رئيس التحرير
عصام كامل

قصة كفاح أحد متحدي الإعاقة بقنا.. ياسر مغربي يتحدى الصعاب ويحترف صيانة الكمبيوتر.. يؤكد: الإعاقة في العقل والتفكير وليس الجسد.. لم أنتظر قطار الوظيفة الحكومية.. وإبداع الإنسان لا يتوقف

فيتو

عجلة متحركة، أمام محل صغير في أحد الأزقة القديمة يحوي عددا من أجهزة الكمبيوتر، وتلفازا صغيرا، وديسكا خشبيا عليه أدوات إصلاح، وشاب في أواخر العشرينات من العمر، يرتدي جلبابا صعيديا، يعكف على أحد الأجهزة لإصلاحها.


ينظر إلى المارة من حوله دون خوف أو خجل، وفجأة وإذا بهذا الشاب يزحف على الأرض ليلحق بعجلته المتحركة لإحضار إحدى قطع الغيار لإصلاح ما بيده، وهنا فاجأنا أصدقاؤه بأن "الكينج" صاحب هذا المحل من متحدي الإعاقة كما يطلق عليه.

"فيتو" لم تترك الأمر وحاولت الاقتراب منه لسرد قصة كفاحه مع مرض شلل الأطفال مرورًا بحصوله على مؤهل دراسي وحتى وصل إلى هذا الركن ورفض الأمر الواقع.

الوظيفة الحكومية
بدأ ياسر محمد مغربي ابن مركز قفط، بمحافظة قنا، حديثه معنا، قائلًا: "أصبت بمرض شلل الأطفال منذ كنت صغيرا، ومع الأسف لم يستطع أحد علاجي حتى وصلت إلى هذا الحال"، منوهًا إلى أن الإعاقة لم توقفه عن تحقيق أحلامه، في الحصول على شهادة دراسية، ومن هنا بدأ في العمل والاجتهاد حتى حصل على شهادة الدبلوم.

وأشار ياسر، إلى أنه فوجئ بعد ذلك بعدم القدرة على الحصول على وظيفة حكومية وهو الأمر الذي دفعه إلى التفكير في طريقة أخرى يتمكن خلالها من مواصلة حياته، وفكر في البداية في وسيلة تساعده على الحركة واشترى تلك العجلة المتحركة حتى يتمكن من التجول والتنقل دون مساعدة الآخرين، قائلًا: "ساعدت نفسي بنفسي وحتى الوصول إلى العجلة استخدمت يدي.. حرمني الله من قدمي ولكن يدي موجودة وكل أجزاء الجسد، وهبت لنا يمكننا أن نستخدمها حتى نقضي بها حاجاتنا".

إصلاح الأجهزة الإلكترونية
وأكد "ياسر" أنه وجد ضالته المنشودة في إصلاح الأجهزة الإلكترونية، لافتًا إلى أنه تعلم التصليح بنفسه من خلال التجربة وشيئا فشيئا تمكن من إصلاح جميع الأجهزة ووصلت قدرته إلى حد إصلاح الـ"آي سي"، وهو من أصعب المشكلات التي كانت تواجهه في تصليح الكمبيوتر.

وقال: "لكن الحمد لله لم يحرمني الله من الوصول إلى هدفي وفتحت هذا المحل الصغير ومنذ ما يقرب من 6 سنوات أعمل بهذه المهنة ونشكر الله على ما نحن فيه "، مشيرًا إلى أن الإنسان إذا توقف عند حد معين فهو قد وصل إلى النهاية ومرحلة اليأس من أصعب ما يمر به الشاب، ولذا عليه العمل والاجتهاد والإبداع حتى يصل إلى ما يصبو إليه.

واختتم حديثه بتوجيه رسالة إلى الجميع قائلًا: "الإعاقة ليست في أجزاء الجسد.. بل إنها في عقولنا إذا توقفت عن التفكير.. لا شيء يوقفنا عن مواصلة الحياة سوى القبر.. وإبداع الإنسان لن يتوقف مهما كانت درجة الإعاقة".
الجريدة الرسمية