رئيس التحرير
عصام كامل

«شوقي» يواصل افتكاساته لإنقاذ «مشروعه».. خفض ملياري جنيه من موازنة «الأبنية التعليمية» لتمويل «صفقة التابلت».. والمبلغ يؤثر فى خطة إنشاء المدارس

فيتو

يبدو أن الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، استنفد كل محاولاته لإنقاذ مشروعه المزعوم لتطوير التعليم في مصر، ولم يجد أمامه سوى البحث في دفاتره القديمة، ربما يجد ما يضمن له توفير التمويل اللازم لصفقة التابلت المقرر توزيعها على طلاب الصف الأول الثانوي، التي فشلت الوزارة في حسمها حتى الآن.


أزمات منظومة التعليم الجديدة التي يتبناها الوزير شوقي المعروفة بنظام تعليم 0.2 لا تنتهي، وأكبر الأزمات التي تواجهها توفير التمويل اللازم من أجل استكمال البنية التحتية للمشروع، وتفاقم أزمة التمويل يشير إلى أن الوزارة لم تكن على استعداد كامل لتنفيذ التجربة، وأن هناك العديد من الأمور التي كانت تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة قبل المغامرة بالتطبيق والتنفيذ.

الإجراءات التي يتم اتخاذها لتوفير الأموال اللازمة لتنفيذ المنظومة تؤكد أن هناك حالة من الارتباك أو سوء التخطيط، بعد أن لجأت الوزارة إلى أموال الباب السادس من موازنة الوزارة وهو الباب الخاص بالمديريات التعليمية، وخصم نسبة كبيرة من الأموال المخصصة للمديريات من أجل الاستعانة بتلك الأموال لسد احتياجات المنظومة الجديدة، الأمر الذي ربما يُحدث ضررًا كبيرًا بملف صيانات المدارس، وربما يفسر ذلك الصور التي انتشرت منذ انطلاق العام الدراسي الحالي 2018/ 2019 التي تضمنت فصولًا دراسية بلا مقاعد، ومباني مدرسية بلا صيانات، وديسكات متهالكة ونوافذ بلا زجاج في العديد من المدارس.

في العدد قبل الماضي، كشفت "فيتو" جانبًا من المعركة المليارية الدائرة بين وزارة التربية والتعليم والمالية من جانب، والهيئة العامة للأبنية التعليمية من جانب آخر، وعرضت "فيتو" تفاصيل المذكرة رقم (300/103) الصادرة من مدير عام الهيئة العامة للأبنية التعليمية اللواء يسري عبد الله سالم، إلى الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، التي تحدثت عن طلب الوزير سحب مليار جنيه من ميزانية الهيئة لاستكمال تمويل مشروع "التعليم 2"، وكان المبلغ المذكور بغرض تمويل صفقة "التابلت" المقرر توزيعه على طلاب الصف الأول الثانوي، إلا أنه وبحسب المذكرة المشار إليها رفض مدير الأبنية التعليمية سحب ذلك المبلغ.

وبرر اللواء يسري عبد الله رفضه سحب هذا المبلغ من أجل استكمال المشروعات التي تعمل عليها الهيئة في إنشاء المدارس، وتنفيذ خطة الحكومة، حيث ورد في جزء العرض الخاص بالمذكرة أنه: "في ضوء مستهدف برنامج الحكومة في مجال بناء المدارس والخطة الاستثمارية المعتمدة للهيئة للعام المالي 2018/ 2019، فقد سبق وتم العرض على سيادتكم -الحديث موجه لوزير التعليم- بالموقف التنفيذي والمالي للخطة الاستثمارية للهيئة، حيث تم التوضيح أن الخطة الاستثمارية المعتمدة لا تفي بتحقيق مستهدف برنامج الحكومة وأن المبالغ المخصصة للموازنة الحالية تم الارتباط عليها (طرح - استكمالات لمشروعات ملحة)، وكذلك لإمكانية إنهاء تنفيذ وتسليم 10 آلاف فصل جار تنفيذها والسابق طرحها في ضوء الاعتمادات التي تم إتاحتها، وهي تمثل فقط نسبة 33% من عدد الفصول المستهدفة ببرنامج الحكومة".

