل يوم لازم نوديهم ونجيبهم؛ لأننا بنقلق وبنخاف عليهم، وياريت ينقلوا المدرسة دي من قدام المقابر، أو يفتحوا باب المدرسة التاني اللي ناحيه البيوت بدل من باب المقابر".


وأكد مصدر داخل المدرسة أن المدرسة تفعل ما بوسعها لتأمين التلاميذ والطالبات، وذلك من خلال تركيب 12 كاميرا مراقبة داخل المدرسة وعلى الأبواب الخاصة بها لرصد أي شيء خارج عن المألوف، ومخاطبة الإدارة التعليمية دائما لبناء السور المهدم الخاص بالمدرسة الإعدادية للطالبات.
الجريدة الرسمية