«ريا وسكينة» في الشرقية
تحول اختفاء العديد من الفتيات خاصة في محافظة الشرقية إلى لغز لم يتمكن أحد من فك طلاسمه حتى الآن، والظاهرة انتشرت بصورة غير مسبوقة بل أصبحت تذكرنا بأحداث اختفاء عدد من سيدات الإسكندرية والتي كان وراءها عصابة كبرى تحت زعامة سيدتين شقيقتين هما أشهر أختين في عالم الإجرام وهما "ريا وسكينة"، فلا بد من التدخل الأمني السريع قبل أن يصحو المجتمع على كارثة جديدة نكتشف فيها أننا أمام مافيا كبرى متخصصة في اختطاف الفتيات أو الأطفال الصغار وذلك لأسباب إجرامية مختلفة، سواء بغرض ابتزاز الأهالي أو الاغتصاب أو تجارة الأعضاء، وهنا تكمن خطورة هذا الأمر الجلل الذي يعد رصاصة في قلب المجتمع.
وآخر هذه الحالات هي فتاة رقيقة مسالمة مجتهدة تدعى "أسيل نبيل جمال"، طالبة بالصف الأول الثانوي بإحدى مدارس قرية أبوطالب التابعة لمركز عنيا بمحافظة الشرقية، خرجت "أسيل" يوم الجمعة الماضي، كما هو معتاد كل جمعة لحضور درس في السابعة صباحا ولكنها لم تحضر الدرس واختفت منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، مما أدى إلى حدوث حالة من الفزع داخل المجتمع الشرقاوى الطيب.
وقبل أن يتجه أهلها إلى إبلاغ الشرطة لعدم مرور ٢٤ ساعة على اختفائها قاموا برحلة بحث واسعة سألوا عنها في كل مكان من الممكن أن تتردد عليه الفتاة، التي لم تعتد أن تذهب إلى أي مكان دون إخطار والديها، بحثوا عنها في كل مكان وطرقوا كل الأبواب خلال خط سيرها من البيت وحتى مكان الدرس، غير أنهم عادوا بعد العناء مخيبين الآمال، وكأن ابنتهم ( فص ملح وداب).
وسيطرت على الجميع حالة من القلق والتوتر على مصير الفتاة التي لم تكمل الستة عشر ربيعا، والتي كانت تتمتع بحيوية ونشاط كبيرين وكانت تحلم بمستقبل مستقر تحقق فيه كل طموحاتها.
حاول الجميع تهدئة الأم المكلومة والأب المسكين الذي دخل في نوبة يأس واكتئاب، ولكن دون جدوى، كل منهما ممسك تليفونه المحمول ويقوم بالاتصال بتليفون الابنة المغلق على أمل أن يتأتى الرد بخبر عن ابنتهم الغائبة، ولكن سرعان ما يتحول الأمل إلى سراب أمام الرسالة القاتلة الثابتة بأن "الهاتف ربما يكون مغلقا"، واستمرت المحاولات، واستكمل أهل الفتاة رحلة البحث على أمل العثور على خيط يقود إلى ابنتهم المختفية.
إلى أن جاء اليوم الثانى وبدأت التدخلات الأمنية وتم تشكيل فرق بحث وتحقيقات حول الواقعة المحزنة، ولكن لم يتمكن أحد من الوصول إلى أي معلومة تؤدى إلى حل هذا اللغز الغامض.
تلك ببساطة محنة عنيفة تعيشها إحدى الأسر شاء القدر أن تنضم ابنتهم الزهرة الرقيقة في بستان عائلتها إلى قائمة الفتيات المختفيات اللائى لم يعرف مصيرهن حتى الآن، رغم مرور مدة زمنية كبيرة على هذه الاختفاءات المريبة، والتي تجعلنا نفتح ملفا خطيرا حول مافيا تجارة الأعضاء التي انتشرت في مصر منذ العقد الأخير، والتي قد تدفع هذه المافيا لارتكاب العديد من الجرائم من أجل تنفيذ مخططاتهم المشبوهة وتحقيق ثروات طائلة.
وقد سبق أن أعلنت السلطات في أغسطس اعتقال 12 شخصا في محافظة الجيزة يشكلون شبكة للاتجار بالأعضاء البشرية، وذلك بعد أيام قليلة من انتشار تحقيق صحفي ألماني على شبكات التواصل الاجتماعي يكشف عن بعض كواليس مافيا تجارة الأعضاء، ما أحدث حالة من الصدمة في الأوساط الاجتماعية المصرية. وبالرغم من نفي وزارة الصحة صحة ما جاء في التحقيق، إلا أن تقارير أممية أشارت إلى "ازدهار" هذه التجارة في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة.
وفى ذلك الوقت أوضحت وزارة الداخلية أنها أوقفت بعض المشتبه بهم أثناء إجرائهم جراحة استئصال كلى وأجزاء من أكباد مواطنين في أحد المستشفيات الخاصة، وذلك مقابل عشرة آلاف دولار.
والعجيب أنه على الرغم من انتشار هذه الظاهرة بشكل مخيف إلا أن جهود الأجهزة المعنية لم تنجح في القضاء عليها حتى الآن، بل إن الأسر أيضا لم يأخذوا حرصهم من تكرار المأساة، ولم يوفروا الأمن لأولادهم، فالكل مدان أمام هذه الكوارث الجديدة على المجتمع المصرى.