المفاجأة التي فجرتها مستندات – حصلت "فيتو"- على نسخة منها، أنه على الرغم من رفض مدير الأبنية التعليمية سحب مبلغ المليار جنيه، بناء على المذكرة المؤرخة في 8 سبتمبر 2018، فإنه تم نقل مبلغ ملياري جنيه وليس مليار جنيه فقط، فقد كشف خطاب صادر من رئيس قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية إلى اللواء أكرم النشار مساعد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني للشئون المالية والإدارية السابق، وذلك قبل رحيله عن الوزارة، الخطاب الصادر في 20 سبتمبر 2018 جاء فيه: "بالإشارة إلى كتاب سيادتكم رقم (13) المؤرخ في 20/ 9/ 2018 بشأن طلب الموافقة على تعزيز موازنة ديوان عام وزارة التربية والتعليم بمبلغ ملياري جنيه بند تجهيزات نقلًا من موازنة الهيئة العامة للأبنية التعليمية بند مبانٍ غير سكنية للعام المالي 2018/ 2019، وإيماء إلى كتاب وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري رقم (9377) المؤرخ في 20/ 9/ 2018 الموجه للسيد الدكتور وزير التربية والتعليم بشأن الموافقة على نقل مبلغ ملياري جنيه (خزانة عامة) من الهيئة العامة للأبنية التعليمية إلى ديوان عام وزارة التربية والتعليم لتوريد أجهزة التابلت ودعم تكلفة البنية التحتية التكنولوجية اللازمة لعملية التشغيل، أتشرف بالإحاطة أنه في ضوء ما تقدم وإعمالًا لحكم المادة رقم (32) من التأشيرات العامة للموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2018/ 2019 فإنه سوف يترتب على ذلك تعديل موازنة كل من أولًا ديوان عام وزارة التربية والتعليم بزيادة مصروفات الباب السادس "شراء الأصول غير المالية- الاستثمارات" وذلك بزيادة مجموعة (1) الأصول الثابتة بند (1) استثمار مباشر نوع (8) تجهيزات بمبلغ ملياري جنيه، مقابل زيادة العجز الممول من الخزانة العامة بالمبلغ ذاته، ثانيًا الهيئة العامة للأبنية التعليمية: خفض مصروفات الباب السادس "شراء الأصول غير المالية – الاستثمارات وذلك بخفض مجموعة (1) الأصول الثابتة بند(1) استثمار مباشر نوع (2) مباني غير سكنية بمبلغ ملياري جنيه، مقابل خفض العجز الممول من الخزانة العامة بالمبلغ ذاته، كما يرجى التفضل بالإحاطة والتنبيه باتخاذ اللازم نحو مراعاة أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (122) لسنة 2015 بشأن تحقيق الانضباط المالي والإداري ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي قبل الصرف على بند التجهيزات".

إلى هنا انتهى نص الخطاب الصادر عن رئيس قطاع الموازنة العامة للدولة، وقد تم إرساله إلى وزارة التربية والتعليم وأرفق به الموازنة المعدلة بالتعديل رقم (5) لديوان عام وزارة التربية والتعليم للعام المالي الحالي.

الخطاب السابق يؤكد أنه تم خفض ميزانية الأبنية التعليمية بمبلغ ملياري جنيه، والاستعانة بالمبلغ في تمويل صفقة التابلت، الذي سبق لوزير التعليم ومسئولين بالوزارة أن أعلنوا أنه مجرد وسيلة تعليمية وليس أساسًا في المنظومة الجديدة، وهو ما يدفع للتساؤل حول الأسباب التي تدفع الوزارة إلى خفض ميزانية المباني التعليمية بهذا المبلغ لتمويل وسيلة تعليمية لطلاب الصف الأول الثانوي.

خطاب آخر صادر عن رئيس الإدارة المركزية للموازنة العامة المركزية، ومؤرخ في 27 /9/ 2018 ومرسل إلى اللواء يسري عبد الله سالم مدير الهيئة العامة للأبنية التعليمية، وينص: "يرجى التفضل بالإحاطة والتنبيه باتخاذ اللازم"، وأرفق مع الخطاب الموازنة المعدلة بالتعديل رقم (1) للهيئة العامة للأبنية التعليمية، وقد حصلت "فيتو" – على صورة على من الموازنة المعدلة للهيئة بعد الخفض المطلوب.

السؤال هنا هل هناك رابط بين قرار التفويض الذي سبق وأصدره الدكتور طارق شوقي بتفويض اختصاصات الوزير فيما يتعلق بأعمال هيئة الأبنية التعليمية للواء أكرم النشار، وهو التفويض الذي تم تعديله فيما بعد وصدر استثناء للواء يسري في اختصاص الهيئة، ثم تم إلغاء ذلك الاستثناء بإصدار قرار تفويض جديد، ثم عاد الاستثناء بعد ذلك لمدير الأبنية التعليمية.

الغريب في الأمر أن وزارة التربية والتعليم تعاني أزمة ضخمة في ارتفاع كثافات الفصول، ما يعني الحاجة إلى إنشاء أكثر من 200 ألف فصل لمواجهة تلك الكثافات، وخلال السنوات الأربع الماضية كانت الأبنية التعليمية أنشأت نحو 40 ألف فصل من إجمالي 70 ألف فصل كانت تحتاجهم الوزارة لسد الاحتياج اللازم لاستيعاب مليوني و888 ألف طفل زيادة سكانية بجانب الكثافات العادية.

نقلا عن العدد الورقي..
الجريدة الرسمية