ماذا تريد القاهرة وموسكو ؟!
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي غدا لموسكو تأتي ضمن سلسلة زيارات متبادلة، بدأت منذ نهاية العام 2013. سوء العلاقة بين مصر والولايات المتحدة بسبب عزل الرئيس محمد مرسي جعل موسكو تتقرب من القاهرة بشكل ذكرنا بأمجاد العلاقات السوفيتية-المصرية في ستينيات القرن الماضي. لكن هناك فارقا كبيرا بين مصر أيام الستينيات ومصر حاليا، كما يوجد فارق كبير جدا بين الاتحاد السوفيتي قديما وبين روسيا الاتحادية اليوم.
فالعلاقات الدولية حاليا تقوم على مبدأ المصلحة السياسية والاقتصادية، وليس على أيديولوجيات. وروسيا الجديدة رأت في مصر البوابة الكبرى التي من خلالها ستعبر إلى معظم دول الشرق الأوسط، فالوجود الروسي في سوريا منذ الثمانينيات وحتى الآن لم يسمح لها بالتواجد القوى على الساحة العربية والشرق أوسطية، لكن عندما بدأت روسيا بالتقارب مع مصر في عام 2013 رأينا جميع ملوك وقادة المنطقة يتوجهون لروسيا، وعلى رأسهم أول ملك سعودي يزور موسكو في التاريخ "الملك سلمان".
لكن بعد 5 سنوات من التقارب الروسي-المصري، نجد أن العامل الأمريكي-الإسرائيلي لعب دورا سلبيا كبيرا على هذا التقارب. أهم محطات هذا الدور تتمثل في إسقاط الطائرة الروسية على أراضي سيناء في نهاية أكتوبر 2015. هذه العملية كلفت مصر مليارات عديدة حتى هذه اللحظة. وبسببها تجمدت العلاقات لوقت ليس بقصير.
أما بعد زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للقاهرة في نهاية عام 2017 وعودة الرئيس السيسي لموسكو غدا، سنكون أمام إعادة ضبط للعلاقات القوية التي بدأت في نهاية 2013. لكن عملية إعادة الضبط تتطلب بعض التنازلات أو التسهيلات من الجانبين، وهنا سنكون أمام بعض الطلبات المصرية من الجانب الروسي وبعض الطلبات الروسية من الجانب المصري.
تريد مصر من روسيا الآتي:
1- عودة رحلات الطيران الشارتر بين روسيا والمدن السياحية المصرية (شرم الشيخ والغردقة)، مما سيعطي إنتعاشة قوية لقطاع السياحة المصري.
2- التسريع في عملية تسليح حاملتي الطائرات "الميسترال" وعلى وجه الخصوص تسريع تسليم مصر الطائرات الهليكوبتر "كا 52"، مما سيسمح لمصر بحماية مصالحها في منطقة مضيق باب المندب.
3- البدء في بناء محطة الضبعة النووية. فهناك معارضة أمريكية-إسرائيلية لهذا المشروع.
4- دعم روسي للاتفاقيات المشتركة بين مصر- قبرص- اليونان- إسرائيل في مجال التنقيب ونقل الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. فتركيا تهدد عمليات التنقيب والإنتاج في هذه المنطقة.
5- زيادة عمليات الدعم المخابراتي من جانب روسيا في ليبيا. فالأقمار الصناعية الروسية لها دور واضح في تحديد مواقع الجماعات الإرهابية في ليبيا.
6- عدم وجود قيود على صادرات الخضراوات المصرية لروسيا. فروسيا بين الحين والآخر تضيق على صادرات مصر من الخضراوات بدواع واهية.
أما روسيا فتريد من مصر الآتي:
1- المشاركة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتقديم تسهيلات وحوافز استثمارية خاصة بالشركات الروسية.
2- عدم مشاركة مصر في أي تحالفات عسكرية ضد الوجود الروسي والإيراني في الشرق الأوسط.
3- تريد روسيا أن تشارك في حقول الغاز في مناطق شمال مصر، وهي بالفعل استحوذت على جزء في حقل ظهر، لكن تريد المشاركة بشكل أكثر فاعلية، لأن حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط تمثل خطورة كبيرة على حصة الغاز الروسي في السوق الأوروبي.
4- المشاركة في عمليات تأمين المطارات المصرية. وذلك للتأكد من إجراءات التأمين.
5- عدم رفض وزارة الزراعة المصرية لشحنات القمح الروسية.
6- دعم سياسي مصري للتحركات العسكرية أو الدبلوماسية الروسية في الملف السوري.
هل سيرضخ الطرفان لبعضهما البعض؟ هل ستتحول هذه العلاقات إلى علاقات إستراتيجية مشتركة؟ هل سينجح العامل الأمريكي-الإسرائيلي في التأثير بشكل سلبي على شكل هذه العلاقات؟كلها أسئلة مطروحة على الساحة والإجابة نجدها عند الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس فلاديمير بوتين.