محمد فريد.. أول مصرى يمتهن المحاماة من الأثرياء
قضية صغيرة في المحكمة غيرت مستقبل المناضل الثائر محمد فريد (ولد 15 نوفمبر 1919) رفيق كفاح الزعيم مصطفى كامل.
وكما نشرت مجلة (المجتمع العربى ) عام 1959 بدأت الأحداث بنشر جريدة المؤيد برقية قيل إنها سرية تتضمن أخبارا عن أوضاع الجنود المصريين في السودان.
قدم الشيخ على يوسف رئيس تحرير المؤيد وعامل التلغراف توفيق أفندى كيرلس للمحاكمة، وتمت محاكمتهم في نوفمبر 1896، وتحولت جلساتها إلى مظاهرة شاركت فيها كل القوى الوطنية المصرية، وكان بينهم محمد فريد يقود مظاهرة الهتاف ضد الاحتلال.
وتطورت القضية لتتحول الساحة إلى معركة بين الاحتلال وأعوانه وبين القوى الوطنية، ونطق القاضى الحكم ببراءة المتهمين، وحمل الحضور الشيخ على يوسف إلى عربته.
يقول محمد فريد في مذكراته : حضر المرافعة الكثير من وكلاء النيابة والقضاة، وطلب الإنجليز من النائب العام نقلى من وزارة الحقانية إلى نيابة بنى سويف.
ولما علمت بالخبر قررت الاستقالة من وظيفتى فورا وعدم قبول النقل، وبالفعل قدمت استقالتى إلى النائب العام، وبذلك تخلصت من خدمة الحكومة.
اختار محمد فريد القضية الوطنية، واتجه إلى العمل بالمحاماة.. تلك المهنة التي كان أول من عمل بها من أولاد الطبقة الارستقراطية، وكانت مهنة المحاماة وقتئذ لم تنظم بعد، لأنه كان في استطاعة أي شخص في لسانه بعض الطلاقة أن يعمل بها، ولذلك تمتعت المهنة بالسمعة السيئة في أذهان المصريين.
لكن محمد فريد رأى فيها وسيلة للدفاع عن الحق ونصرة المظلومين، لدرجة أنه كان يرفض الترافع عن أي شخص يشك في أن الحق معه.
يحكى أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد عن رد فعل والد محمد فريد لعمل ابنه بالمحاماة فقال: كنت مع الشيخ محمد عبده في جنيف، وذهبنا لزيارة محمد ثابت باشا (حامل أختام الخديو)، وكان معه أثناء الزيارة أحمد فريد باشا، والد محمد فريد وكان ناظرا للدائرة السنية ومن الكبار.
وشكا أحمد باشا إلى الشيخ محمد عبده وهو يبكى ويقول (هل يصح يا سيدى الأستاذ أن يهزئنى ابنى في آخر الزمن ويفتح مكتب أفوكاتو).
رد عليه الشيخ بقوله إن الاشتغال في المحاماة ليس فيه ما يجرح الكرامة ويخل بالشرف على نحو ما يظن الناس، وما كان مألوفا في فهمهم لهذه المهنة في ذلك الزمان.