عدوان ثلاثي جديد.. هل يهدد ممر الشمال والجنوب قناة السويس؟
كشفت قناة إيرانية، عن عقد اجتماع ثلاثي بين روسيا والهند وإيران، خلال شهر فبراير الجاري لبحث إطلاق ممر للنقل الدولي بين الشمال والجنوب.
قناة السويس
وزعمت قناة «برس تي في» الإيرانية، أن هذا المشروع المخصص للنقل بطول 7200 كيلومتر، سيكون بديلا أرخص وأقصر من قناة السويس، وسيشمل كلا من السكك الحديدية والنقل المائي، حيث سيتم شحن البضائع من ميناء بندر عباس الإيراني على ساحل الخليج، ثم يجري شحنها إلى بندر انزلي على ساحل بحر قزوين، وبعد ذلك تنقل عن طريق البحر إلى أستراخان بروسيا، ومنها إلى أوروبا بالسكك الحديدية.
وحسب تقرير القناة الإيرانية، من المفترض أن يقلل هذا الممر المخصص للنقل الدولي، من وقت وتكلفة نقل البضائع بنسبة 30- 40 %، وبالمقارنة مع قناة السويس، على سبيل المثال، ستصل البضائع من مومباي إلى موسكو عبر «ممر النقل الشمالي الجنوبي» في غضون 20 يوما، في حين يقدر حجم الشحن السنوي بواسطة هذا الطريق الجديد بنحو 20 إلى 30 مليون طن.
يذكر أن وزير التجارة والصناعة الهندي سوريش برابهو، كان أعلن في وقت سابق أن بلاده تود أن تستخدم هذا الممر في أقرب وقت ممكن، فيما أجريت في عام 2014 عمليات تجريبية لتسليم شحنات عبر الطريق الجديد.
شبكة الطرق
تتألف الشبكة متعددة الطرق، التي تبلغ 7200 كيلومتر، من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية، وتهدف إلى نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، وإيران، وأفغانستان، وأرمينيا، وأذربيجان، وروسيا، وآسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية.
والمشروع الجديد يأتي في وقت تصارع فيه الصين الزمن لإتمام مشروعها التنموي لإحياء «طريق الحرير»، وبينما تهدف الإستراتيجية الصينية إلى ربط 60 دولة عبر قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا؛ بغية تعزيز التجارة والصلات الاقتصادية على طول طريق الحرير البحرية التقليدية... فمن شأن الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب في آسيا أن يربط المحيط الهندي والخليج العربي مع بحر قزوين مرورًا بإيران، ثم التوجه إلى سان بطرسبرج الروسية إلى شمال أوروبا عبر الشبكة متعددة الطرق البحرية، والبرية، والسكك الحديدية لنقل البضائع.
بندر عباس
وتهدف الخطة إلى نقل السلع والبضائع من ميناءي «جواهر لال نهرو» و«كاندلا» على الساحل الغربي الهندي إلى ميناء «بندر عباس» الإيراني عن طريق البحر.
وانطلاقًا من ميناء «بندر عباس» تنتقل السلع والبضائع إلى ميناء «بندر انزلي» الإيراني على بحر قزوين بطريق البر ثم تتجه من هناك إلى ميناء «استراخان» الروسي المطل على بحر قزوين بطريق البحر. ثم يتم نقل السلع والبضائع بعد ذلك إلى داخل الاتحاد الروسي وأوروبا عن طريق شبكة السكك الحديدية الروسية.
وحسب تصريحات المسئولين الهنود، فإن الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب من شأنه المساهمة في تخفيض توقيت وتكاليف النقل والتسليم بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة.
عمليات تشغيل
وقال المفوض الجمركي الهندي إس. كومار: «لقد أجرينا ثلاث عمليات تشغيل تجريبية حتى الآن لاختبار فاعلية وجدوى الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب.
وأظهرت التجربتان المنفذتان في عام 2014 حسب زعم «كومار»، أن الطريق الجديدة أرخص فعليًا بواقع 30 % وأقل في التوقيت بواقع 40 %، من الأسلوب الراهن للنقل بطريق البحر فقط، ومن شأن الممر الجديد أن يقلل من الوقت المستهلك في نقل البضائع إلى النصف بواقع 18 يومًا تقريبًا؛ وذلك باستخدام الطريق البحرية فحسب. وسوف يعبر الممر خلال إيران وأذربيجان، ثم يصل إلى روسيا في غضون 22 يومًا بدلًا من 40 يومًا التي يستغرقها حاليًا».
وقال أحد المسؤولين الحكوميين الهنود، إن بلاده تعتمد حاليًا على الطريق البحرية عبر روتردام إلى سان بطرسبرج، وللوصول إلى آسيا الوسطى لا بد من توجيه السلع والبضائع عبر الصين، وأوروبا أو إيران. لكن الطرق المارة بالصين أو بأوروبا طويلة، ومكلفة، وتستهلك وقتًا طويلًا؛ مما يدعونا إلى ضرورة العثور على طريق أقصر نسبيًا وأرخص من حيث التكلفة وأكثر أمانًا.
وأضاف المسئول الهندي يقول: «من شأن الممر الجديد أن يساعد الهند على تجاوز باكستان للوصول إلى آسيا الوسطى ثم روسيا، وربما الحصول على ميزة تنافسية؛ نظرًا لانخفاض التكاليف والفترة الزمنية القصيرة».
بداية التفكير
ويعود تصور الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب إلى عام 1993، ومع ذلك، لم توقع كل من روسيا وإيران والهند على اتفاقية تنظيم شحنات البضائع عبر الممر الجديد إلا في عام 2000، ولقد تم التصديق على الاتفاقية من قبل جميع الأطراف في عام 2002، وانضمت أذربيجان إلى الاتفاقية اعتبارًا من عام 2005. ومنذ ذلك الحين، انضمت 10 دول أخرى إلى المشروع، وهي: أرمينيا، وروسيا البيضاء، وبلغاريا (في وضعية المراقب)، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وسلطنة عمان، وسوريا، وطاجيكستان، وتركيا، وأوكرانيا.
البعد البري
وتوقعت وكالة «تسنيم» الإيرانية في تقرير سابق لها خلال يناير الماضى، أن يؤثر هذا المشروع في حال إنشائه على قناة السويس، خاصة أن القناة الجديدة توازي قناة السويس من حيث الطبيعة الجغرافية، لكنها تختصر الكثير من الوقت، وتقلص النفقات المادية لنقل البضائع، كما أن مشروع ممر الشمال – الجنوب المتوقع إنشاؤه لا يقتصر على البعد البحري فحسب، بل يتضمن خطوط نقل برية وسكك حديد.
مغامرة صعبة
وفي موازاة هذا التفاؤل، يرى خبراء أن الانتهاء من تنفيذ هذا المشروع أمر في غاية الصعوبة، لأن هذا المشروع يكتنفه كثير من الصعوبات، التي تتمثل في المسافة الطويلة، بالإضافة إلى التكلفة العالية، والتضاريس الصعبة والوعرة حيث ذهب البعض للقول: إن هذا المشروع يعد مغامرة بيئية خطيرة على إيران.