تَمرد ولا تَتَجرد
أن تتمرد من وضع خاطئ يحاولون بوسعهم فرضه عليك فأنت حر لا ترضى بالذل والعبودية لمخلوق وطالما أن هناك متمردين على القهر بقلوب نابضة تصرخ من أجل مبادئها وعقول راشدة توازن الأمور وتعرف حقها وأقلام فى أياد غير مرتعشة فنحن إذن نسير فى الطريق الصحيح ورغم كل ما يحيط بنا من غباء سياسى وعته فكرى فأنا مطمئن على سلامة مصرنا الحبيبة التى لم ولن ترضى بأن تكون غير ما تستحق أن تكون.
نحن شعب غير كل الشعوب قد مر عليه المستعمرون من الغرب ومن الشرق فتأثروا به وتغيرت ملامحهم ولم يتغير هذا الشعب وظل محتفظاً بدمه الخفيف وروحه الساخرة وقهره لمن حاولوا إزلاله فكانت أرضه مقبرة لكل الغزاة. حركة تمرد هى نداء لتوحيد الصفوف لمواجهة من يحاولون بيع مصر وتأجير ثرواتها، وآثارها فهى سهم فى قلوب من يشعلون الفتن داخل مصر لتقسيم الشعب إلى طوائف متناحرة لفرض سيادتهم عليها.
أفهم تماماً إننى أتمرد حين يغار على حقى وإصرخ حينما يحاولون ذبحى بسكاكينهم الصدئة، وأستشيطُ غيظاً حينما يحاولون فرض أفكارهم البالية العفنة على وذلك لأننى مازلت حيًا أزرق فحينما أتألم فيحثنى جهازى العصبى المركزى بالصراخ تعبيراً عن شدة المرض الذى أواجهه.
ولكننى لا أفهم ما معنى أن يقابلونى بحركة يسمونها تجرد هل هى تصريح صريح منهم بأنهم تجردوا من كل المشاعر الإنسانية وبذلك ليس لديهم أى ردود فعل من أى نوع ذلك لموت جهازهم الحسى وكأن لسان حالهم يقول، افعلوا ما يحلو لكم فنحن لا نحس ولا نرى ولا نتأثر.
ما أصعب أن تثور فى وجه الموتى وأن تتحاور معهم وتريد أن تسمع إجابتهم على أسئلتك.. فليس أمامك غير رياضة الخيال والتأمل. ربما تصلح ممارسة هذه الرياضة مع من مات حبيب له ولكن هل يمكن أن يمارس شعب تلك الرياضة مع أموات تتحرك وتتكلم وتتحكم فى مصائر الملايين هذا مستحيل.
فهم موتى قد تجردوا من كل معانى الإنسانية. هل رأيتهم يضحكون؟ الإجابة لا ... الموتى لا يضحكون. ونحن شعب من قديم الأزل يحب الضحك والنكات والسخرية على أوضاعه المؤسفة والمؤلمة فنحن شعب خفيف الظل وهم لاظل لهم، فهل يرضى الشعب عليهم بعد أن أدرك قدراتهم السياسية الفعلية؟ فهل من طبائع المصريين نسيان دماء أولاده؟ فهل يسامح المصريون من خان؟
نعم يُحَرف التاريخ ويُكتب بيد من حكم وسيطر ولكن تظل الحقيقة مُختَبِئة وتغطيها الرمال حتى يأتى يومًا بريح قوية ليُزيحَ الرمال عن الحقائق لتظهر جلية فالحقائق لن تمت وأن مر عليها عقود من الزمان وإن ظن طامسها أنه قد نجا وقد نسج من الكذب ثوباً يشبه الحقيقة فالزمن له عين خبيرة وذاكرة قوية لايصيبُها النسيان.
فأنا مطمئن هم عاشوا سنين يصارعون من أجل الكرسى وحينما حصلوا عليه تصارعوا مع بعضهم للجلوس عليه فكلهم قادة وكلهم لهم أطماع والقسمة مهما حاولوا أن تكون عادلة فلم ترضهم فكلهم يريدون الجلوس على الكرسى والكرسى لا يسع إلا لفصيل واحد فما النتيجة؟.
فريق الكرة الذى به نجوم كثيرة لا يحقق بطولة لأن الكل يسعى لتحقيق مجد ذاتى وأصول اللعبة جماعية وتدور وفق مخطط هندسى وهم لا يجيدون اللعب ويلعبون بالنار ويحسبونها كرة، ولأنهم موتى فهم لا يحسبون مخاطر النار التى حتما ستحرقهم لأن اللعب بالنار يحرق الموتى والأحياء ولكن الأحياء الذين ما زال الدم يسير فى عروقهم يتحسبون مخاطرها ويلعبون معها إذا لزم الأمر بحساب.
ولدى أمل كبير بأن لهيب النيران التى ستحرقهم لن تمتد لتأكل شعب مصر لأنه سيكون هناك شهداء يشكلون أنفسهم كمصد يحتضن نيارنهم لكى لا تمد ألسنة اللهب لبقية الشعب ومؤسساته حفظك الله يا مصر.