رئيس التحرير
عصام كامل

مفتي القدس: الحفريات عن الهيكل المزعوم لا تزال مستمرة بالمسجد الأقصى

فيتو


  • نريد رفع وتيرة الاهتمام بالقضية الفلسطينية.. وهذه رسالتي إلى المسلمين في العالم
  • حكومة «نتنياهو» المتطرفة تسعى إلى طمس هوية القدس
  • سلطات الاحتلال تمارس العديد من الانتهاكات اليومية بحق المسجد الأقصى ونحن صامدون أمامها


قُمْ في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا، وَانثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا..هذا شأنُ الأزهر الشريف وشيوخه قديمًا وحديثًا وفى قادم الأيام والسنين والعقود والقرون، مهما طعنَ الطاعنونَ، وحقدَ الحاقدونَ. سوف يبقى الأزهرُ الشريفُ دومًا حِصنًا منيعًا للإسلام والمسلمين ومقصدًا لمسلمى الشرق والغرب، وقلعة تتحطمُ على حصونِها أوهامُ كارهي الإسلام وخصومِه. 

وكانت ولا تزال القضية الفلسطينية، واحدة من أهم – إن لم تكن الأكثر أهمية- القضايا بالنسبة للشارع المصري، فلا يخلو مؤتمر أو اجتماع إلا ويؤكد على أحقية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واسترداد أرضه المحتلة، وكان آخر تلك المحافل التي أكد على ذلك المؤتمر العالمي الرابع لدور هيئات الإفتاء في العالم، الذي عقدته دار الإفتاء، الأسبوع الماضي، تحت عنوان «التجديد في الفتوى.. بين النظرية والتطبيق» وكان على رأس الوفود المشاركة الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والأراضي الفلسطينية.

«فيتو» التقت مفتي القدس، الشيخ محمد أحمد حسين، للتعرف عن قرب على ما يحدث في الأراضي المحتلة، حيث أكد أن الشعب الفلسطيني لا يزال يتعرض لانتهاكات عديدة تمارس من قبل الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أن الشباب الفلسطيني يقدم أروع الأمثلة في التضحية والصمود ضد كل تلك الانتهاكات.

مفتي القدس، خلال دقائق الحوار، جدد رفضه، ومن ورائه أبناء فلسطين لما يسمى بـ"صفقة القرن" التي يدعو لها الرئيس الأمريكي، موجهًا رسالة إلى جميع المسلمين في العالم بضرورة زيارة المسجد الأقصى، في إطار الضوابط التي يضعها أولى الأمر من أجل مساندة أهل القدس ومؤازرتهم في ملحمة الصمود التي يسطرونها.. وكان الحوار التالي:

بداية.. هل لا تزال لديكم أية آمال أن تحقق مؤتمرات «نصرة القضية الفلسطينية» نتائج على أرض الواقع؟
بالتأكيد.. نحن نرى الخير في الأمة الإسلامية وهو موجود بها ولا ينقطع، وهذه المؤتمرات وغيرها كلها تتعرض للقضية الفلسطينية، لكننا نريد أن ترتفع وتيرة الاهتمام بالقضية الفلسطينية سواء في المؤتمرات الدينية أو السياسية أو القانونية، لأن القضية الفلسطينية تمس كل عربي ومسلم، إضافة إلى أننا نأمل خيرا في كل الشخصيات العالمية الذين يتعاطفون مع القضية ولهم مواقف مسجلة في هذا الشأن، وهناك قرارات واضحة صادرة عن اليونسكو قالت إن المسجد الأقصى على سبيل المثال هو مسجد إسلامي وليس لليهود علاقة به، وبالتالي أعتقد أن تكثيف الجهود العربية والإسلامية في كل المجالات السياسية والدبلوماسية والقانونية والدولية، وفي كل المحافل الإقليمية فكل هذه الجهود من شأنها أن تخدم القضية الفلسطينية وأن تردع هذه الاحتلال في الاستمرار عن كل ما نراه من مخالفاته العدوانية.

بصفتك شاهدًا على الأحداث.. ما أبرز الانتهاكات التي تتعرض لها القدس في الوقت الراهن؟
الحقيقة هناك انتهاكات كثيرة يتعرض لها المسجد الأقصى والقدس، من قبل الطرف الإسرائيلي، في مقدمتها الاعتداءات اليومية التي تكون في المسجد الأقصى من قبل المتطرفين، وكل هذا يأتي ضمن سياسة حكومية واضحة للحكومة اليمينية الإسرائيلية التي توافق على تلك الاقتحامات، بجانب الحفريات التي تتم والاستيلاء على المنازل الخاصة بالمواطنين، وكذلك الحال بالنسبة للأراضي، فكل هذه إجراءات تمثل عدوانا صارخا وفاضحا على المقدسات والأراضي.

 إلى أين وصلت مخططات التهويد والدعوة للتقسيم الزماني؟
محاولات التقسيم الزماني وفرض واقع جديد في المسجد الأقصى بدأت منذ احتلال المدينة المقدسة، واستمرت هذه المخططات حتى يومنا هذا، لكن رغم هذا فشلت كل المحاولات لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، وها هو الشعب الفلسطيني برجاله وشبابه يواجه كل تلك المخططات وسيُفشلها كما فشلت المخططات التي سبقتها.

صراحة.. هل لا تزال هناك حفريات متعلقة بـ«الهيكل المزعوم»؟
نعم هناك حفريات موجودة وهي لم تصل إلى أثر للهيكل أو غيره، لأن الحضارة اليهودية لم تترك أي أثر يلاحظ، وهناك حفريات كشفت عن وجود حضارة بيزنطية ورومانية وقليل من الفارسية وكلها تنم عن الحضارة الإسلامية والعربية المتجذرة في القدس، بينما لا توجد أي دلائل على وجود حضارة يهودية في القدس أو غيرها.

من وجهة نظرك.. ما السر الخفي وراء تلك الحفريات؟
في الحقيقة أن تلك الحفريات لها أسباب كثيرة لعل من أهمها محاولة خلخلة أساسات البنى القائمة للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وسائر المقدسات، وكذلك البيوت الحضارية القديمة التي تنطق بعروبة وإسلامية هذه الأرض، ولعل أكبر دليل على محاولة طمس هذه الحضارة هدم سلطات الاحتلال حي حارة المغاربة في الفترات السابقة، مع الأيام الأولى للاحتلال.

وكيف ترى الدعوات التي ترفض زيارة القدس في الوقت الحالي؟
نحن موقفنا في فلسطين نقول إن زيارة القدس يجب أن تتم، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية والعشرين أكد في كل البحوث التي قدمت في حكم الزيارة وكانت هناك عشرة أبحاث ثمانية منها كانت تدعو إلى الزيارة في ظل ضوابط معينة، واثنان منها فقط كان لهما تحفظ في موضوع الزيارة، والقرار الفقهي الذي خلص إليه المجمع قال بالنص «نحن مع ندب ونرغب في زيارة القدس ولا يوجد أي مانع شرعي في هذه الزيارة ضمن الضوابط التي يرى أولو الأمر تنفيذها على أرض الواقع».

وما أبرز الضوابط التي حددها المجمع لزيارة القدس؟
أبرز تلك الضوابط هو أن الذي يأتي زائرا للقدس غير معترف أنها عاصمة للإسرائيليين وأنها مدينة محتلة، بجانب أنه يأتي بنية زيارة القدس ودعم المواطنين بها وليس الغرض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، يأتي كذلك ليؤكد على عروبة وإسلامية القدس وأنها أراضٍ محتلة، فبهذه الضوابط يأتي الزائر إلى المسجد الأقصى.

برأيك.. إلى أي مدى أسهم قرار الرئيس الأمريكي الخاص بنقل سفارة بلاده إلى القدس في إحباط مشاعر الفلسطينيين؟
بالعكس تمامًا فهذا القرار محاصر الآن من العالم، فحينما تقف أكثر من 138 دولة لتقول نحن ضد هذا القرار في مجلس الأمن الدولي، فهذه بمثابة محاصرة للقرار والدليل على ذلك أنه لا يوجد أي دولة نقلت سفارتها إلى القدس إلا أمريكا تبعتها دولة نيكاراجوا، وكل الدول ترفض هذا القرار.
وأريد التنويه هنا إلى أن الرئيس الأمريكى ينتمي لطائفة مسيحية متصهينة، وهذا تيار واضح في أمريكا وله أتباعه بالملايين، وبالتالي يتماهى مع الكيان الإسرائيلي، وفي كثير من الأحيان يكون الأمر تائها، فهل يتخذ القرار من البيت الأبيض أم في الحكومة الإسرائيلية، وأعتقد أن البيت الأبيض ينفذ ما تريده الحكومة الإسرائيلية.

وهذا لا يعني أن الشعب الفلسطيني تراجع أو أصابه اليأس بل بالعكس الشعب زاد إصراره على التمسك بحقه في القدس وأرضه وحقه في العودة والمحافظة على كل الثوابت الفلسطينية، وهذا هو شأن الشعب الفلسطيني الذي تحطمت على صخرة صموده كل المؤامرات والمحاولات، وستُحطم بإذن الله أيضًا صفقة القرن المشبوهة التي «يطبل ويزمر» لها الرئيس الأمريكي وهي في طريقها الآن إلى الاختفاء والزوال، لأنها مرفوضة فلسطينيًا وعربيًا، كما أننا نشكر الدول كافة التي رفضت تلك الصفقة.

ما الاستفادة التي عادت على القضية الفلسطينية من إعلان الأزهر «2018 عامًا للقدس»؟
الأزهر مشكورا عقد مؤتمرا في بداية 2018 تحت مسمى «نصرة القدس» واستطاع الخروج بمواقف وقرارات من أهمها هو تدريس القضية الفلسطينية في المناهج الأزهرية، وربما تعمم هذه المبادرة على بقية المناهج الدراسية في مصر، ولشيخ الأزهر مواقف طيبة وكريمة ومشكورة في كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وهناك بيانات كثيرة تصدر لترفض وتدين وتشجب كل المواقف الإسرائيلية العدوانية سواء كانت تخص اعتداءهم على المقدسات أو الشعب الفلسطيني وغير تلك من الأمور، ونحن دائما لدينا تواصل مع الأزهر الشريف، ولدينا لقاءات دورية بشكل مستمر ونحن في خندق واحد للدفاع عن القدس بجميع مقدساتها الإسلامية والمسيحية.

هل هناك أوجه تشابه بين المشكلات الاجتماعية في مصر وفلسطين؟
بالطبع فنحن في فلسطين نعاني أيضًا ارتفاع معدلات الطلاق نتيجة الظروف الاقتصادية والتأثر بالإنترنت وظروف الاحتلال، ويجب الاهتمام بالأسرة والعمل على تنمية القيم التي تدعم الأسرة، لأنه إذا أحسنا التربية والقيم نستطيع مواجهة مشكلات الطلاق.

أخيرًا.. الرسالة التي تود إرسالها إلى المسلمين في العالم.

أود القول للمسلمين في العالم إن مدينة القدس تمثل رسالة وحضارة إلى الأمة الإسلامية، وعلى الأمة العربية أن تحافظ على عقيدتها وعلى وحضارتها وتاريخها وعلى الجميع أن ينهض بمسئولياته قبل أن يسأل عند الله في اليوم الآخر تسود الوجوه ولا يجد جوابا لعدم قيامه بمسئولياته على الوجه المطلوب.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية