رئيس التحرير
عصام كامل

«مصلحة لمصر».. السد الأثيوبي الجديد يدشن سياسة الاعتماد على «السدود الصغيرة».. «آبي أحمد» يتجه للمشروعات المائية المحدودة بعد توقف العمل في «سد النهضة».. و«

فيتو

افتتاح أي سد في أفريقيا بات يمثل فزعًا لدى المصريين، ساهم في ذلك بنسبة كبيرة سد النهضة الذي يعد المشروع الأضخم في القارة السمراء في الوقت الحالي.


ولكن الحقيقة تقول غير ذلك، وإن كانت هناك سدود تثير فزع المصريين، فهناك سدود هي في الحقيقة في مصلحة القاهرة، ولا ينسى الكثيرون أن مصر نفسها تعلن عن بناء أكثر من سد، كان آخرهم 3 سدود لحجز مياه الأمطار في البحر الأحمر، أعلن الدكتور محمد عبد العاطي افتتاحهم خلال الأسبوع الماضي.

سد رب
جدّد الحديث عن السدود ما أعلنته الحكومة الإثيوبية منذ أيام عن افتتاحها لسد «رب» الذي تعطل بناؤه منذ فترة، مشيرة إلى أنه سد يقع في شمال إثيوبيا بولاية «أمهرا» ويصل طوله إلى 800 متر، وارتفاعه73.5 متر.

كما أوضحت وكالة الأنباء الإثيوبية، أن السد يتمتع بقدرة استيعاب 234 مليون متر مكعب من المياه، والذي يُمكِّن من تنمية 20 ألف هكتار من الأراضي عن طريق الري.

أنواع السدود
وقبل معرفة كيف يصب سد «رب» في مصلحة القاهرة، فيجب أولًا توضيح الفارق بين السدود، إذ أن السد ذاته كمنشأة هو عمل مشروع تقره القوانين الدولية كلها، وذلك ما يحدث في مصر وغيرها من الدول، بل إن بعض المنظمات الدولية تمنح أموال خصيصًا لبناء السدود، إذ إنها تعد وسيلة فعالة لحجز مياه الأمطار والسيول وبالتالي الاستفادة منها في ظل ندرة مائية عالمية، بالإضافة إلى حماية المواطنين من أي فيضانات وأخيرًا استخدام بعض السدود في توليد الطاقة الكهربائية التي تشهد هي الأخرى ندرة في العالم.

الأنهار عابرة الحدود
وإن كانت السدود تمثل تلك الفوائد، فإن المشكلة الوحيدة التي تقابل رغبة أي دولة في إنشاء سد، أن يُبنى هذا السد على نهر عابر للحدود، أي نهر تشترك فيه أكثر من دولة كما هو الحال في نهر النيل الذي تشترك فيه 11 دولة يُطلق عليهم «دول حوض النيل»، ولتنظيم هذا الأمر، وضعت الأمم المتحدة قانون الأنهار عام 1996، والذي نص على إنه من حق أي دولة إنشاء سدود طالما لا يتعارض ذلك مع الدول المشتركة الأخرى، وحددت السعة التخزينية للسدود العامة بـ14 مليار متر مكعب من المياه، أما في السدود التي تتسع لأكثر من ذلك فإن شرط البناء موافقة الدول المتوقع تضررها قبل الشروع في البناء.

أسلوب جديد
إعادة افتتاح سد «رب» الجديد بعد تعطله لسنوات طويلة، خطوة نحو الاعتماد على السدود الصغيرة بدلًا من سد النهضة العملاق، خبراء المياه والموارد المائية يؤكدون ذلك خاصة في ظل سياسة «آبي أحمد» الذي أعلن أن سد النهضة أمامه 10 سنوات للإنجاز بدلًا من 3 سنوات كما ردد رئيس الوزراء الأثيوبي السابق «ديسالين».

وكان ضمن الانتقادات التي وجهتها مصر لإثيوبيا في الفترة الأولى من بناء سد النهضة، أنه إذا كان القصد هو التنمية فإن السدود الصغيرة يمكن أن تقوم بذلك الدور أفضل من سد النهضة ودون الإضرار بأحد، خاصة أن الموارد المائية في إثيوبيا لا تعتمد على نهر النيل بل إن الاعتماد الأساسي على مياه الأمطار، ومن خلال حجز تلك المياه يمكن الاستفادة دون التسبب في أي مشكلة لكنه حل لم يكن يروق للحاكمين لإثيوبيا وقتها.

الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، يؤكد تلك الحقيقة، لافتًا إلى أن الاتجاه إلى السدود الصغيرة أفضل بكثير من السدود العملاقة التي تسبب مشكلات بين الدول، فسد «رب» رغم صغر حجمه إلا أنه يوفر زراعة 20 ألف هكتار، ومع استمرار تلك السياسة يمكن لإثيوبيا النهوض، بل إن مصر ستساهم في إنشاء تلك السدود بما لها من خبراء وما تملك من كوادر بشرية مؤهلة لذلك.
الجريدة الرسمية