«الإدارية العليا» تصدر مبدأ قضائيا جديدا يحافظ على الرقعة الزراعية
أرست المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة مبدأ قضائيا جديدا يحافظ على الرقعة الزراعية بتجريم جميع صور التعدى عليها.
وأكدت المحكمة أنه حرصا من المشرع على الحفاظ على الرقعة الزراعية فقد أسبغ عليها الحماية الجنائية بأنه جرم جميع صور التعدي عليها، ومن أوجه هذه الحماية ما حظره المشرع على مالك الأرض الزراعية أو الحائز لها أيًا كان سند حيازته من أن يقوم بارتكاب أي فعل أو الامتناع عن أي عمل يترتب عليه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها.
وخوَّل المشرع وزير الزراعة الحق في أن يأمر بوقف أسباب المُخالفة وإزالتها بالطريق الإداري، أما بالنسبة لارتكاب مُخالفة تتعلق بإقامة مبان أو مُنشآت على الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات بشأن تقسيمها لإقامة مبان عليها فلوزير الزراعة سلطة وقف أسباب هذه المُخالفة على نفقة المخالف دون إزالتها، حَيْثُ المختص بالإزالة المحكمة الجنائية المُختصة دون غيرها.
وتابعت المحكمة أنَّ المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن التفويض الجائز وفقًا للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التي يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة، أما الاختصاصات المُستمدة من سُلطة عليا بناءً على قواعد التفويض فإنَّه لا يجوز أن يفوض فيها.
ومُؤدى ذلك أنَّه لوزير الزراعة التفويض في اختصاصاته الأصلية بوقف أسباب المُخالفة بتبوير الأرض الزراعية وإزالته بالطريق الإداري على نفقة المُخالف بحسبانها اختصاصات أصلية يستمدها وزير الزراعة من قانون الزراعة المشار إليه مباشرة، إلا أنه يتعين في جميع الأحوال أن يكون التفويض صريحًا، ذلك أنَّ التفويض في الاختصاص لا يفترض ولا تستدل عليه بأدوات استنتاج لا عَبَّر عَنه صَراحةً.
وذكرت المحكمة أنَّ لكل من قانون الزراعة رقم 53/1996 وقانون البناء رقم 119 / 2008 في شأن إزالة الأعمال المُخالفة لأحكام كل منهما مجال إعمالَهُ وتطبيقه بغير تداخل أو تصادم بين أحكام كل منهما، ولمَّا كَان المُشَرِّع قَد وَضَعَ تنظيمًا خاصًا لإزالة الأعمال المُخالفة لأحكام كل من القانونين فإنَّه يَتعين قانونًا التزام جادة تطبيق أحكام كل منهما بمُراعاة المجال المحدد لتطبيقها، ولا يصح القول بتداخل أحكامهما بحَيْثُ يسريان معًا لحكم واقعة مُحددة أو تنظيم واقع معين بشأن الإزالة وأنه مما يتأبى على صحيح فهم القانون ومع مقتضيات التفسير وأصولَهُ العامة ترتيب هذه النتيجة إذ يتحتم دائمًا أن يصدر التفسير في أصل ثابت.
فإذا كان ذلك فإنه يتعين إعمال أحكام كل منهما على الوقائع التي تحكمها نصوصه ولا يكون جائزًا القول بتطبيق أحكام أي منهما أو كلاهما لحكم واقعة معينة حسبما يتراءى لجهة الإدارة، إذ في هذا القول إجلال لإرادة الجهة الإدارية محل إرادة المشرع الأمر الذي يتعين معه أن يهب قاضي المشروعية لتقويمه إعلاء لكلمة القانون وقالة للحق.