درس خصوصي
اعتدنا كل عام في بداية العام الدراسي على تصريحات العديد من وزراء التربية والتعليم المتعاقبين بتجريم الدروس الخصوصية وتهديدات بفصل المعلمين المتورطين في إعطاء الدروس الخصوصية، مثل الأبواق التي تخرج مطالبةً بغلق العيادات الخاصة ما دام الأطباء يعملون في المستشفيات الحكومية، وهكذا وفي النهاية تنتهي الهوجة "على مفيش"، ونجد أبناء قيادات وزارة التربية والتعليم في سناتر الدروس الخصوصية وتنتهي القصة..
هذا هو الحال اليوم، السيناريو نفسه، فقط الذي يتغير فيه اسم وزير التربية والتعليم، فعلى الرغم من أن الوزير الحالي الدكتور طارق شوقي بدأ بالفعل في تطبيق نظام تعليمي جديد يهدف إلى تطوير التعليم وهاجمه الكثيرون قبل أن تبدأ التجربة وحكمنا عليه بالفشل دون نتائج كعادتنا في مصر، فإن الكتاب المدرسي يحتاج إلى التطوير والتعديل وشرح مفصل لذا فكل ولي أمر يلجأ لشراء الكتب الخارجية لأن بها الشرح الوافي الكافي..
وهو الأمر الذي يجعلني أتساءل لماذا لا تكون كتب الوزارة بكفاءة الكتاب الخارجي نفسه والسعره نفسه أيضا، فهذا أمر يسير وبسيط يحقق ربحا للوزارة يستثمر في أمور أخرى، وأيضا يعطي أريحية لأولياء الأمور، ولنعتبر هذا ضمن الثورة التعليمية التي نعيشها..
الأمر الآخر الذي لا أجد تفسيرا منطقيا له هو أن المدارس الثانوية اعتادت على طرد الطلبة ومنعهم من دخول المدرسة بحجة أن حضورهم تضييع وقت وعليهم بالجلوس في المنزل للمذاكرة، وهذا موجود في كل المدارس الثانوية على مستوى الجمهورية، والسبب الرئيسي فيه أن السادة المدرسين مشغولون بإعطاء الدروس في توقيت المدرسة نفسه، وبالتالي هم غير موجودين بالمدرسة، ولا توجد رقابة، وفي النهاية نقول انهيار العملية التعليمية..
تخيلو معي مدير إحدى المدارس الثانوية تم تجديد مدرسته وتزويدها بالسبورة الذكية فمنع الطلبة من دخول المدرسة خوفا على السبورة الذكية، قمة التهريج عندما لا نجد سياسة ثواب وعقاب واضحة في الوزارة تتيح لمن يحقق نتائج في كل المجالات أن يكافئ ومن لا يحقق يعاقب، فقد اختفى دور المدرسة في اكتشاف المواهب واختفت الأنشطة المدرسية رغم أننا جميعنا متأكدين من أن المدرسة تبني الشخصية وعندما تدهور دور المدرسة تدهورت بناء الشخصية المصرية.
وقد دار نقاش كبير بيني وبين اللواء حسام نصر مساعد وزير الداخلية حينما فسر لي ما قاله الرئيس السيسي إننا نحتاج بناء الإنسان، وشرح لي الفارق بيننا وبين الكثير من الدول، وكيف يتم بناء الإنسان هناك، وأن الرئيس ثبت أركان الدولة بعد الثورات، وبدأ في إعادة بناء الإنسان المصري، مؤكدا على وجود عوامل كثيرة للبناء، أعتقد أن التعليم في أول القائمة.