وزراء ورجال أعمال يستولون على أراض بـ «80» مليار جنيه.. إسدال الستار على أكبر قضية استيلاء على أراضي الدولة.. 35 شركة استولت على 30 ألف فدان.. ورجل أعمال حول 500 فدان من أراضٍ زراعية إلى منت
>> إحالة "أباظة" و"والي" إلى النيابة في قضية المبيدات المسرطنة.. و31 قرارا ضد وزير سابق في التلاعب بأراضي شباب الخريجين
بعد تحقيقات استمرت ما يقرب من عامين، أسدل قضاة التحقيق الستار على واحدة من كبرى قضايا الاستيلاء على أراضي الدولة في تاريخ مصر، شملت تورط رجال أعمال ووزراء سابقين في مخالفات لها علاقة بتغيير النشاط من أراضٍ زراعية إلى منتجعات سكنية، إضافة إلى تسهيل الاستيلاء على المال العام دون وجه حق.
الملف الذي شغل الرأى العام لفترة طويلة، شمل 72 قضية خاصة باستيلاء مستثمرين كبار على أراضي الدولة، بلغ إجمالي مساحتها أكثر من 30 ألف فدان، حصلت عليها ما يقرب من 35 شركة بطريق مصر- إسكندرية، ومصر- الإسماعيلية، ووصل حجم المخالفات فيها إلى ما يزيد على الـ 80 مليار جنيه، ما بين تغيير نشاط الأراضي من استصلاح زراعى إلى منتجعات سياحية، أو الاستيلاء ووضع اليد على أراضي الدولة.
ووفقًا للقواعد والإجراءات القانونية، قام قضاة التحقيق، بتحصيل حجم المخالفات التي قدرها خبراء وزارة العدل نتيجة تغيير النشاط من زراعي إلى سكني وسياحي، أو استرداد أراضي الدولة من واضعي اليد أو الإحالة للمحكمة المختصة في حالة رفض سداد المديونيات والغرامات ومستحقات الدولة أو رد الأرض المستولى عليها، وتنوعت العقوبات ضد المتورطين ما بين الإحالة إلى محكمة الجنح المختصة أو محكمة الجنايات، أو الإرسال إلى النيابة العامة أو حفظ القضية بعد التصالح مع المتهمين إما برد مستحقات الدولة، أو التنازل عنها لصالح الدولة.
ومن أهم القرارات التي أصدرها قضاة التحقيق في الاستيلاء على أراضي الدولة ضد رجال أعمال وأصحاب شركات، ما أصدره المستشار صفاء الدين أباظة قاضي التحقيق المنتدب للتحقيق في قضايا فساد وزارة الزراعة، من قرار بإحالة رئيس مجلس إدارة شركة أفق للاستصلاح وتنمية الأراضي، إلى محكمة الجنح المختصة لسؤاله حول تغيير نشاط أكثر من 500 فدان من أراضٍ زراعية إلى منتجعات سكنية، بقيمة مخالفات تقدر بـ 400 مليون جنيه تقريبا.
وقرر قاضي التحقيق إحالة رجل الأعمال إبراهيم الدسوقي محمد محمد البنا لاستيلائه على 14 ألف فدان بوادي النطرون بدون سند قانوني إلى محكمة الجنح المختصة، وهي الأرض التي تقدر بما يتجاوز مليار جنيه.
وكان رجل الأعمال قد حصل على حكم من محكمة القضاء الإدارى بإلزام الدولة بتحرير عقد بيع له عن قطعة الأرض بوادى النطرون بمحافظة البحيرة بسعر 1300 جنيه للفدان، وبراءة ذمته من تحصيل مقابل المرافق العامة ومقابل الانتفاع، إلا أن المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة قضت بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فيما قضى به من إلزام الدولة بتحرير عقد بيع لرجل الأعمال عن الأرض بوادى النطرون بمحافظة البحيرة، وقضت بإعادة مساحة الأرض المستولى عليها إلى الدولة تقدر قيمتها بمليار، و114 مليون جنيه مدفوع فيها 5 ملايين ونصف المليون فقط.
وعلى مدار عامين، أصدر قاضي التحقيق 31 قرارا بشأن وزير الزراعة الأسبق أمين أباظة، ما بين قرارات إحالة إلى محاكم الجنح والجنايات، وحفظ بعض البلاغات المقدمة ضده، أو إحالتها للنيابة العامة لاستكمال بعض الطلبات في القضايا التي يباشرها قاضي التحقيق، أو استكمال النيابة العامة التحقيقات في بلاغات أخرى.
