رئيس التحرير
عصام كامل

إمبراطورية ماكرون.. عودة الهيمنة الفرنسية على بلاد المغرب العربي

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

بعد انتهاء عصر الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، والذي كان يحاول فرض هيمنة بلاده على أفريقيا خصوصا الدول الناطقة باللغة الفرنسية، جاء الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون ليحاول إعادة فرض تلك الهيمنة ولكن بشكل مختلف، فهو يسعى لضمان نفوذ قائم على التدخل من أجل حل أزمات تلك الدول، وزيادة التبادل التجاري معها وتصحيح ما قام به أسلافه من أزمات أدت لتدهور أوضاع ليبيا والعلاقات مع تونس والمغرب والجزائر.


وتتصدر فرنسا قائمة الشركاء التجاريين للمغرب، وسجلت صادراتها للرباط نحو 40 % من إجمالي المواد التي تستوردها الأخيرة، وتحافظ فرنسا على تصدرها قائمة المستثمرين الأجانب بها، وبلغت حصة فرنسا 26.4 % أي ما يقدر بنحو 809 ملايين يورو من مجموع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

أما تونس فتحتل المرتبة الثانية في قائمة المستثمرين الفرنسيين بها، بنسبة تبلغ 16%، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 7.4 مليارات يورو، وتأتي الجزائر على رأس قائمة الشركاء التجاريين لفرنسا في القارة الأفريقية وتحتل المرتبة الثالثة في قائمة أسواق الصادرات الفرنسية بعد الصين وروسيا، ويبلغ إجمالي صادرات باريس لها نحو 1.98 مليار يورو.

ليبيا
وتحاول فرنسا جاهدة لتولى زعامة حل الأزمة الليبية رغم المنافسة الشديدة التي تواجهها من إيطاليا، وفي أغسطس الماضي أعلن وزير الخارجية الفرنسى جون إيف لودريان، أن بلاده تتحمل مسئولية تاريخية ولديها مصلحة في عودة الاستقرار لليبيا.

وأكد دعمه لكل المبادرات الرامية لحل الصراع القائم، ووصل الأمر لمطالبته بفرض عقوبات على معرقلي عملية السلام بالبلد الأفريقي.

وتترأس فرنسا من وقت لآخر اجتماعات بمشاركة دبلوماسيين غربيين وعرب بشأن ليبيا، من أجل وضع خطة لإجراء الانتخابات، كما رعا ماكرون لقاء بين المشير خليفة حفتر ورئيس وزراء حكومة الوفاق فايز السراج في سبتمبر 2017 للتوصل لحلول بينهما، وسارعت حكومته لإجراء اتفاقيات عسكرية مع ليبيا من أجل شراء طائرات عسكرية ومدنية وخافرات سواحل وسفن حربية وأجهزة رادار، وهو ما كشفت عنه مصادر تونسية في سبتمبر الماضي.

تونس
وفي يناير الماضي، زار ماكرون تونس والتقى برئيسها الباجي قايد السبسي، وأكد أنه لا خيار لبلاده سوى دعمها في بناء التجربة الديمقراطية بعد الثورة، والتعاون معها في مكافحة الإرهاب، ثم في نوفمبر من العام الجاري، دعا رئيسها للمشاركة في مؤتمر "باريس للسلام".

كما حاول التدخل بدبلوماسية في الأزمة بين السبسي وحكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد وكذلك الانتقادات الموجهة للأول بشأن القوانين المتعلقة بالمرأة، مؤكدا تأييده للرئيس في معاركه خلال كلمة له أمام القمة الفرنكوفونية في بريفان، منذ يومين، وأثنى عليه بشأن تبنيه لعدة قوانين بشأن حقوق الإنسان وحق الحرية والحق في الزواج والحق في الإرث.

المغرب
وبالأمس، ترأس ماكرون افتتاح أول قطار سريع في أفريقيا، يربط بين طنجة والدار البيضاء، وساهمت فرنسا في إنشاء المشروع الضخم بالإشراف والدعم المالي، وذلك ضمن خطتها لتوثيق الصلة بالمغرب التي باتت أهم الدول التي تعترض وصول المهاجرين لأوروبا.

وتعتبر زيارة ماكرون ذات أهمية كبرى، خاصة بعد حدوث توترات بينهما على أثر مزعم الأولى بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان بالرباط.

الجزائر
وحاول ماكرون تأسيس علاقة مع الجزائر على أساس تصحيح أخطاء الماضي، فاعترف بأن بلاده ارتكبت جرائم وأقامت نظام تعذيب خلال حرب الجزائر عام 1954، وذلك بعد انتقاده بشأن استعمار بلاده للجزائر، وفي ديسمبر 2017، قام بأول زيارة للبلد الناطق بالفرنسية، أكد فيها على العلاقات بين البلدين وتجاوز خلافات الاستعمار.

وفي أكتوبر الماضي، وقع البلدان على اتفاق لإنشاء صندوق استثماري مشترك سمي بـ"إعلان نية" لأنه فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين ويهدف لتمويل استثمارات الجزائريين الراغبين في الاستثمار بفرنسا، وكذلك رجال الأعمال الفرنسيين في الجزائر.

الأزمة بين المغرب والجزائر
كما حاولت فرنسا التدخل لحل الخلافات بين الجزائر والمغرب ويأتي على رأسها قضية الصحراء الغربية التي تتنازع عليها الدولتان.

وأشادت وزارة الخارجية الفرنسية الأسبوع الماضي بدعوة ملك المغرب محمد السادس للحوار مع الجزائر، موضحة أنها أكدت دائما على قوة العلاقات بين البلدين وتعمل على المقترح لعودة العلاقات مرة أخرى.
الجريدة الرسمية