الدولة تحاصر مافيا «أنابيب البوتاجاز» مع بدء الشتاء.. اختلاس أطنان من «الغاز الصب» وإنقاص الأوزان أثناء التعبئة.. وشرطة التموين تضبط تلاعبا في 427 ألف أسطوانة للاستيلاء على 70 مليو
في الوقت الذي تخوض فيه الدولة حربًا ضروسًا لحماية مقدراتها الاقتصادية من أعوان الشر؛ يسعى آخرون من الداخل لنهب أموال الدعم الذي توفره الدولة للمواطنين، لتحقيق الثراء الفاحش على حساب الدولة والمواطنين، دون عابئين بحجم الجهود المضنية المبذولة لتحقيق مظلة حماية اجتماعية للمواطنين بالتزامن مع برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وكشفت تقارير رقابية تورط بعض أصحاب مصانع تعبئة أسطوانات البوتاجاز في اختلاسهم أطنانا من البوتاجاز خلال تعبئة الأسطوانات، بإنقاص أوزان الأسطوانات ذات السعة الصغيرة والكبيرة الحجم، والاستيلاء على الفارق وبيعه لحسابهم في السوق السوداء، رغم بدء موسم الشتاء وارتفاع معدل بيع الأسطوانات.
وأشارت التقارير إلى تسبب مرتكبي مثل هذه الوقائع في إهدار ملايين الجنيهات التي توفرها الدولة لمستحقي الدعم، لتحقيق أرباح غير مشروعة، وإدخال الغش على جمهور المستهلكين، رغم زيادة الطلب على الأسطوانات في موسم الشتاء، ما قد ينذر بخطر محدق لخلق أزمة على خلاف الحقيقة.
التلاعب في الأوزان
وأوضحت التقارير، أن مرتكبي هذه الوقائع يجمعون كميات كبيرة من المواد البترولية المستخدمة في تعبئة أسطوانات البوتاجاز المدعمة من قِبل الدولة، وتلاعبهم في أوزان الأسطوانات، وإنتاج أسطوانات بوتاجاز ناقصة الأوزان.
وفي هذا الصدد؛ اتخذت الأجهزة الرقابية ووزارة الداخلية المتمثلة في شرطة التموين وفروعها الجغرافية تنسيقا مع مديريات الأمن والجهات المعنية؛ خطوات سريعة لمواجهة لصوص الدعم، عبر توسيع دائرة الفحص والحملات التفتيشية، وتكثيف الجهود الأمنية لمكافحة الجرائم المتعلقة بالغش التجارى، والاتجار غير المشروع بالسلع التموينية، وضبطت العديد من المخالفات، أبرزها أصحاب مصانع تعبئة.
مستودع تعبئة القليوبية
وأكدت تحريات شرطة التموين أن "مصطفى ع. م"، مقيم بدائرة مركز شرطة شبين القناطر، صاحب مستودع أسطوانات بوتاجاز بناحية كفر شبين يجمع الأسطوانات ويملأ الكبيرة منها سعة 25 كيلو جراما (استعمال تجارى) من أسطوانات صغيرة سعة 12.5 (استخدام منزلى) وبيعها للمحال التجارية على أنها كاملة العبوة، مدخلًا الغش والتدليس على جمهور المستهلكين، بغرض الاستفادة من فارق الأسعار، وتحقيق مكاسب غير مشروعة من جراء ذلك.
عقب تقنين الإجراءات ضبطته حملة تموينية بحوزته 182 أسطوانة سعة 25 كيلو جراما خاصة بالأنشطة التجارية، و7 أسطوانات سعة 12.5 كيلو جراما استخدام منزلي، وأدوات مستخدمة في ملء الأسطوانات من صغيرة إلى كبيرة، وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة.
فيما أكدت شرطة التموين بدسوق في كفر الشيخ، أن "أحمد ش. ا" رئيس مجلس إدارة إحدى شركات القطاع الخاص لتعبئة الغاز الصب، يجمع كميات كبيرة من المواد البترولية "الغاز الصب" المستخدم في تعبئة أسطوانات البوتاجاز المدعمة من قِبل الدولة، وتلاعبه في أوزان الأسطوانات وإنتاجه لأسطوانات ناقصة الأوزان.
وأضافت التحريات أن المتهم أرسل بيانات إلى الهيئة العامة للبترول تُفيد بإنتاج كمية من أسطوانات البوتاجاز مطابقة للمواصفات للكميات الواردة له من الغاز الصب، وتلاعبه في الأوراق المرسلة إلى مديرية التموين بكفر الشيخ، والتي تفيد بتعبئة كميات من الأسطوانات أكثر من الكميات الواردة بالفعل مما يعد إهدارًا لأموال الدعم.
وعقب تقنين الإجراءات بالتنسيق مع الجهات المعنية قامت مأمورية باستهداف المصنع المتحرى عنه وضبط يسرى ع. م، المدير المسئول، وبالفحص تبين الاستيلاء على كمية قدرها 5 آلاف و84 طن غاز صب، جمعها المتهم لحسابه والاستيلاء على قيمتها من خلال إنقاص أوزان أسطوانات البوتاجاز، أي ما يعادل 427 ألفًا و56 أسطوانة بوتاجاز صغيرة الحجم دون وجه حق، وقدرت اللجنة المبالغ المالية المستولى عليها بمبلغ قرابة 70 مليون جنيه، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.
نقص الأوزان بدمياط
وفي دمياط؛ شنت مديرية التموين حملة للمرور على محطة تعبئة الغاز بشطا، لمتابعة الأعمال بها، والتأكد من مطابقة أسطوانات الغاز للمعايير المقررة، وتبين العجز في الأنبوبة المنزلية بمقدار 1 كيلو و740 جراما، وعجز نحو 2 كيلو و800 جرام بالأنبوبة الكبيرة، وحررت المديرية محاضر بتلك المخالفات.
غش تجارى بالسويس
وفي السويس؛ ضُبِطَت مخالفات داخل مصنع بالعين السخنة لإنقاص أوزان الحجم الكبير بإجمالى 132 أسطوانة بوتاجاز ناقصة 5 كيلوات عن وزنها القانوني، في حملة تفتيشية مشتركة على أحد مصانع تعبئة الأسطوانات، وتحرير محضر بالواقعة بقسم شرطة عتاقة، وضبط مدير الوردية، واستدعاء مدير المصنع بتهمة الغش التجاري.
وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص فيها "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.
وأكدت محكمة النقض في حيثيات أحد أحكامها: "يكفى لتحقق الغش خلط الشيء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها في صورة أحسن مما هي عليه".
وحدد القانون العقوبة: تكون الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز 30 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع في ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة".