رئيس التحرير
عصام كامل

استقالة «الحرب».. بعد رحيل «ليبرمان».. خبراء يرسمون خريطة مستقبل غزة بين الهدنة الطويلة والتصعيد.. «نتنياهو» باق لسنوات أخرى مقبلة.. ورحيل وزير دفاع الاحتلال تمهيد لمكاسب

الدكتور فؤاد عبد
الدكتور فؤاد عبد الواحد

«رحيل وزير الحرب».. كان الشارع الفلسطيني على موعد مع فرحة قادمة من ناحية «تل أبيب»، التي لم تكن هي الأخرى أقل فرحًا، تحديدًا اليمين المتطرف، لا سيما أن استقالة وزير الحرب الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، تحمل تأويلات شتى، الإثارة فيها تغلب على كل شيء لتبقى الانتخابات الإسرائيلية المقبلة العنصر الحاسم لتلك التأويلات، التي منها أنها انتصار ساحق للمقاومة وانهيار لحكومة نتنياهو.


على وقع الاستقالة ذاتها.. هناك من ذهب بعيدًا إلى إمكانية تحقيق هدنة طويلة الأمد بين المقاومة وإسرائيل، لكن في كل الأحوال مهما كان هناك انتصار فإن فرضية حصول «ليبرمان» على مكاسب أكبر من الاستقالة يعني فشل كل شيء، ويختلف المراقبون حول إمكانية نجاح الوزير المستقيل في تشكيل حكومة الاحتلال المقبلة، لكنهم يتفقون على أن إقدامه على الخطوة نابع من رغبته في تحقيق مكاسب أكبر.

مناورة سياسية
في هذا السياق.. قال الدكتور فؤاد عبد الواحد، أستاذ اللغة العبرية المتخصص في الشأن الإسرائيلي: استقالة ليبرمان تعد مناورة سياسية مكشوفة ولعبة قديمة، وليس اعترافًا بالهزيمة كما يرى البعض، لأن الاعتراف بالهزيمة ليس بهذه البساطة ولا يكون في مثل هذه الظروف التي تتضمن الهجوم الصاروخي من قبل حماس، لكن «ليبرمان» لديه تطلعات سياسية تفوق منصبه كوزير للدفاع، ويحاول استغلال أي فرصة للنيل من نتنياهو وشعبيته.

«د. فؤاد» أضاف: رغم ذلك لا أتوقع أن يتولى ليبرمان منصب رئيس الوزراء القادم، لأن «نتنياهو» يمتلك من الحنكة والخبرة السياسية ما يكفل له الاستمرار لسنوات أخرى مقبلة، وبالنسبة للمقاومة فإن استقالة ليبرمان بمثابة انتصار معنوي أكثر منه انتصار عسكري وسوف تستثمره إسرائيل أفضل استثمار، ويمكننا النظر إلى تصريحات مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، حيث صرح أن المواطنين الإسرائيليين يتعرضون للقصف المكثف وأنهم يجلسون في المخابئ.

وتابع: إسرائيل تحاول الآن ضبط النفس من أجل المضي قدمًا في صفقة القرن وتركز اهتمامها حاليًا على فتح قنوات اتصال مع المزيد من الدول العربية خصوصًا دول الخليج وأي عملية ضد غزة حاليًا ستفسد هذا التوجه، وأتوقع أنها ستحاول الظهور بمظهر الداعي للسلام حتى تستقطب ما بقي من دول الخليج العربي، وهذا التوجه أهم بكثير لديها من الرد على هجوم حماس في الوقت الحالي، علمًا بأن حسابات السياسة الإسرائيلية كثيرة ومعقدة.

فشل تحليل
بدوره.. قال الدكتور، طارق الفرا، أستاذ العلوم السياسية: ما ذهب إليه البعض أن استقالة ليبرمان هي فشل تحليل غير صحيح، لأنه لم ينه حياته العسكرية، لكنه يسعى إلى إجراء انتخابات مبكرة أي إن لديه طموحا لخوض معركة جديدة، فهو قدم استقالته كوزير للحرب لكن في الواقع قد تكون حظوظه كبيرة وكذلك زعيم حزب البيت اليهودي، نفتالي بينت إذا يطمع الاثنان في تشكيل الحكومة المقبلة، والمتابع لمسيرة ليبرمان يجد أنه نجح منذ عام 1999 حتى يومنا هذا في تحقيق بقاء دائم في الكنيست، وتولي وزارة الخارجية قبل أن يكون وزيرًا للدفاع، وبالتالي حقق نجاحات سياسية متتالية، لذا فإن قرار الاستقالة يرجع إلى رغبة منه في الحصول على مكاسب أكبر لتنفيذ ثأره من الفلسطينيين.

«د. الفرا» واصل حديثه: نتنياهو ظهر في الصورة لحظة إعلان ليبرمان الاستقالة شاحب الوجه، لأن الاستقالة وما يصاحبها من صراع على الأصوات المتطرفة ليس في صالحه كما يرى البعض، إنما في صالح كل من بينت وليبرمان الذين نجحوا في حشد تظاهرات المستوطنين ضد الجيش ونتنياهو الذي يواجه العديد من المشكلات فاتجه إلى خليج وعمان وهنا وهناك للتغطية على مشاكله.

وحول إمكانية أن يؤدي وقف إطلاق النار الذي وقع بعد جولة التصعيد الأخيرة بين حماس وإسرائيل إلى هدنة طويلة الأمد، أكد «الفرا» أن حماس لديها القدرة على استيعاب أن هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل في ظل الوضع الصعب للقطاع والحصار ليست بالشيء الُمجدي لكن هدوء مقابل هدوء، فعادة ما يجري تصعيد معين تتبعه هدنة ليست طويلة، لأن إستراتيجيات الاحتلال تعتمد على التهدئة التي يصاحبها التحضير لعملية استخبارتية أو الكشف عن إنفاق ومن ثم يعيد الكرة، وهذا ما يفعله «نتنياهو» منذ توليه الحكم، إذ إنه دائمًا يسعى إلى إبقاء حالة الحرب، وفيما يخص الجولة الأخيرة السريعة بين المقاومة وإسرائيل فيمكن القول إنها سُجلت للمقاومة ورسالة للاحتلال أنها قادرة على أن تدافع عن نفسها، وفي الوقت نفسه هو نوع من النصر الذي يبعث على الأمل ورفع الحالة المعنوية للفلسطينيين في غزة بعد أن أصبحت منطقة منكوبة.

وأردف: في المقابل فإن الاحتلال حذر ولن يسكت كنوع من غدر الاحتلال وربما يحضر لعملية قريبة، فهو دائمًا ما ينظر لنفسه على أنه الأكثر تفوقًا ويركز على الحالة النفسية لجنود الجيش، ويرفض أن يكون هناك شيء قد يؤثر على معنويته، لذلك في المرحلة المقبلة سيسعى لإعادة الروح المعنوية لقواته بعملية جديدة، لن تصل إلى حد حرب طويلة مثل الحرب الأخيرة التي استمرت 52 يومًا، فلا يوجد بوادر لذلك، لكن من الممكن اغتيال شخصية معينة كبيرة الحجم، اكتشاف نفق ما أو الحصول على معلومات استخباراتية مهمة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية