رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 47


يخرج الاستعمار من الدول بجيوشه، ولكن يترُك فصائل تُعرقل التنمية فيها بشكل ناعم وتظل سيطرته على تلك الدول بسياسات أُخرى، قد تكون منظمات حقوق الإنسان أو تحرير المرأة أو نشر الديمقراطية أو ما إلى تلك من مُنظمات يُمكنها أن تتغلغل في المُجتمعات للسيطرة عليها لصالح ثقافته ومحو ثقافة تلك المجتمعات!!


وتعمل المنظمات الكونية ذات التخصصات المختلفة وكأنها مُستقلة، إلا أنها ليست كُلها كذلك ولدي الكثير منها مصالح في الدول التي تعمل بها لصالح حكوماتها وتنقل المعلومات التي تُجمعها من الدول المُختلفة إلى الأجهزة المعنية في بُلدانها مثل المخابرات.

وقد يترك الاستعمار مشاكل مُزمنة ويُحافظ على استمرارها بسياسات موجهة من الخارج. ولدينا في عالمنا، مُشكلة شمال وجنوب السودان التي لم تكُن يوماً مُشكلة دينية ولكن تركيز التنمية في المركز وترك الهامش في تخلفه، مما أوجد أطول حرب أهلية عرفها العرب بين شمال وجنوب السودان ما بين 1956 و2005.

كذلك زرع الغرب التنظيم الدولي لجماعة الإخوان في مصر والعالم منذ 1928 لتشويه الإسلام وشيطنته، ليُشتت هوية البلدان ويُعرقل نموها ويزرع الفتن فيها!!

إلا أن هناك منظمات تُحدد السياسات الكونية ككل وتتحكم في العالم بما لها من نفوذ وما بها من أعضاء إما يتمثلون فى أفراد ذوى نفوذ أو دول. وتلك المُنظمات منها ما هو مُعلن وشهير جداً ومنها ما هو معروف ولكن اجتماعاته مُغلقة على أعضاء مُعينين فقط.

ومن المنظمات المعروفة ذات الاجتماعات المُغلقة: مجموعة بيلدبرج Bildberg Group، ومكونة من ما بين 120 و140 عضوًا من الحكومات ومُديري الشركات المؤثرة في الغرب وهي منظمة من مُنظمات تأسيس الفكر العولمي، لتأهيل العالم للحُكم المُهيمن من قبل الغرب، وتعتمد وسائل اقتصادية، وقد اعترف بعض أعضائها علناً بأنهم يطمحون في الوصول إلى حكومة عالمية واحدة تُسيطر على العالم كله، وأن هذا ليس سيئًا لأنه سيمنع الحروب. إلا أن هذا التفكير ساذج للغاية بالتأكيد، ولا يُمكن أن يخيل على أي شخص، حيث إن الاختلافات المُتعددة في العالم لا تُمكن إحداث هذا. كما أن الإرادة السياسية الدولية، أثبتت عدم قُدرتها على إحداث هذا التقارب.

أما اللجنة الثُلاثية Trilateral Commission، فهي التي أسسها ديفيد روكفيلر في 1973، لخلق تعاون أكبر بين دول أمريكا الشمالية وأوربا الغربية واليابان. وهي تطمح في تكوين حكومة مُسيطرة على العالم ومُتخطية أي سلطة بحيث تُصبح هي السلطة الوحيدة على الأرض. وعندما تعرف أن أحد أعضائها هو زبيجنيو بريجنسكي، المخطط الاستراتيجي الكبير في مجال السيطرة الأمريكية على الشرق الأوسط، تعي مدى جديتها.

وعلى المستوى الدولي المُعلن لا يُمكن لأحد أن يغفل دور صندوق النقد الدولي في تدمير الدول اقتصادياً وتركيعها وهنا لا يُمكن التغاضي عن دور الصندوق في يوغوسلافيا السابقة، وكيف تمكنت السياسات الاقتصادية التي فرضها من المساهمة مع سياسات الدول الغربية في خلق الصراع داخل يوغوسلافيا حتى اندلاع الحرب بها وتفتُتها إلى 6 دول، بعد أن كانت تُمثل التجربة الاشتراكية الأنجح في أوروبا الشرقية!!

إن التفكير بمنطق أن الدول النامية، مُخيرة في كل قراراتها، وبالذات تلك المُتعلقة بالتنمية الاقتصادية، لهو تفكير يدل على السذاجة المُفرطة.

كما أن كون مصر دولة مجاورة لإسرائيل، حليف أمريكا الأساسى فى الشرق الأوسط، يجعل العراقيل الموضوعة أمامها أكبر بكثير، وليست مسألة سهلة للوقوف أمامها أو الحيلولة دون التأثر بهجماتها!!
ولكن.. لن تسقط مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادي،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية

الجريدة الرسمية