الجنازة حارة والميت.. قرد!
ما إن انتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لفتاة تحرشت بقرد في أحد محال بيع الحيوانات الأليفة.. حتى سارعت الأجهزة الأمنية بسرعة ضبط الفتاة الخارجة عن حدود الآداب العامة، بتصرفها المخجل والمشين، وبنفس السرعة والجدية التي تم تناول الموضوع بها من قبل السلطات.. كانت ردود الأفعال الأخرى أسرع... حيث أكد طبيب بيطري أن ما فعلته الفتاة سيؤثر على مشاعر القرد ويصاب بالاكتئاب وربما يقدم على الانتحار!
بينما سارعت إحدى جمعيات الرفق بالحيوان بالمطالبة بتغليظ عقوبة الفتاة على فعلتها الشنعاء تجاه القرد المسكين. والحقيقة أن ما أبدته الجهات المسئولة من إنسانية ومسئولية وإجراءات سريعة وعاجلة تجاه حفظ حقوق القرد جعلني أتساءل: "ليه يا ربي ما خلقتنيش قرد"!
فالبنات والسيدات يتعرضن للتحرش في كل وقت وأي مكان والجميع يكتفي بالفرجة من بعيد لبعيد، فلا مسئول يسارع باتخاذ إجراء رادع، ولا حتى الناس في الشارع بتتحرك ضد المتحرش، ولا تجد جهة واحدة تظهر تعاطفها مع الفتاة أو السيدة التي تعرضت للتحرش، وتلاقي الآية اتقلبت.. فأصبحت الفتاة والسيدة ضحية التحرش.. هي الجانية والمخطئة.. مرة لأنها متبرجة مش مغطية نفسها ولبسها مستفز، ولو محجبة يبقى لأنها ماشية في الشارع لوحدها!
وممكن كمان يبقى السبب لأنها ماشية في الشارع من أساسه!
بينما المتحرش هو الضحية الغلبان.. الذي ثارت عليه هرموناته غصب عنه فلم يستطع كبح جماحها.. وأصبح المتحرش هو ضحية للبنت الشريرة أو السيدة المفترية اللي مشيت في الشارع أو اللي ركبت أتوبيس، أو حتى كانت قاعدة في بيتها! ولو كانت مسنة فوق السبعين!
وأتساءل ثانية ليه يا ربي ما خلقتنيش قرد!
طالما القرود بيخافوا على مشاعرهم للدرجة دي، بينما لم ينتفض مسئول واحد لحقوق آلاف الأطفال المختطفين الذين يصطحبهم المتسولون والمتسولات جهارا نهارا في شوارع المحروسة ويمر أمامهم الجميع في سياراتهم الفارهة، ويكتفون بنظرات الرثاء أحيانا، والاشمئزاز غالبا، لو واحد من الأطفال اتشعبط في باب العربية طلبا لحسنة قليلة ولم يكلف مسئول نفسه عناء البحث عن مصدر هؤلاء الأطفال!
مخطوفون منين ولا أهاليهم فين، خصوصا أن كل الأطفال بصحبة المتسولين نايمين على طول بفعل الأدوية المخدرة المحقونين بيها لزوم الشغل! والدنيا ماشية كده لا رقيب ولا حسيب ولا عقوبة رادعة توقف هذه الجريمة الشنعاء في حق الأطفال وأهاليهم!
وأرجع وأقول تاني ليه يا ربي ما خلقتنيش قرد!
على الأقل.. كان زماني رايق، ولا هزعل على ارتفاع أسعار بطاطس ولا جنون أسعار طماطم، ولا هكون قلقان علشان هياخدوا منى ضرائب على الموت وعلى الحياة، ولا هدفع رسوم، ولا عندي عيال أدخلهم مدارس وأديهم دروس خصوصية ولا عندي بند مترو ولا تذاكر أتوبيس! ولو حد يفكر يدوسلي على طرف أو يجرح مشاعري أو يتحرش بيا الدنيا تقوم... ما تقعدش.
دون اعتراض على مشيئة ربنا.. هو لسه بس السؤال محيرني.. ليه يا ربي ما خلقتنيش قرد!