تحدين التقاليد.. «فيتو» تحاور أول فريق نسائي للمصارعة الحرة بالعراق (صور)
قُدر لها أن تولد في مجتمع عشائري وقبائلي تحكمه العادات والتقاليد المتشددة التي تُفرض على المرأة ببلاد الرافدين "العراق"، ورغم انتهاك حقوقها وضياعها، بسبب الاضطرابات الاجتماعية والحروب والتهميش والظلم على مدار سنوات عدة، فإن فريق المصارعة النسائي بالعراق استطاع أن يتغلب على كل ذلك.
على عكس العادات والتقاليد المجتمعية القاسية التي تحكم المرأة بالعراق في وسط مجتمع عشائري لا يعرف بدور المرأة، تم تشكيل أول فريق عراقي نسوي للمصارعة الحرة بقيادة أحمد شمس الدين، سكرتير الاتحاد العراقي للمصارعة، ونهاية ظاهر مدربة الفريق، متحدين الجميع وكل العقبات التي ستواجههن، ليتحدين المجتمع أولا قبل خصومهن.
علياء حسين "26 عاما"، إحدى فتيات الفريق، قررت أن تتحدى أهلها والمجتمع والعادات والتقاليد التي تحملها بالانضمام إلى أول فريق للمصارعة الحرة بالعراق، فتروي لـ"فيتو" قصة عشقها للمصارعة: "من وأنا صغيرة بحب الرياضة، لكن المصارعة بحبها؛ لأنها تعبر عني وعن قوتي وشخصيتي، ولا أجد فيها أي صعوبات، لأني بحبها حتى إن كانت متعبة".
"بدأت بالمصارعة عن طريق صديقتي فقد كنت في البداية ألعب كرة يد، لكن حبي للمصارعة جعلني أقرر أن ألتحق بالفريق".. هكذا كانت علاقة "علياء" بالمصارعة: "في البداية أهلي رفضوا الفكرة ولم يتقبلوها، وأخويا عارض لكني أصريت على موقفي، وقررت أن أتحداه وأشارك، وشاركت بالبطولة، لكن بعد ما نجحت أصبح الآن متقبلا الفكرة".
وتابعت: "المجتمع لا يتقبل امرأة تلعب رياضة عامة ومصارعة بالأخص، صراحة أنا في محافظتي ومنطقتي أروح بسرية، وما أفصح لحد أني بلعب، لكن كل هذا ما خوفني وقدرت أتمرن وقدرت بفترة قصيرة أروح بطولة وأحصل على نتيجة، وحصلت على الميدالية الفضية".
وتابعت: "المجتمع لا يتقبل امرأة تلعب رياضة عامة ومصارعة بالأخص، صراحة أنا في محافظتي ومنطقتي أروح بسرية، وما أفصح لحد أني بلعب، لكن كل هذا ما خوفني وقدرت أتمرن وقدرت بفترة قصيرة أروح بطولة وأحصل على نتيجة، وحصلت على الميدالية الفضية".
العزيمة والإرادة والإيمان كانوا السبب في تحقيق ما تحلم به علياء حسين على الرغم مما واجهته من إحباط: "أكثر الأشياء اللي تخليكي تتقدمي لما أقرب الناس ليكي يحبط معنوياتك فتحاولي تثبتي نفسك بأي طريقة، أنا أهلي كانوا غير مؤمنين بقدراتي، لكن أنا تحديتهم وثبتت نفسي ليهم ولكل الناس، وكان الناس في الشارع والمجتمع العراقي دائما يقولون لي شكلك مش مصارعة أنتي مش قدها دي حاجات للرجال، لكن أنا قدرت أتحدى كل هذا الكلام".
منذ عامين فقط قررت "علا العسكري" أن تتحدى هي الأخرى العادات والتقاليد وتدخل عالم المصارعة النسائية، الذي وُلد للمرة الأولى بالعراق لتحقيق حلمها للوصول للعالمية: "أول ما دخلت عالم الرياضة كان عن طريق الدكتور أحمد شمس الدين والمدربة نهاية، كان طموحي وأنا طفلة أكون رياضية أمثل منتخب بلادي، والتقيت الدكتور أحمد، وبدأنا مسيرة المصارعة خطوة خطوة، وفي البداية واجهنا صعوبات كثيرة، وانتقادات الناس والمجتمع، لأننا عايشين بمجتمع شرقي عشائري رغم هذا كله تحدينا كل الصعوبات والعادات بفضل الناس بالاتحاد واللي وقفوا معانا".
وعلى عكس تجربة "علياء" تقول علا العسكري: "أهلي كانوا أكبر دافع خلاني أكمل مسيرتي الرياضية، وأقمنا بطولات عرب ومشاركات فرق كثيرة وقدرنا نحصل على مركز أول بفضل التمرين اليومي، ودخلنا معسكرات خارجية قدرنا نشارك بطولة الكلاسك بمشاركة ١٠ دول من ضمنها العراق جورجيا إيران مصر ولبنان وسوريا أفغانستان وإيطاليا، وقدرنا نحصل على المركز الثاني دوليا، وقدرت أنا أحصل على الميدالية البرونزية".
وأردفت: "قدرنا نوصل رسالتنا للمجتمع أننا نقدر نمثل منتخب العراق من الشمال للجنوب، وطموحي كلاعبة أوصل لبطولة العالم، لأن مثلي الأعلى الذي أَقدي به هي بطلة العالم الأمريكية هيلين، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون مستوايا نفس مستوى تلك البطلة".
كانت دائما تضع "علياء" أمام عينيها طموحها برفع علم العراق دوليا على الرغم مما واجهته من مجتمعها: "الناس بالبداية ما تقبلت أن يكون في فريق نساء خاصة بالمصارعة التي يعتبرونها لعبة عنيفة، بس رغم الكلام إللي توجه لينا أن النساء مكانهم بيت وزواج، إحنا قدرنا نوصل للمجتمع أن المرأة لها مكانتها".
وأما عن الصعوبات التي واجهتها تابعت: "أنا عن نفسي واجهت بالبداية صعوبات مادية؛ لأن بيتنا بعيد عن النادي لكن قدرت التغلب على هذا عن طريق مساعدة من الدكتور أحمد شمسي، وأنصح كل بنت أن لا تتقيد بالعادات والتقاليد، لأنها تقدر توصل للطموح اللي بداخلها".
ويقول أحمد شمس الدين، سكرتير الاتحاد العراقي للمصارعة، إنه تم تأسيس الفريق من قبل اتحاد المصارعة العراقي سنة 2016، بمدينة الديوانية التي تقع جنوب بغداد، من لاعبات نادي الرافدين الرياضي وبإشرافه بصفته رئيس لجنة المدربين العراقية سكرتير الاتحاد العراقي، حيث قام بتكليف كل من المدربة نهاية ظاهر وناديه صائب بالتدريب.
أقيمت أول بطولة للفريق بعد شهرين من انطلاقه بمدينة كركوك، وكان الغرض منها معرفة إمكانية النساء، وعن الصعوبات التي واجهتها تقول: "واجهنا صعوبات جدا في البداية بخصوص أن دا أول فريق في العراق نسائي وعلى غير العادات والتقاليد أن السيدة تشارك بالمصارعة، لكن إرادة البنات كانت أكبر تحدٍ للعادات والتقاليد، وكذلك تلقينا تهديدا اجتماعيا من البعض من العشائر وأهل الدين لنا".