الأديب سعيد الكفراوي: محمد نجيب قال لي: «عبد الناصر تسبب بموت أحد أبنائي وضياع الآخر»
قضيت 6 أشهر بسجون عبد الناصر والسادات كانوا يحققون معي بالصباح باعتبارى إخوانيا وفى المساء باعتبارى شيوعيا
عبد الناصر كان يحب العرب أكثر من المصريين وشعارات ثورة يوليو سقطت بهزيمة يونيو 67
الانتصار في أكتوبر كان جزئيا لأننا لم نسترد أرضنا كاملة
مبارك فتح البلد للأغنياء ليفترسوا الناس ورأينا الغنى الأسطوري
جمال الغيطاني كان دائما يوقع بينى وبين نجيب محفوظ.. ربنا ينكس أعلامه
لا نستطيع التنبؤ بمستقبل الثقافة ونعيش الآن حالة انحطاط وتراجع للقيم
كفر حجازي هي الكون كله رأيت فيه مصر من الملكية وثورة يوليو إلى الآن
نحن جيل لم يحصل على مؤهلات عليا من الغيطانى واصلان وخيرى شلبى حتى نصر أبو زيد
ذهبت إلى يحيى حقي بجلابية وطاقية لأنشر قصة فسخر مني ثم احتضنني
يحيى حقى أحد صناع اللغة العظام وأول من نبهنا إلى عالم الصعيد الكنز الغنى في البوسطجي
جابر عصفور نبهنا للماركسية واليسار وموجة الحداثة التي كانت تضرب العالم
"ريش" كانت تطبع منشورات ثورة 19 ومنها خرج التيار الشباب المعارض لعبدالناصر
"المهرة" السبب في اعتقالي ستة أشهر متهما كإخوانى وكشيوعى في نفس الوقت
جيل الستينات استنكر أن أكون بطلا لرواية الكرنك لنجيب محفوظ
صنع الله إبراهيم قال لي: جرى إيه يا كفراوى إنت تسافر السعودية تجيب فلوس وعايز ترجع تكتب قصص؟!
"حكايات صغيرة مع نجيب محفوظ " أثارت الغيطانى ضدى.. ومحفوظ أنصفني
شكرى عياد اكتشف عنصر الزمن وهو لم يكتشفه أحد في أعمالي
عملت رئيس حسابات في عزبة المرج وكانت سببا في لقائي بالرئيس محمد نجيب
سلوى بكر وميرال الطحاوي فقط عبرن عن أحوال المرأة
لا يجوز مقارنة علاء الأسوانى بالكبير نجيب محفوظ.. والأسواني كفاية عليه الأربع روايات
أجرى الحوار: محمد نوار
تصوير: وئام مصطفى
هو ابن الأرض التاريخية بطقوسها وأعيادها، وشاهد فاعل في الثقافة والحياة الثقافية على مدى أكثر من نصف قرن، أحب الناس والزملاء والأصدقاء وتراب الوطن، لا يزال يحلم لمصر برغم أنه أصبح على مشارف الثمانين من العمر، تعرض للاعتقال سنة 1970، قبيل أيام من وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، بسبب قصة كتبها، وبعد خروجه من المعتقل حكي ما حدث له لنجيب محفوظ الذي استوحى منه شخصية إسماعيل الشيخ في روايته "الكرنك".
يرى أن عفيفي مطر يساوي «عشرين» من أمل دنقل لكن صعوبة شعره قللت شعبيته، وأن عبد الناصر كان يحب العرب أكثر من المصريين، وشعارات ثورة يوليو سقطت بهزيمة يونيو 67.
يعتبر القصة القصيرة أمثل الأشكال للتعبير عن تجربته لغة واقتصادا وشكلا. وتمثل قرية كفر حجازي بالمحلة الكبرى بالنسبة له حلما طويلا لم ينقض حتى الآن، منه كتب تجربته الأدبية، وأغلب أعماله تتجلى في هذا المكان من الدنيا، هو البداية وأول اكتساب للخبرة وأول إحساس بالدهشة، أول تكوين لوعى الكاتب، وأول معرفة للكتابة، كفر حجازى الميلاد.. وقريبا المستقر الأخير، هي التي أشعلت خياله وشحذت علاقته بوجوده، ترجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والتركية والسويدية والدنماركية، وحصل على جائزة السلطان قابوس بن سعيد للقصة القصيرة عن مجموعته القصصية "البغدادية" وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2016.
إنه الكاتب والأديب الكبير سعيد الكفراوى الذي حللنا بساحته وفى حضرته، نجتر مع الذكريات ونتحدث عن الواقع في آن واحد.. انطلق حوارنا من مسقط رأسه، قرية كفر حجازي بالمحلة الكبرى، التي تمثل له كل شيء، حيث تحدث "الكفراوى" عنها متأثرًا:
"كفر حجازى هي التي أشعلت خيالى، وشحذت علاقتى بوجودى، من خلال تفاصيلها وطقوسها وأساطيرها والبشر الذين يعيشون فيها، وعلاقتهم بالسلطة عبر مصر الدولة المدنية ثم دولة ناصرية ثم دولة انفتاح اقتصادي إلى أن وصلنا لليوم".
يلتقط الأديب الثمانيني أنفاسه ثم يعرج بالحديث عن أبناء جيله قائلا: "جميع أبناء جيلى يحملون مؤهلات متوسطة، خيرى والغيطانى وأصلان باستثناء البساطى وجميل إبراهيم عطية، حتى نصر حامد أبو زيد كان دبلوم تليفونات قبل أن يتوجه إلى كلية الآداب".
عندما سألته هل خططت لأن تكون أديبًا، فأجاب "الكفراوى": "أثناء الدراسة لم يكن في وعيي أننى سأكون أديبا أو كاتبا، وبالرغم من هذا في نهاية الخمسينيات كنا نقرأ لـ: السباعى، عبد القدوس، السحار، سعد مكاوى، محمد عبد الحليم عبدالله الذي أبكانا، إلا أننا اصطدمنا بثلاثة هم: يوسف إدريس، نجيب محفوظ، يحيى حقى ثم بعدهم بسنة إدوارد الخراط، وهؤلاء نبهونا إلى أن هناك صيغا عند الخواجات فاكتشفنا الأدب الروسى، والأمريكاني، ومجمل الثقافة لديك وسعت من رؤيتك لعالمك وللحكايات التي عرفتها في قريتك، ساعدتك في أن تجعل عالمك يقبله الخواجة في إنجلترا، وفرنسا، وروسيا عندما تترجم أعمالك، لأنك تكتب جزءا من ثقافة العالم".
بدايات الكبار تحمل الكثير من الأسرار التي تخلدها في الذاكرة، حيث تحدث "الكفراوى" عن بداياته قائلا: "في عام 1966 كانت تصدر مجلة اسمها "المجلة" وأنا فلاح لبست جلابية بلدى وطاقية، وذهبت من كفر حجازى إلى القاهرة، دخلت على أستاذنا يحيى حقى وهو جالس إلى مكتبه، ذهل من شكلى، قلت له: صباح الخير يا أستاذ يحيى فعاد بكرسيه للخلف" ورد : صباح النور أنت مين يا ابنى؟ قلت: أنا سعيد الكفراوى فرد: وعايز إيه يا كفراوى؟ قلت له "معايا قصة عايز أنشرها في مجلة المجلة".
بدايات الكبار تحمل الكثير من الأسرار التي تخلدها في الذاكرة، حيث تحدث "الكفراوى" عن بداياته قائلا: "في عام 1966 كانت تصدر مجلة اسمها "المجلة" وأنا فلاح لبست جلابية بلدى وطاقية، وذهبت من كفر حجازى إلى القاهرة، دخلت على أستاذنا يحيى حقى وهو جالس إلى مكتبه، ذهل من شكلى، قلت له: صباح الخير يا أستاذ يحيى فعاد بكرسيه للخلف" ورد : صباح النور أنت مين يا ابنى؟ قلت: أنا سعيد الكفراوى فرد: وعايز إيه يا كفراوى؟ قلت له "معايا قصة عايز أنشرها في مجلة المجلة".
فقال لى: "ليه يا كفراوى هي مجلة (المجلة) مجلة سرية؟ أنت عارف بيكتب فيها مين؟ رديت عليه: عارف يا أفندم لويس عوض، محمد مندور، محمود شاكر، فقال لي تعالى يا كفراوى، وخرجنا إلى البلكونة وأغلق الباب، قال اقرأ يا كفراوى، القصة كانت بعنوان "الموت في البدارى" أخذ يسمع، ثم قال اقرأ تاني يا كفراوي، ثم قال حسك جديد بالكتابة على القارئ، اسمع، روح لسكرتير المجلة -كان اسمه كمال ممدوح حمدي- وسلم له القصة.. الرائع أن القصة نشرت في أول عدد صدر بعد زيارتى للمجلة.
رغم هذا اللقاء المثمر مع "يحيى حقى" إلا إنه لم يتكرر إلا بعد 15 سنة، وتحديدا في المركز الثقافى الفرنسى، حيث يقول "الكفراوى": "كنت أرتدى بدلة وفى غاية الشياكة ومتقمص شخصية البيه، فإذ به ينادينى: فاكر يا كفراوى لما جيت بالجلابية والطاقية؟ فسقط في يدى، وقبلت رأسه ويده وأكتافه وقلت طبعا افتكر فقال: "يا كفراوى كانت أيام حلوة".
تلمع عينا "الكفراوى" قبل أن يستطرد: "يحيى حقى رائد نبهنا إلى غنى الصعيد في البوسطجى، الصعيد عالم يموج بالصراع وملىء بالأسئلة وكثير من الأساطير، وهي الكنز الذي أشار إليه وأبدع فيه".
تطرق الحوار بيننا إلى "مقهى ريش" الذي يعتبر قدامى المثقفين "قدس الأقداس"، حيث يحكى "الكفراوى": "ريش ليست مكانا، بل هو مقهى تاريخى محفور في الذاكرة المصرية منذ ثورة 1919، كان شاهدا ومشاركا فيها، كان يحتوى الكتاب والمفكرين والمهتمين والفنانين، كل من يزور هذا المكان سيجد عشرات الصور على جدران المقهى، شاهدة على أحداث مصر منذ ثورة 19، لقد واكبها ولا تزال ماكينة الرينيو التي كانت تطبع منشورات ثورة 19، الكاتب أسامة أنور عكاشة استوحى في ليالى الحلمية شخصية الفتوة، هو تجسيد أحد زبائن ريش وكان شاميا ولكنه منتمٍ للثوار، هذا المكان ضم جيل الستينيات الذي تجمع فيه ردا على هزيمة 67، حركة تكون داخلها قدر من تجديد وتوظيف الكتابة لخدمة واقع اجتماعي معين".
وعن كواليس لقائه بالرئيس الأسبق "محمد نجيب" يحكى "الكفراوى" قائلًا: "أثناء عملى في الجمعية الزراعية في بداية السبعينيات حيث كانت تقع وسط حديقة في عزبة المرج، لاحظت عربية كاديلاك تأتي كل يوم يترجل منها رجل عجوز يشترى كيلو مانجو بخمسة قروش، اقتربت منه فإذا باللواء محمد نجيب رئيس مصر الأسبق، فقد سمح السادات له بعض الحركة، فقلت له ذات مرة: ممكن انقى لك المانجة ؟ قال: اتفضل، والحقيقة رأيته على هيئته والبايب في يده وبنفس سماحته، في ذلك الوقت كان "نجيب" هرب مذكراته إلى لبنان، وكانت تُنشر في مجلة الحوادث التي كان يرأسها سليم اللوزى الممنوع دخولها مصر، وكان أمل دنقل يتحصل عليها، كنت اقرأ مذكرات الرئيس محمد نجيب التي نشرت فيما بعد "كلمتى للتاريخ"، وبدأت أناقشه، ويرد بحرص شديد، لافتا نظرى أن سائق سيارته ضابط مخابرات!! وقال لى ذات مرة: إننى لا أنسى لعبد الناصر، أنه أضر بولدىَّ، أحدهما مات في ألمانيا والثانى انتهى أمره للضياع، على أي حال أنت قرأت المذكرات، وملاحظاتك جيدة.. أنهى الرئيس نجيب كلامه ضاحكا وتركنى حيث يعقب "الكفراوى":" هذا الرجل أسهم إسهاما حقيقيا في تاريخ مصر، وكان ممن دافعوا عن الديمقراطية ومدنية الدولة المصرية".
ذاق "الكفراوى" مثل كثيرين من أبناء جيله ويلات السجن في زمن كل من" جمال عبد الناصر والسادات، حيث يتذكرها قائلًا: " قضيتُ ستة أشهر في السجن، شهر قبل رحيل عبدالناصر وخمسة مع السادات، كان يأتي في الصباح تقريبا يوميا من يحقق معى باعتبارى إخوانىا، وفى المساء آخرون يحققون معى باعتبارى شيوعىا، وسبب القبض على أنني كنت كتبت قصة قصيرة نشرت في مجلة "الثقافة الجديدة" اسمها: "المهرة "تحكى عن مهرة يمتلكها رجل صاحب مقام، وصاحب هيبة يستمدها عندما يركب هذه الفرسة، فكان يمثل للناس إحساسا من الخوف، ولهذا الرجل أخ أصغر شاب كان يحلم بأن يركب هذه المهرة، ويطيح بها في البلد، وكأنه يمثل روحا جديدة لدى الناس، غاب الأخ الكبير فركب الأخ الصغير المهرة في غيابه وطاح في البلد، وكان موضع فرح وأمل لدى الناس، حين عاد الأخ الكبير جلد بالكرباج".. يتوقف "الكفراوى" قليلًا قبل أن يكمل: "من قصتى كتب عمنا نجيب محفوظ رائعته "الكرنك" ووسط الناس قال: يا كفراوى انت إسماعيل الشيخ في رواية الكرنك، قلت: شكرا أستاذنا، متابعًا:" جيل الستينيات كان يجمع على خصوبة خيالى".
ويستطرد "الكفراوى": "كتبت هذه القصة مع أربع حكايات أخرى مع نجيب محفوظ، كانت من أمتع الحكايات التي كتبت عن أستاذنا الكبير، نشرت في الأهرام بعنوان: "حكايات صغيرة مع نجيب محفوظ" وكان صديقى جمال الغيطانى غيورا فنيا، أخذ الجريدة وذهب إلى نجيب محفوظ وقال :شايف الكفراوى خياله خصب، وألف حكايات ونسبها لك بالله العظيم ولا حكاية من الحكايات دى حصلت..؟ فرد أديب نوبل: لا يا جمال أنا فاكر أربعة منهم.. الطريف أن الغيطانى دائما كان يوقع بيننا".
"أنا الشخص الوحيد الذي رأى أهله وذويه بعد موتهم".. هكذا قال "الكفراوى" قبل أن يفصل قوله: "سافرت ذات يوم لقريتى، سألت عن إخوتي قيل لى بيبنوا مقبرة جديدة، فذهبت ببدلتي إلى المقابر، وجدت ابن عمى نادانى، وأحضر شوالا وفرغه فإذا بجماجم، أمسك إحداها وسألنى مين دى؟ قلت أمى، ومين دى؟ قلت: ستي -جدتي- لأنها نفس حالة أمى، ومين دى؟ قلت أختى الطاهرة رأسها صغيرة وجمجمتها صغيرة، وعرفت أهلي واحدا واحدا، وكنت الوحيد الذي رأى أهله بعد موتهم، فلملمت ما رأيته وكتبت قصة "شرف الدم " وفى القصة سألت ابن عمي: أومال فين أبويا؟ قال: لم نجده، في القصة يبدأ البطل البحث عن والده في الموالد، الاحتفالات، ليالى العزاء، وكل ما يبحث هو يكبر في السن، ذهب إلى رءوس الغيطان، والسواقى، ويكبر.. ويشيب.. وهو يبحث عن أبيه في المدينة رأى مرايا ونظر فيها وجد واحدا يقابله، فمد يده ليسلم عليه.. قال صارخا: أبويا.. أبويا.. أبويا".
يسخر "الكفراوى" من مقارنة "علاء الأسوانى" بأديب نوبل، قائلًا:" مستحيل يكون الأسوانى نجيب محفوظ تانى، مقارنة ليست في محلها، نجيب محفوظ كان منشغلا بالقضايا الكبرى: الكلمة، العدل، قضية الموت، الحياة، حققها من خلال مجموعة الفتوات، وآخر أعماله "أحلام فترة النقاهة" كتبها وهو على أبواب التسعين، إنه "كاهن مصرى "مثل كهنة الفراعنة، وظل يكتب بالرمز ويطرح أسئلة الروح والتصوف، والحلم بالعدل في جوهر الإنسان، وأولاد حارتنا من الروايات في هذا الدرب، والحرافيش تجلى فيها بكتابة نص عربى بأفق عالمية.
يبدو أن "الكفراوى" لا يحمل مشاعر طيبة تجاه رؤساء مصر السابقين، حيث يرى أن "عبد الناصر" كان يحب العرب ربما أكثر من المصريين، كما أنه أضاع ثورة 23 يوليو 1952 بنكسة 67.. أما السادات فهو جزء من تجربة يوليو، انتصار أكتوبر ينسب له بالطبع، وإن كنت أرى أن الانتصار في أكتوبر كان انتصارا جزئيا؛ لأننا لم نسترد أرضنا كاملة، ولكنه قدم الانفتاح الاقتصادى والصلح مع العدو وكامب ديفيد، أما مبارك فقد فتح البلد للأغنياء افترسوا الناس".
يتحدث "الكفراوى" بامتنان عن رموز الحركة الأدبية والشعرية من أبناء جيله، فيقول عن الشاعر "محمد عفيفي مطر": " ربما كان الأقرب لى، عرفته مبكرا في بداية مشوارى 1966، كان شاعرا ناضجا مدهشًا، شهد له الجميع في العالم العربي"، مضيفًا: " عفيفي مطر يساوي عشرين شاعرا في حجم أمل دنقل، لكن أمل حبوب بالرغم من أنك كما تقول أيقونة الشعر في الستينيات والسبعينيات، وأذكر كان إبراهيم منصور يطل على أمل دنقل شاعر أنصاف المثقفين في حضوره، وعفيفى شاعر المثقفين، عليك أن تستعد قبل أن تقرأ المومياء المتوحشة، فأعضاؤك تنتفض، إلخ".
أما "إدوارد الخراط".. فيقول "الكفراوى" عنه: "إدوارد الخراط، أحد المجددين، لم يكن مع السائد، لم يكن كاتبا واقعيا أو اجتماعيا، السريالية شغلته مرحلة، ثم التجريد، كان يرى اللغة سقف العالم، واللغة العربية قادرة على إقامة عالم من التخيل لا يتوازى معه عالم آخر، كان من منتصف الأربعينيات مختلفا، في اللغة، في العوالم، في الشخصيات غير المألوفة، إلى أن كتب "رامة والتنين " وهى رواية تجريد كامل، جزأين في ألف صفحة، قدم امرأة متعددة، المرأة القبطية، الإسلامية، الفرعونية، وفيها مصر، وفيها الطقوس، إنه أحد أهم المجددين والداعين إلى الحداثة، إضافة أنه أحد أهم نقاد الأدب، شارك في ابتعاث مدارس أدبية في "جاليرى" في الستينيات".
ولأن أهل مكة أدرى بشعابها.. ختمت حوارى مع "الكفراوى" بسؤاله عن مستقبل الثقافة في مصر، فتجهم وجهه قبل أن يجيب: "مستقبل الثقافة المصرية كان مشروعا عند طه حسين من قلب الدولة المدنية، كان مشروع ثقافة واستشراف مستقبل سياسي واقتصادى واجتماعى، ولكن الآن لا تستطيع من خلال حالة الانحطاط أن تتنبأ بمستقبل الثقافة، نحن نعيش الآن فترة من فترات التراجع الحقيقي عن القيمة وعن حياتنا الثقافية، مصر التي كانت تقود الثقافة وتطرح الأسئلة تراجع دورها تماما، بسبب التجاوز ولن تكون هناك ثقافة حقيقية إلا بشروط أن تكون مصر دولة مدنية".
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"