ذكرى ميلاد هند رستم.. حكايات عن العشق والشهرة في حياة مارلين مونرو الشرق
في مثل هذا اليوم، 12 نوفمبر منذ 87 عاما، وُلِدَت السكندرية الشقية أيقونة الأنوثة والدلال مارلين مونرو الشرق، هند رستم، التي حفرت بما قدمته من أفلام فنية وأدوار استثنائية اسمها بحروف من ذهب في تاريخ السينما المصرية، ولم تغب عن الأذهان حتى بعد رحيلها، وفي ذكرى ميلادها، نتذكر سطورا من حكايات العشق والحب في حياة الفنانة هند رستم.
الحكاية الأولى
تزامنت بداية الحكاية الأولى لهند رستم في عالم الحب مع بداياتها الفنية الحقيقية، فقد كانت قصة حبها الأولى مع مكتشفها المخرج حسن رضا، الذي قدمها في أدوار مهمة بعدما كانت تظهر ككومبارس صامت، فقدمها في دور كاميليا في فيلم خيال امرأة، ثم فيلم العقل زينة الذي انتهى تصويره بالزواج منها عام 1950 وهى في التاسعة عشرة من عمرها، ولكن الزواج لم يستمر طويلًا، وتم الطلاق وقد كانت فتاة صغيرة حامل في ابنتها الوحيدة بسنت.
مخرج الروائع
لم تتوقف حياة هند الفنية عند الطلاق، فقد كانت شعلة أنوثة طاغية فطرية وطاقة فنية تحتاج إلى من يعيد اكتشافها، وكان ذلك على يد المخرج حسن الإمام الذي أعاد تقديمها في أشهر أدوارها في السينما المصرية، وتفرغ لإخراج أفلام من بطولتها، ووقعت معه عقد احتكار بعد نجاحهما في فيلمى "بنات الليل" و"الجسد"، ولكنه مع الوقت وبينما يقدم لها باقة من أجمل أفلامها لم يسلم من فرط جمالها فوقع في غرامها، أو هكذا أكدت كافة الشائعات، وكاد أن يصل الأمر إلى طلاقه من زوجته بسبب هند رستم، ولكنها أكدت أن كل ما يتردد عن ثمة علاقة بينهما من الأمور السخيفة التي أشيعت عنها، فهى تحب الإمام كأستاذ ومعلم، وعلاقتها به كانت في إطار العمل.
الرجل الثاني
كان الدكتور محمد فياض واحدًا من أشهر أطباء النساء في مصر وأستاذا بكلية الطب جامعة القاهرة، تعرفت هند عليه بعد انفصالها عن زوجها الأول حسن رضا، في صالون لبعض أصدقائها، لفت أنظارها بأناقته، وهى كما كانت تقول تحب الرجل الأنيق وتكره الفوضوي، وفى عام 1960 تزوجا "زواج صالونات"، وقالت عنه "لم يكن زواجنا عن حب وإنما عن اقتناع كل منا بالآخر، وأنا عجبني فياض، شاب حلو وشكله شيك ومركزه في المستقبل كويس أوى، وبيعامل بنتي زى بنته".
استمر الزواج بنجاح وتحول "الصالونات" إلى حب عميق تملك كيانها، كان الدكتور فياض في عينها "ملاك ضل طريقه لحياة البشر"، وإنسانا راقيا في كل تعاملاته، ووجدت معه ما كانت تتمناه: "كان نفسي أقعد في هدوء ومعى شخص يتحمل معى المسئولية، وأرغب في بيت وزوج مثل أي امرأة طبيعية، ما أقدرش أعيش من غير زوج في حياتي.. عشان كده فضلت طول عمرى أحب فياض".