وجميع البلاغات تتلخص في مخالفات وعمليات فساد شابت توزيع وبيع الأراضي الزراعية الخاصة بشباب الخريجين لصالح رجال الأعمال والمستثمرين وأعضاء مجلس شعب وشورى، والاستيلاء وتسهيل الإستيلاء على أراضي الدولة.
وأهم تلك القرارات الصادرة من قاضي التحقيق، بإحالة أمين أباظة، وشركة "حدائق مصر هولندا "، وصاحب شركة " الأقصى " رجل الأعمال " السيد.م. م " إلى محكمة الجنايات، وذلك بناءً على بلاغ للنائب العام، يتهم فيه وزير الزراعة الأسبق ومسئولى مشروع مبارك القومى للتنمية وخدمة أراضى الخريجين، باغتصاب حقوق شباب الخريجين والاستيلاء عليها والتصرف فيها وتخصيصها إلى من ليس لهم حق، وهم المشكو في حقهم أصحاب الشركات، ومن بينهم شركة "حدائق مصر هولندا" لحصولها على مساحة 7800 فدان بمناطق الحيز والقحيف والعسيلة، وشركة الأقصى لحصولها على 3 آلاف فدان بالواحات البحرية.
كما أصدر قاضي التحقيق قرارا آخر بإحالة القضية الخاصة بوزير الزراعة الأسبق إلى النيابة العامة لاستكمال بعض الطلبات التي تقدم بها قاضي التحقيق وفقا للمادة 70 من قانون الإجراءات الجنائية، وإعادتها مرة أخرى لقاضي التحقيق للتصرف بشأنها، وهي القضية المتعلقة بتخصيص أمين أباظة قطع أراضي لأعضاء مجلسي الشعب والشورى من قطع مستبعدات أراضي شباب الخريجين.
وأصدر قاضي التحقيق قرارا في البلاغ رقم 5893 لسنة 2011 بلاغات النائب العام بالإحالة إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءاتها، وهو البلاغ المقدم من مصطفى بكري ضد يوسف والي وأمين أباظة اتهمهما فيه بتجاوز القرارات الخاصة بلجنة المبيدات وقانون وزارة الزراعة وإدخال مبيدات مسرطنة أضرت بحياة ملايين المصريين وكذلك العبث باللوائح والقوانين وتسخيرها لمصلحة عدد من رجال الأعمال.
أما فيما يتعلق برجل الأعمال عبد الله سعد صاحب شركة الريف الأوروبي، فلم يحدد قاضي التحقيق مصيره حتى الآن، حيث إنه قام بإرسال القضية إلى النيابة العامة، للقيام بعمل معين من أعمال التحقيق دون استجواب المتهم "عبد الله سعد "، على أن تعود مرة أخرى إلى قاضي التحقيق لاستكمال التحقيقات واتخاذ قرار بشأنها، وذلك وفقا للمادة 70 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي بمقتضاها، يقوم قاضى التحقيق بتكليف أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائى القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمندوب في حدود ندبه كل السلطة التي لقاضى التحقيق، وله إذا دعت الحال لاتخاذ إجراء من الإجراءات خارج دائرة اختصاصه أن يكلف به قاضى محكمة الجهة أو أحد أعضاء النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي بها.
وكشفت تحقيقات قاضي التحقيق مع صاحب الريف الأوروبي، وفحص أوراق القضية، أن التعدي لم يتوقف فقط عند حد تغيير النشاط من زراعي إلى سكني واستثماري، لكنه امتد إلى مخالفة أحكام القانون المتعلقة بإنشاء آبار الري وتشغيلها، من خلال حفر آبار وتشغيلها دون الحصول على ترخيص أو تجديد من الجهة المختصة بوزارة الري، مما ترتب عليه إهدار شديد وتبديد لمياه هذه الآبار التي تعتمد على المخزون المائي الموجود في هذه المنطقة.
كما تبين من فحص أراضي "الريف الأوروبي"، أن الشركة ارتكبت مخالفة جسيمة تتمثل في عدم وجود منظومة صحية للصرف الصحي داخل هذه المنتجعات التي أقامتها الشركة، إذ إنها تعتمد في الصرف الصحي على نظام "الطرنشات"، والذي ترتب عليه تسرب مياه الصرف الصحي من غرف الصرف، حيث إنها مقامة بطريقة لا تمنع التسرب وغير معزولة، ما يخشى معه وصول هذا التسرب إلى مياه الآبار أو المخزون فيصيبها بتلوث يصعب استغلالها فيما بعد.
