الإسلاميون يرتدون إلى كهوف الجاهلية!
ترى هل هناك فروق جوهرية بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء الجماعات الإسلامية (الإرهابية سابقا) وأعضاء الجماعات السلفية بأنواعها المتعددة بما فيها ما يطلق عليه اليوم السلفية الجهادية!
نزعم أنه ليست بين أعضاء هذه الجماعات فروق جوهرية، لأنها جميعا وبلا استثناء تصيح في الفضاء العام صيحات هادرة تصم الآذان قائلة: نريد تطبيق شرع الله!
وإذا دققت في سؤالهم ماذا يعنى تطبيق شرع الله لقيتهم صما وبكما لا يعرفون جوابا! وإذا تطوع بعضهم بالإجابة اندفع قائلا نريد مقاطعة الفكر الغربي الذى روج للعلمانية وتطبيق شرع الله!
وهذه الفكرة في عرف جماعة الإخوان المسلمين معناها- بكل جهالة- استعادة نظام الخلافة الإسلامية وإعطاء البيعة (كيف؟) لشخص محدد (لا نعرف صفاته أو مؤهلاته أو جنسيته أو مذهبه الدينى) لكي يحكم "الأمة الإسلامية" من شرق الكون إلى مغربه!
ما هذا الحلم المجنون الذى يراود شخصيات عاقلة متزنة ليس أولها الشيخ "حسن البنا" صاحب الدعوة، وليس آخرهم الفقيه الجليل الشيخ "القرضاوي"؟
وحتى حين طرحت عليه – على صفحات الأهرام عام 1994 أسئلة حاسمة خاصة بكيفية اختيار الخليفة لم يحر الرجل جوابا!
ولو انتقلنا إلى السلفية الجهادية أو بمعنى أدق السلفية الإرهابية التي تتبنى العنف وسيلة لتحقيق غاياتها، كما صرح في الفترة الأخيرة زعيمها محمد الظواهري لأدركنا من مقترحاتها الأخيرة الخاصة بالقانون والقضاء أنها تريد في الواقع بجرة قلم إلغاء العملية الكبرى لتحديث القانون في مصر التى بدأها "محمد علي" الكبير، وتطورت تطورات بالغة الأهمية في العهود التى تلته، والتي شهدت في الخمسينات استحداث مجلس الدولة ليكون رقيبا على السلطة السياسية والذى أرسى دعائمه المفكر القانوني البارز والمشرع العربي الشهير "عبدالرزاق السنهوري" باشا.
ونستطيع أن نضيف إلى ذلك إنشاء "المحكمة الدستورية العليا" وما أضافته بأحكامها الرائدة إلى التراث القضائي المصري الزاخر بتقاليد الحفاظ على الحريات.
بعد هذا التطور كله يأتي قادة السلفية الجهادية، كما نشرت جريدة الوطن، لكي يقترحوا إنشاء لجان عرفية تحتكم إلى شرع الله وكتابه، وتحل محل المحاكم العاملة بالقانون الوضعي، بحيث تنتشر اللجان العرفية في كل المناطق والمدن والقرى ويعمل بها رجال الدعوة من أبناء التيار الإسلامي بمختلف فصائله.
ويقول "داود خيرت" عن هؤلاء الدعاة الذين سيقومون، بحسب أوهامه بدور القضاة: "ميهمش يكون إخوانيا أو سلفيا أو جهاديا أو غيره المهم أن يكون خبرة وفاهم الشرع كويس"!
ولو رجعنا إلى الفتاوى الرجعية لهؤلاء لاكتشفنا أنهم لا يفهمون أي شيء من مقاصد الإسلام العليا، وأن كل جهدهم يتمثل في النقل الأعمى من الكتب الصفراء البالية دون أن يعملوا عقولهم في مفارقة ما هو مدون فيها لروح العصر، وتجافيه عن روح الإسلام الحقيقية. أما "طارق الزمر" و"عاصم عبدالماجد" ولهم تاريخ غير مجيد في ممارسة الإرهاب فيطالبون جهارا نهارا بإنشاء لجان شعبية وقضاء عرفي كبديل للشرطة والقضاء.
باختصار شديد شراذم الجماعات الإسلامية بكل فصائلها وبكل ما تنشره من فكر رجعي تريد استعمار الشعب المصري وإدخاله قسرا في كهوف الجاهلية بعد هدم الدولة وإلغاء القضاء ومحو الشرطة!
ومعنى ذلك إلغاء مؤسسات الدولة وترك المجتمع نهبا لعصابات المهووسين دينيا، يتحكمون فيه كما يشاءون من أول إقامة حد الحرابة بأنفسهم وممارسة تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف إلى تشكيل جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث يعتبر كل عاطل أو بلطجي نفسه ممثلا للشرطة بل قاضيا ينفذ الأحكام على الكفرة المارقين!
أبشري يا مصر فقد جاءك الفرج في عصر النهضة المزعومة!
eyassin@ahram.org.eg