حبيب جاماتي: الوعد الوحيد الذي نفذه الإنجليز
في مجلة الإذاعة عام 1955 كتب حبيب جاماتي مقالا عن وعد بلفور في ذكراه قال فيه:
في 2 نوفمبر عام 1917 كتب لورد بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى لورد أدموند روتشيلد رئيس الاتحاد الصهيوني بإنجلترا خطابا عرف فيما بعد بوعد بلفور قال فيه:
إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وسيبذل كل جهودها في سبيل تحقيق هذا الغرض مع العلم أنه لن تمس الحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية.
وكما نشرت المجلة مات بلفور ومات بعده روتشيلد ولم يؤبنه الصهيونيون ولم يمشوا في جنازته لأنهم تعمدوا أن يسدلوا ستار النسيان على الوعد وصاحبه، لأنهم وصلوا إلى أكثر من الوعد وهو وطن كامل جعلوا منه دولة أطلقوا عليه إسرائيل.
وهذا هو الوعد الوحيد الذي نفذه الإنجليز أصحاب الوعود الزائفة مع العرب طوال مئات السنين.. لكنهم صدقوا مرة واحدة في العمر.
صدقوا مع الصهيونية لأنهم عبيد للصهيونية التي كان روتشيلد يرأس حلقتها في بلادهم، سرقوا فلسطين من العرب وأعطوها لليهود الذين احتفظوا بها.. بل إن الإنجليز لم ينفذوا الوعد كاملا، فالشطر الثاني من الوعد وهو عدم المساس بحقوق غير اليهود لم ينفذوه بل ظلوا طوال مدة انتدابهم في فلسطين يمكنون اليهود من الاعتداء على حقوق العرب المسلمين والمسيحيين الدينية والمدنية على السواء.
لقد أضاف الإنجليز الشطر الثاني من الوعد على سبيل التمويه والخداع والنفاق، فليست لهم سلطة على البلدان لكي يضمنوا منع أخذ أي حق أو الاعتداء عليه.. بل إنهم صدقوا في كل ما يفيد اليهود فقط.
في 2 نوفمبر كل عام كان اليهود يحتفلون بذكرى وعد بلفور الذي قام عليه وطنهم فيترحمون على بلفور وروتشيلد يرقصون ويغنون، ويحتج العرب في ذلك اليوم على الوعد الذي سلبهم قطعة من وطنهم.
واليوم لم يعد أحد يذكر أو يتظاهر أو يغني أو يرقص يوم الوعد، لقد دفن اليهود ذكراه، أما العرب فكان يجب أن يظل هذا اليوم مطبوعا في أذهانهم ليتذكروا فلسطين الضائعة.