كانت هند تُقدم نفسها للناس ليس باعتبارها فنانة شهيرة، بل حرم الدكتور محمد فياض، وكانت تبرر هذا الأمر بأنها في النهاية أنثى حتى وإن كانت هند رستم، فقد كانت تشعر بسعادة لا توصف حينما تنطق بهذا اللقب الذي يقترن فيه اسمها باسم حبيبها، وتقول عن هذا الأمر "الست تحب يكون فيه راجل جنبها، ثم لا مؤاخذة الدكتور محمد فياض ده مش حاجة سهلة، ده طبيب معروف في العالم كله، وأى ست تتباهي به وتحترمه".
كانت وبالرغم من دلعها وشخصيتها القوية إلا أنها كانت تُقدر الرجل، تنظر له نظرة غير متوقعة من سيدة تبدو على الشاشة مسيطرة تمامًا، فقد كانت ترى دومًا أن السيادة من حق الرجل، وأنه لا عيب ولا ضير في أن تعامل المرأة زوجها باعتباره "سى السيد"، ولم لا؟ فهو الذي يمنحها السعادة والاستقرار، وهى أي المرأة، يقع عليها العبء الأكبر للحفاظ على حبها للرجل، وعلى استقرار حياتها الزوجية.
كان الزوج في عيون "هنومة" يجب أن يشعر أنه رجل كامل في عيون زوجته، ويجب ألا تشعره هي بنقاط ضعفه، فهذا من وجهة نظرها لا يُضعف المرأة بل يضاعف من مكانتها في قلب رجلها.
لم تكن كلمات هند هذه مجرد رأي فلسفي عن الحب، أو كلمات تنظيرية أطلقتها هباءً في تصريحات صحفية لكسب نقاط إيجابية لدى جمهورها، أو اكتساب صورة لم تكن هي عليها في الواقع، بل كانت تطبق كل كلمة بحذافيرها في علاقتها بزوجها الذي كانت تعشقه، وطبقت في علاقتها معه كل كلمة سبق ذكرها، وأكدت بنفسها هذا الأمر قائلة "أتعامل مع زوجى الدكتور محمد فياض من منطلق أنه سى السيد ومتمسكة جدًا بذلك مهما مرت السنين وتبدلت الحياة".
الاعتزال
تخلت هند رستم بدافع من حبها العميق للدكتور محمد فياض عن مجدها وشهرتها وفنها وهى في الثامنة والأربعين من عمرها، وقررت اعتزال الفن، لا لشىء إلا لرغبتها في البقاء بجوار زوجها، فقد كانت ترى أنه من الصعب أن يعود من عمله المرهق طوال اليوم ليسأل عنها فيجدها في الاستوديو، وعن هذا القرار تقول "شعورًا منى بأهمية مهنته وضرورة توفير الجو المناسب لراحته في المنزل قررت اعتزال الفن تمامًا"، وكان آخر أعمالها السينمائية قبيل الاعتزال فيلم "حياتي عذاب" مع عادل أدهم عام 1979.
الرحيل المؤلم للزوج
كانت هند رستم تعيش بقناعة أنها ستموت صغيرة في العمر، وأنها بطبيعة الحال ستترك ابنتها الوحيدة بسنت في أيدٍ أمينة مع زوجها الدكتور محمد فياض، ولكن القدر فاجأها وصدمها، فقد آن موعد رحيله قبل أوانها، ووقع خبر وفاته كالصاعقة عليها.
رحل الزوج والرفيق عام 2009 بعد زواج طويل، ومن فرط حبها له لم تتحمل هند فراقه، فأصيبت بحالة من الاكتئاب، وكانت تتمنى في كل لحظة بعد رحيله أن يتوفاها الله لعلها تقابله، كانت زاهدة في الحياة بعد رحيل الدكتور محمد فياض، ولم تستمر كثيرًا من بعده، فقد كان القدر رحيمًا بها وأسلمت روحها إلى بارئها عام 2011 بعد وفاة زوجها بعامين، لتذهب إلى رفيقها، وتنطوي مع رحيلها رحلة فنية وإنسانية لفنانة استثنائية.