جاء ذلك بناءً على بلاغ مقدم من وزير الزراعة الدكتور عبد المنعم البنا، إلى وزير العدل المستشار حسام عبد الرحيم، كشف أن شركة الريف الأوروبي للتعمير والتنمية الزراعية المملوكة لرجل الأعمال عبد الله سعد قامت بشراء ما يتجاوز 4 آلاف فدان بالطريق الصحراوي من الهيئة الهيئة العامة للتنمية الزراعية، وكذلك مساحات أخرى من شركة "ريجوا"، بغرض الاستصلاح الزراعي والاستزراع، غير أن الشركة قامت بتقسيم الأرض إلى مساحات صغيرة وأخرى متناهية الصغر، ونشرت إعلانات لبيع تلك الأراضي، وتضمنت الإعلانات أنه يجوز للمشتري بناء منزل على هذه الأرض التي سيقوم بشرائها، سواء بنفسه أو عن طريق شركة الريف الأوروبي "الشركة البائعة".
واستطاعت "الريف الأوروبي" تحويل مساحة الأرض التي قامت بشرائها من الهيئة العامة للتنمية الزراعية بأسعار رمزية زهيدة، إلى مشروع إسكاني ضخم حققت من ورائه مكاسب مالية هائلة، بالمخالفة لشروط التعاقد وأحكام القانون المنظم لاستغلال هذه الأراضي، إذ إن هذه المساحات كانت تباع للأفراد مقابل سعر زهيد للفدان، تشجيعا من الدولة على استصلاح وزراعة الأراضي واستغلالها في كل الأنشطة المرتبطة بالزراعة، وإنشاء مشروعات تساعد على تحقيق الأمن الغذائي.
وعندما اكتشفت الهيئة العامة للتنمية الزراعية ووزارة الزراعة إقامة عبدالله سعد منتجعات سكنية وسياحية، وبيع الوحدات فيها بمبالغ خيالية، بالمخالفة للقانون وشروط التعاقد، طالبته بدفع قيمة المخالفة المستحقة على شركته نظير تغيير النشاط، ورغم ما حققته الشركة من مكاسب هائلة، فإنها لم تسدد قيمة المخالفات المستحقة، وقامت بالمنازعة في تحديد مساحات البناء، والتحايل بإقامة زراعات غير حقيقية سواء من حيث طبيعة أو عمر الزراعة إذا كانت منتجة أو مثمرة من عدمه، وقدرت لجنة تثمين أراضي الدولة قيمة المخالفات المستحقة على شركة الريف الأوروبي بما يتجاوز 300 مليون جنيه، إلا أن الشركة لم تسدد أي من هذه المبالغ.
وأحال قاضي التحقيق صاحب شركة وادي النخيل، رجل الأعمال " مجدي.س " إلى محكمة الجنح المختصة لوضع يده على 200 فدان غرب طريق "القاهرة- الإسكندرية" الصحراوي، وكذلك تغيير نشاط 700 فدان المخصصة لها وهي الاستصلاح والاستزراع، وتحويلها إلى استثمار عقاري، وإقامة مبان أكثر من النسبة القانونية المحددة بالقانون لخدمة أغراض الزراعة، وتقسيمها إلى فيلات بملحقاتها وبيعها للمواطنين بالمخالفة للقانون، جاء ذلك بعد انتقال لجنة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إلى الأرض التي تبلغ مساحتها 900 فدان، بالكيلو 52 غرب طريق "القاهرة- الإسكندرية" الصحراوي، للوقوف على حجم المخالفات التي ارتكبتها الشركة في تلك المساحة من الأرض لاسترداد حق الدولة.
وتبين أن شركة وادي النخيل قامت بوضع اليد على ما يزيد على 200 فدان دون سند من الهيئة صاحبة الولاية، وتغيير نشاط مساحة الآرض المتبقية إلى نشاط سكني وعقاري.
كما أحال قاضي التحقيق صاحب شركة " فيردي " إلى محكمة الجنايات، في البلاغ رفم 2546 لسنة 2011 بلاغات النائب العام، وذلك بعد ما تبين من التحقيقات وتقارير الخبراء الفنيين المخالفات التي تتمثل في تغيير نشاط 170 فدانا من الاستصلاح والاستزراع، إلى استثمار عقاري، وإقامة مبان أكثر من النسبة القانونية المحددة بالقانون لخدمة أغراض الزراعة، وتقسيمها إلى فيلات بملحقاتها وبيعها للمواطنين بالمخالفة للقانون.
"نقلا عن العدد الورقي..."...