رئيس التحرير
عصام كامل

يعني إيه حرة؟!


مما لا شك فيه أنه يوجد خلل جسيم ما، يستوجب من الحكومة أن تبحث عن أسبابه الحقيقية فيما يتعلق بما نعايشه الآن من الزيادات المتلاحقة وغير المسبوقة بهذه الصورة الجنونية في مستوى الأسعار في مصرنا المحروسة، لأنه من المفترض في ضوء ما تبشرنا به الحكومة في العديد من التقارير والتصريحات المحلية والدولية من تحسن مؤشرات أدائنا الاقتصادى (رقميًا) بصورة ملحوظة، أن يقابل ذلك انخفاضا منطقيا مماثلا في مستوى الأسعار أو على الأقل ثباتها..


ولكننا مع الأسف نجد تناقضًا غريبًا ممثلًا في ارتفاع متزايد في أسعار معظم السلع دون أي ضوابط، وهو ما أثبت لنا بكل وضوح ودون أدنى لبس أن نظرية "السوق الحرة" التي تعالج وتصحح نفسها بنفسها دون تدخل أي جهات رقابية غير صالحة على الإطلاق للتطبيق في مصر، لقد أثبتنا بالممارسة أن ما يصلح في دول ومجتمعات أخرى ليس شرطًا أن ينجح عندنا..

لأن هذه الدول والمجتمعات بها سقف معين لا يمكن تخطيه أبدًا فيما يخص هامش الربح، وبها نظم وآليات اقتصادية وسوقية متكاملة ومتطورة وعصرية ومنضبطة ومرنة في آن واحد، بما لا يسمح أن يكون عائد النمو الاقتصادى عائدًا على فئة قليلة من المحتكرين والجشعين، ولا يشعر به جموع المواطنين، "فالسوق الحرة" مفهومها عندنا مع الأسف أن التاجر "حر" في رفع مستوى الأسعار مهما وصلت إلى معدلات غير منطقية.

إن كل الشواهد، والدلائل، والمؤشرات، والاستنتاجات تشير إلى ضرورة التدخل الحكومى الحاسم في هذا الشأن الذي يؤثر بشدة على الكتلة والشريحة الأكبر من المجتمع، والأمانة تقتضى أن نشير إلى أن الأسعار وصلت إلى المستوى الذي لا يجوز معه أي زيادات أخرى بأى حال من الأحوال.

أرجو أن تنتبه الحكومة إلى أن ترك زمام الأسعار لينفلت بمثل هذا السعار والفجور الذي نعايشه الآن، سيؤدى إلى العديد من الآثار الاجتماعية السلبية التي ليست في الصالح العام على الإطلاق.. والله من وراء القصد..
الجريدة الرسمية