رئيس التحرير
عصام كامل

النصب باسم الكبار


تختلف أشكال النصب، لكن معناه يظل واحدًا.. الخداع والاحتيال والابتزاز، وتتباين أنواع النصابين، فمنهم المثقف ومنهم الأمي ومنهم ما بين الاثنين، وتتنوع عمليات النصب وفقًا لتكوين النصاب وطموحاته، فهناك من ينصب باسم العلم ومن ينصب باسم الدين ومن ينصب باسم الوطنية، ومع سيولة الأحداث التي تنتج عن الأزمات التي تمر بها المجتمعات..


نجد أنفسنا أمام صنوف شتى من النصابين، وقد تجلت عمليات النصب لتعيش أزهى فتراتها في السنوات السبع الأخيرة، فما بين يوم وليلة وجدنا أنصاف المتعلمين يحملون شهادات دكتواره، ووجدنا الهواة محللين سياسيين وخبراء استراتيجيين، والذين تآمروا على مؤسسات الدولة لتقويضها وهتفوا لإسقاطها وجدناهم يتصدرون صفوف الوطنيين، والذين هللوا للإخوان أصبحوا الآن من النخبة وادعوا أنهم من المقربين، ووجدنا الراقصات وبائعات الهوى والمنافقين والمتلونين على الشاشات مذيعين ومتحدثين.

لكن صنف جديد من النصابين خرج من رحم أحداث السنوات السبع الأخيرة، وأقسم ألا يرحمنا من حديثه المستمر عن قربه من الكبار وعلاقات وطيدة تربطه بأصحاب القرار، حتى صار يتحدث باسمهم ويخوف ويبتز بهم، ويحتال بصورة التقطها مع مسئول، أو لقاء عابر جمعه به، وللأسف.. هذا الصنف ينتمي إلى الإعلام، فباسم الكبار يعمل أينما شاء، ويكتب ما شاء، فإذا أراد النيل من أحد.. يوحي لمن حوله أنها تعليمات، وإذا أراد ابتزاز أحد يوحي للآخرين أنه غير مرضي عنه، وإذا كتب لتبييض وجه شخص وغسل سمعته.. أشاع أنه من المرضي عنهم، وإذا سألت عنه من يحتمي بأسمائهم ويستغل وظائفهم أقسموا أنه لا علاقة من أي نوع تربطهم به.

وقف أحدهم وقد أحاط نفسه بهالة كبيرة، يتحدث عن خطة التغطية الإعلامية لقناة السويس الجديدة، والتي وضعها بنفسه وأعطاها للمسئولين، فجلست أضرب كفًا بأخرى!! فقد تذكرت مقالًا كتبه عن خيرت الشاطر عندما وصل الإخوان إلى الحكم، وكم المدح الذي خصه به وتغنيه بعبقريته الاقتصادية، يتحدث الرجل (النصاب) عن علاقاته بكبار المسئولين وإسهاماته في توجيههم، للخروج بحفل افتتاح القناة في أجمل صورة، والصور التي رسمها للشاطر في مقاله شاخصة أمام عيني، لكن العجيب أن نصبه باسم الكبار مكنه من العمل مذيعًا، وحقق له ما لم يكن يحلم به، ولأن النصاب تنتهي علاقته بمن يستخدم اسمه بانتهاء المصلحة، وجدنا هذا الشخص ينقلب على من كان بالأمس يمدحهم بمجرد استبعاده من القناة التي كان يعمل بها.

وهذا آخر ساند كل من حاول النيل من الدولة، ركب موجة يناير وتداخل مع شلة النصابين، كتب ساخرًا من مؤسسات الدولة، بل من الرئيس نفسه، وعلى الرغم أنه لا ينتمي لمهنة الصحافة.. وجدناه كاتبًا ومنظرًا وخبيرًا استراتيجيًا، ثم مذيعًا، ثم مستشارًا إعلاميًا يتقاضى الكثير من مؤسسة بدأت علاقته بها بالابتزاز أثناء أحداث يناير، ولأن دوره تم تحجيمه، وتقلصت مهامه في القنوات.. انقلب هو الآخر على من استخدم أسماءهم في غيبة منهم.

يقينًا.. سعت الدولة إلى احتواء هذا الصنف من النصابين في وقت ما، إما لمحاولة إصلاحهم أو لترضيتهم أو لكسر سمهم، وكان ذلك على غير رغبة الكثير من الوطنيين الذي يعرفون هذا الصنف من (أرزقية) الأزمات، لكن الجميع تحلى بفضيلة الصبر، وها هم يتساقطون واحدًا تلو الآخر غير مأسوف عليهم بعد أن تم كشفهم.

ولأصحاب القرار نقول.. لم يعد يليق وجود أمثال هؤلاء في مشهد إعلامي نتمنى له التعافي، ولم يعد يليق بالرئيس أن تقترن فترة حكمه بهذا الصنف، فجلوسهم أمامه أداة يبتزون بها من حولهم، أسقطوا هؤلاء من قوائمكم لأنهم إن لم ينقلبوا عليكم اليوم فسينقلبون غدًا.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية