توفيق الحكيم يكتب: روح القوانين.. أهم ما قرأت
في مجلة "آخر ساعة "عام 1946، كتب الأديب توفيق الحكيم مقالا عن أهمية الثقافة في حياة الكاتب، قال فيه:
أمتلك كما هائلا من النماذج الجيدة من كتابات الكتاب والأدباء، والقصص والمسرحيات والروايات التي كتبها المؤلفون العظام، أما كتب البحث الفني والنقد والكتب الموضوعة عن حياة هؤلاء الفنانين، فهي قليلة جدا.
ذلك أنني اعتمد في دراستي على النماذج الجيدة نفسها، فالطباخ الماهر يتعلم من تذوق الطعام نفسه لا من قراءة كتب الطهي، أنا أهتم بالعمل نفسه لا بالأبحاث الموضوعة عن هذا العمل، فالغلطة التي يقع فيها الكثيرون أنهم يعرفون أسماء المؤلفين الكبار ويقرأون عنهم، لكنهم لا يدرسون أعمالهم نفسها. في الموسيقى مثلا لقد كنت أول الأمر أجد كتبا مهمة عن بيتهوفن أو فاجنر فأقرأها باهتمام، ثم لم ألبث أن منعت نفسي عن قراءتها قبل أن أتذوق الموسيقى نفسها.
ونفس الشيء بالنسبة لفن التصوير، فمعلوماتي مثلا عن حياة رفايللو أو ليناردو دافنشي أو بيكاسو أو ماتيس لا تذكر إلى جانب تأملي للوحاتهم وفحص لمميزاتها الفنية، واهتمامي بالعمل الفني نفسه هو الذي يدفعني بعد ذلك إلى معرفتي ما تنبغي معرفته عن صاحب العمل نفسه، وحجر الأساس في مكتبتى سحارة ضخمة من الكتب عدت بها من باريس، كنت هناك في مطلع نهمي للقراءة وكانت الكتب رخيصة جدا، كانت هناك مجموعات كاملة اشتريتها بخمسة عشر قرشا.
أيضا هناك كتاب "روح القوانين" لمونتيسكيو كان ثمنه وقتها خمسة صاغ في باريس، اشتريته من القاهرة بخمسة جنيهات.
لكنى بصراحة لا اعتمد على شراء الكتب ولكننى استعيرها من المكتبات، وأذكر اننى في باريس عثرت يوما على مكتبة متخصصة في الروايات المسرحية اسمها (المكتبة المسرحية ) وتقع في شارع الجراند بولفار اشترى منها كتابا واحدا وعلى حس هذا الكتاب اقرأ وأقلب طول اليوم في سائر الكتب المعروضة.
وفى مصر عندما احتاج إلى كتابة بحث ادبى معين كمقدمة كتاب محمد أو مقدمة الملك اديب فإننى ألجأ إلى دار الكتب أو غيرها من المكتبات العامة لأستعير كل المراجع التي احتاج اليها..ثم أعيدها.