«جمال خاشقجي».. هل يستحق كل هذا الاهتمام ؟!
"جمال خاشقجى" صحفى يحمل الجنسية السعودية، ويقال إنه من أصول تركية، واشتهر بأنه ذات نزعة متعاطفة مع فكر جماعة الإخوان المسلمين، وعرف عنه منذ ظهوره على ساحة الإعلام أنه داعم بشكل واضح وصريح للمشروع الأمريكى والصهيونى في منطقة الشرق الأوسط، ومعادٍ للمشروع القومي العربي، والمشروع المقاوم.
يقف في خندق الرجعية العربية الخائنة والعميلة، والتي تعمل في خدمة الإمبريالية العالمية، وتشير سيرته الذاتية أنه سافر إلى أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضى، وكان لا يزال شابا يافعا ليشارك في دعم المشروع الأمريكى في مواجهة المشروع السوفيتي تحت دعوة الجهاد الإسلامي ضد الكفر والإلحاد، وكانت بلاده أحد أهم الدول العربية الداعمة لهذا المشروع الأمريكى.
وفى أفغانستان تعرف "جمال خاشقجى" على دكتور "عبد الله عزام" الفلسطيني الأصل والإخواني الانتماء والذي كان يدرس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وأعير إلى الجامعة الإسلامية الدولية بإسلام آباد للتدريس حسب طلبه ليكون قريبا من الجهاد الأفغانى، وبالفعل تحول إلى أحد أهم القادة المقاتلين في أفغانستان، وتتلمذ على يديه بعد ذلك أسامة بن لادن السعودى الجنسية واليمنى الأصل والذي تشكلت أسطورته هناك وأصبح قائدا لتنظيم القاعدة الذي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصوره بعد ذلك بأنه المتسبب في الإرهاب العالمى والمسئول عن تفجيرات 11 سبتمبر 2001.
والذي على أثره أعلنت حملتها الدولية لمكافحة الإرهاب وخاضت الحرب ضد أفغانستان والعراق تحت هذه الحجة المزعومة وظهر مع بن لادن جمال خاشقجى أكثر من مرة، ولم يكتف خاشقجى بذلك بل ظهر مرة أخرى في التسعينيات داعما للمشروع الأمريكى الساعي لتفكيك يوغوسلافيا حيث قام بتأييد تدخل الناتو وقصفه للجيش الاتحادى اليوغوسلافى الصربي أثناء النزاع في البوسنة.
ومع مطلع الألفية الجديدة ظهر "جمال خاشقجى" كأحد الصحفيين المقربين من دائرة الأسرة الحاكمة السعودية وبصفة خاصة من الأمير "تركى الفيصل" أحد أبرز الأمراء السعوديين ورئيس جهاز المخابرات السعودي المقرب من المخابرات المركزية الأمريكية والذي أصبح سفيرًا للسعودية في لندن ثم واشنطن.
وخلال هذه الفترة عمل "خاشقجى" مستشارا إعلاميا له وبعد تركه لمنصبه كسفير في عام 2007، تم تعيينه رئيسا لتحرير جريدة الوطن التي يملكها "خالد الفيصل" وظل في موقعه هذا حتى منتصف 2010، عندما أعلن استقالته وذهب إلى البحرين مديرا لقناة العرب الإخبارية التي يمتلكها الأمير "الوليد بن طلال" وكان متوقعا لها أن تنطلق في 2012 لكنها تأخرت حتى العام 2015 وحين بدأ البث لم يستمر سوى ساعات معدودة.
وإلى جانب عمله الصحفى والإعلامي ظل "خاشقجى" يكتب لجريدة الحياة اللندنية المملوكة للأمير "خالد بن سلطان آل سعود" حتى الربع الأخير من العام 2017 عندما بدأت الأزمة الدبلوماسية مع قطر وانحاز "خاشقجى" للجانب القطري وقام بمغادرة السعودية واتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مهجرًا اختياريًا، وتم منعه من الكتابة في جريدة الحياة.
فبدأ يكتب عمودا في جريدة واشنطن بوست أوسع الجرائد الأمريكية انتشارًا، وبدأ يوجه انتقادات للأسرة الحاكمة السعودية خاصة سياسات ولى العهد الجديد "محمد بن سلمان" بتعليمات وبدعم من الإدارة الأمريكية.
وعلى الرغم من معرفتنا بالانتماء الفكري الإخوانى لـ"جمال خاشقجى" إلا أن موقفه من الربيع العربي المزعوم يؤكد ويدعم هذا الانتماء فقد وقف داعما لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وعندما خرج الشعب المصرى منتفضا في وجه "محمد مرسي" قام بمهاجمة المتظاهرين والجيش المصرى الذي انحاز للشعب ووافق على الإطاحة بـ"محمد مرسي" من سدة الحكم، ولم يتوقف عن مهاجمة الجيش المصرى الذي يحارب الإرهاب في سيناء على مدار السنوات الخمس الماضية.
وفى نفس الوقت قام بتأييد العدوان الغربي الفاجر على ليبيا العربية ووصفه بأنه إنقاذ للشعب الليبي من الإبادة، وكان داعما للإخوان والقاعدة التي مزقت وحدة ليبيا. وبالطبع عندما بدأت المؤامرة والحرب الكونية على سوريا العربية كان من أشد المؤيدين للجماعات التكفيرية الإرهابية خاصة تنظيم جيش الإسلام وحركة أحرار الشام، ومن أشد المؤيدين للعدوان العسكري الأمريكى والصهيونى والتركى في سوريا، وكان ممن روجوا أن تنظيم داعش صناعة سورية – إيرانية.
وعندما بدأ العدوان على اليمن العربية تحت مسمى عاصفة الحزم كان من أشد المؤيدين والداعمين لها ولم يكف عن تحريضه إلا بعدما انسحبت قطر من العدوان وتراجع دور حزب الإصلاح الإخوانى لصالح الدور الحوثى. ولم يتوقف خاشقجى عن مهاجمة المقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله وكذلك الحشد الشعبي العراقى الذي تصدى لتنظيم داعش بحجة أنهما مدعومان من إيران.
وبعد هذا العرض المطول لتاريخ جمال خاشقجى يأتى السؤال المحوري في هذا المقال والذي لا يحتاج الآن للإجابة عليه إلا كلمات وسطور قليلة وهو هل يستحق هذا الرجل كل هذا الاهتمام ؟!
الإجابة القاطعة تقول لا وألف لا، فالرجل عميل بامتياز فقد عاش عمره كله في خدمة المشروعات المعادية للأمة العربية فقد عمل في خدمة المشروع الإخوانى الإرهابى الذي ولد في حضن جهاز المخابرات البريطانية حين كانت بريطانيا هي القوى الإمبريالية العالمية في مطلع القرن العشرين ثم انتقل المشروع ليعيش في حضن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية حين أصبحت الولايات المتحدة هي القوى الإمبريالية العالمية الجديدة منذ منتصف القرن العشرين، ثم عمل في خدمة المشروع الأمريكى – الصهيونى الذي يستهدف تقسيم وتفتيت الوطن العربي، وبالطبع عمل خادما مطيعا للرجعية العربية المحمية بقوة الإمبريالية العالمية طوال الوقت.
ولم يخرج من الحضن السعودي إلا عندما تعارضت مصالح السعودية مع المشروع الإخواني الذي تدعمه قطر وتركيا بشكل أساسي، وفتحت له أمريكا ذراعيها من أجل مزيد من الابتزاز لنهب المال السعودى، لذلك لا عجب من كل هذه الضجة الإعلامية حول حادث اختفائه، والروايات والاتهامات والتهديدات المختلفة بين أطراف القضية سواء الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر من ناحية والسعودية من ناحية أخرى.
أما نحن الشعب العربي المتلقى لهذه الأخبار عبر الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة المزيفة للوعى فليس لنا ناقة ولا جمل في هذا الصراع، ومن يحاول الدفاع عن خاشقجى بحجة الدفاع عن الحريات، فعليه أن يتذكر حجم ضحايا وشهداء الأمة العربية الذين راحوا بفعل الإرهاب والعدوان الذي كان يدعمه ويؤيده "خاشقجى"، اللهم بلغت اللهم فاشهد.