رئيس التحرير
عصام كامل

إبراهيم الخولي.. حكاية بطل رياضي قهر متلازمة داون ويستكمل دراسته بالدمج

فيتو

البداية لم تكن مبشرة بالنسبة له، ومشواره لم يكن ممهدًا هو الآخر، فسار بطريق مليء بالمصاعب، يواجه أصحاب الألسنة السوداء هنا وهناك، بين الكلمات المحطمة، وآخر مثيرة للشفقة، فلم يؤمن بقدراته وقوته سوى سنده وداعمه الأول، وهي الأم المثابرة «إيمان والي»، فآمنت بإمكانيات ابنها، حتى تمكن رغم الظاهرة الذي وُلد عليها رغمًا عن إرادته، أن يحصد العديد من الجوائز في مجال لعبة التنس، والحصول على جوائز عالمية ومحلية من الصعب حصر عددها، والأهم من ذلك، تفوقه في مشواره الدراسي، والذي كان مليء بالصدمات المختلفة، لكنه تمكن من خوضه بشجاعة، وينتظر شهادة تخرجه خلال أشهر قليلة.


وُلد إبراهيم الخولي، ابن الـ23 عاما، بمتلازمة داون، ما أثارت عدم قدرته على الكلام والحركة في الكثير من الأحيان، نتيجة للخلل بالكروموسومات الخاصة به، ومشكلات ذهنية، فلم يكن قادرًا على لعب أي نوع من أنواع الرياضيات، لعدم وجود توافق عضلي، لكن لم تستلم الأم لكل هذه الأعراض، التي تعيق تقدم ابنها خطوة للأمام، بدأت إيمان والى إلحاقه بمدارس التخاطب والإداراك، وجلسات تقوية، وأيضًا حضانة تعليمية بصحبة أطفال أسوياء، ليتمكن من الاندماج وسطهم، والتأقلم على الحياة الطبيعية، لم يواجه «إبراهيم» أي أزمات في التعامل مع الطلبة الأسوياء، تقول الأم «إبراهيم أتأقلم بسرعة والأولاد كمان حبوه، بسبب المدرسين، لأنهم فهموا الأطفال إنه طفل زيه زيهم ومايخافوش، فطمنوا الولاد، لحد مابقوا كلهم أصحاب»، وكانت فترة تأهيله للمرحلة الابتدائية 5 سنوات ونصف.


المرحلة التالية، كانت الأصعب في مسيرة طالب الدمج المثالي، وهي مرحلة الدراسة بالمرحلة الابتدائية «المدارس كانت بترفضنا بمجرد ما بتشوف شكله»، واجهت الأم الكثير من الضغوطات لتترك نجلها دون تعليم أو محاولات ليتمكن من التأقلم بالعالم «كل المدارس كانت تقول إحنا مابناخدش دول، إحنا مدارس متفوقين، واتعاملوا معانا كأننا متهمين»، حتى تمكن من إلحاقه بمدرسة خاصة، من خلال معرفة شخصية بإدارة، أما عن مديرة رياض للأطفال، فوضعت أمامه مجموعة من اختبارات المهارات لقياس مستواه، وبالفعل استطاع حل الكتب كافة، وقبلته المدرسة، وحاولت المدرسة أن تُلحقه بقسم الاحتياجات الخاصة، لكن الأسرة رفضت تمامًا، حتى يجبروا الجميع على التأقلم مع الحالة، خلال المرحلة الابتدائية التحق «الخولي»، بمواد الدور الثاني في عدة مواد، لكن الأم لم تستلم وساندته حتى بالرسوب، حتى انتهى من المرحلة بسلام.


في فترة الإعدادية، واجه الطالب مشكلة في المرافق خلال اللجان الامتحانية خارج مدرسته «كانت مشكلة، إن يكون عندنا حد بس يقرأ له ويقوله يحط الإجابة فين، لأن إبني لو ملقاش مكان للإجابة ممكن يكمل في أي حته وخلاص لضعف إدراكه»، لكن لم توفر المدارس هذا المرافق، وفي المقابل كانوا يحطمونه من خلال طلب عدم استكماله الدراسة والاكتفاء بما وصل إليه لكننا رفضنا، على جانب آخر، حصل «الخولي» على ثقة بالنفس عالية من خلال الصلاة كإمام بالطلاب، والوقوف في الصف الأمامي بتحية العلم.


رسب «إبراهيم» بالصف الأول الإعدادي وكان له دور ثانِ، وكان للأم الخيار إما نجاح ابنها أو الخروج من المدرسة،  أو إعادة السنة لكن مع عدم ترحيب المدرسة استكمال دراسته بها، صممت الأم على دخول الدور الثانِ، وبعدها تركت المدرسة «ابني لازم يدرس في مكان محبوب فيه، ومترحب بيه، عشان يقدر ينجح»، كان هناك صعوبة كبيرة في قبوله بمدرسة مرة أخرى، حتى قبلته مدرسة استمر بها حتى الثانوية العامة، خضعت لنظام الدمج التي أطلقته التربية والتعليم، بامتحانات خاصة ومرافقين، حتى تمكن من النجاح بالمرحلة، وبدأ مرحلة جديدة، وهي المرحلة الجامعية.


«بعد نجاح في الثانوية العامة ابني ماكنتش عارفة أعمل ايه بعد كدا، وكنت خايفة جدًا الفترة دي، لحد ما ربنا فتحلنا سكة في جامعة الـCIC، بعد ما عرفنا إنها عاملة قسم لذوي الاحتياجات الخاصة»، لم تقبل الأم أن يُعامل كمريض «صممت إنه يتعمل مع ابني مقابلة شخصية زيه زي أي طالب، وفعلا إتعمل ولقيت إبني مبدع بيتكلم بثقافة كبيرة، ولباقة، وأعرب عن حبه وامتنانه ليسري فودة وبرنامجه حينها في عام 2015، لأنه يحاكي المجتمع، وتمكن من دخول الكلية، وتأقلم مع أصدقائه، والعميدة، وفي انتظار شهادة التخرج بعد كام شهر بعد الانتهاء من مشروع التخرج».


بدأ مشواره الرياضي بعمر الـ5 سنوات، حيث تمكن من لعب تنس الطاولة، والتنس الأرضي، ورياضيات أخرى كالسباحة والسلة، وبالفعل أثبت «إبراهيم» تفوقه في لعبة التنس الأرضي، وكان اختياره هو، رغم صعوبة ذلك بحالته، وكانت البطولة الدولية الأولى له بعام 2008 في إيطاليا، وحصل بها على ميداليتين فضيتين، وكان عمره 15 سنة، وحصد العديد من المراكز المتقدمة ببطولات الجمهورية في الاتحاد المصري للرياضة المعاق، والأولمبيات الخاصة، وفي عام 2013 حصل على المركز الأول ببطولة عمان، وكان الوحيد الحاصل على ميدالية ذهب لمصر، وكذلك حصل على بطولة الشرق الأوسط للتنس الأرضي، وفي عام 2014 في البطولة الإقليمية العربية بإستاد القاهرة حصل على ميدليتين فضيتين، ويستعد البطل الشاب لبطولة دولية لكأس العالم خلال نوفمبر الجاري.
الجريدة الرسمية