«الشيخ شطا».. رحلة سطرت تاريخ فارس دمياط في مواجهة قيصر روما
رحلة قصيرة كشفت واحدًا من أسرار محافظة دمياط التاريخية، أوضحت جانبًا قد يغفله الكثير، استهدفت رحلتنا "ساتا" أو مدينة المياه التي يُطلق عليها الآن اسم "شطا" تلك القرية التي احتوت على أبرز أبطال دمياط وشهدت بطولات عديدة قدمها أهالي القرية قديما برفقة بطلهم القبطي.
"شطا بن الهاموك" أحد فرسان دمياط، المنتمي إلى أكبر القبائل العربية آنذاك، شن العديد من الهجمات لمواجهة الروم فهاجم قوافل تجارتهم بغرض توزيعها على أهالي البلد بعدما نهبها جنود القيصر، التف حوله البسطاء استطاع في فترة وجيزة تكوين جيش أرق الإمبراطورية الرومانية لسنوات، ظل الشيخ "شطا" في حربه ضد الروم حتى جاء الفتح الإسلامي لمصر تحت لواء عمرو بن العاص، ليلتحق فارس دمياط القبطي وجنوده بجيوش المسلمين مشاركًا في نهاية الإمبراطورية الرومانية برفقة جيوش المسلمين.
اعتنق "شطا" الإسلام وحارب تحت قيادة المقداد بن الأسود قائد جيوش المسلمين في معارك كثيرة، أبرزها معركة "البرلس" التي تمكن خلالها من أسر قائد الجيوش الرومانية، بالإضافة إلى بمعركة "أشموم طناح ـ الدميره" وغيرها من المعارك التي سطرت تاريخ المسلمين في مواجهة قياصرة الرومان، ظل محاربًا بجيوش المسلمين حتى جاءت معركة "تنيس" عام 642 هجرية وشهدت نهايته على يد الخارجين على حكم المسلمين فقد قُتل "شطا" بتلك المعركة بعدما تمكن من قتل 12 رجلًا.
اشتهر فارس دمياط بعدله فكان قبلة الضعفاء والمستضعفين، ربما كان لصيته الذائع الفضل في تكوين تلك المجموعات التي شاركت في مداهمة قوافل الروم التجارية، أيضًا هي ما أفسدت خطط القيصر للنيل منه أو القبض عليه فكانت منازل الأهالي وقتها تبحث عنه لتخفيه عن أعين البصاصين وجند الروم.
استكملنا جولتنا بين جنبات مسجده الذي شيده الأهالي بالبقعة التي دفن بها، يتكون المسجد من طابقين، ويحتوي على ضريحه، بينما قامت وزارة الآثار بنقل مجموعة برديات سجلت تلك الفترة وبطولاتها إلى أحد المتاحف المصرية، تحول الضريح إلى حجرة خشبية بسبب أعمال الترميم التي شهدها المسجد مؤخرًا.
مسجد الشيخ شطا الذي كان صاحبه قبلة الضعفاء الباحثين عن العدل، انتظر طويلًا من ينقذه من براثن الإهمال، حتى بدأت وزارة الآثار بالتنسيق مع وزارة الأوقاف بهدم أجزاء منه بغرض ترميمه مرة أخرى، تشققات المباني عكست مدى اهتمام المسؤلين بهذا الأثر العظيم، لسنوات طويلة، بينما ما آلت إليه الأمور بالقرية تعكس أيضًا انتهاء تاريخ تلك المنطقة العريق.