بالتفاصيل.. «ورطة طارق شوقي».. ألغام تهدد بتفجير مشروع «التعليم الجديد».. وثيقة دولية تؤكد أن مخاطر النظام الجديد «مرتفعة» و«اعتذارات القيادات» تزيح الستار عن &
>> طارق شوقي يتجاهل أزمات «تعليم 2» ويهاجم وسائل الإعلام بتهمة «إثارة الرأي العام»
>> الوزير يقرر فرض «الصمت» على المدارس والإدارات التعليمية بـ«تحذير الكتاب الدوري»
«ظاهره رحمة وباطنه أزمة».. الأسابيع القليلة التي مضت على بدء العمل بمشروع التعليم الجديد، المعروف بـ«التعليم 2»، كشفت الحقيقة تلك، فالأزمات التي ظهرت بعد أيام قليلة من تنفيذ المشروع الجديد، دفعت أصواتا عدة إلى الخروج والمطالبة برحيل الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بدعوى أنه في الوقت الذي يمتلك فيه رؤية مستقبلية بعيدة المدى للأوضاع التعليمية في مصر، فإنه يفتقد لأية رؤية قريبة المدى من شأنها إصلاح المنظومة التعليمية المصرية.
المثير في الأمر هنا، أن الوزير عوضًا عن البدء في إيجاد حلول عاجلة للأزمات التي أفرزها النظام الجديد، سارع بتطبيق مقولة «الهجوم خير وسيلة للدفاع»، حيث إنه لجأ إلى تنفيذ مخطط «تضيق الخناق»، متهمًا وسائل الإعلام أنها ترغب في إثارة الرأي العام ضده وضد مشروعاته، متجاهلًا في الوقت ذاته- أن القيادة السياسية للبلاد تؤكد - مرارا وتكرارا- على أهمية مبدأ الشفافية والمكاشفة، وإعلان الحقائق، إلا أن وزارة التربية والتعليم كان لها رأي آخر لمعالجة الأزمات المتلاحقة التي تواجهها، فأصدر وزير التربية والتعليم كتابًا دوريًا يحذر فيه المديريات والإدارات وجميع الهيئات التابعة للوزارة من السماح بدخول وسائل الإعلام إلى المدارس إلا بعد الحصول على إذن من مكتب الوزير بديوان عام الوزارة، وهو ما اعتبره البعض حيلةً للهروب من الواقع الأليم الذي يمر به التعليم.
وفي ظل الأزمة تلك، ارتفعت نبرة الحديث عن المخاطر التي تهدد منظومة التعليم الجديدة، لا سيما بعد انتشار صور مفجعة عن الواقع الأليم للمدارس، وارتفاع الكثافات إلى درجة غير معقولة، حتى إن العديد من المدارس بها طلاب لم يجدوا لهم أماكنا للجلوس، فكيف سيستفيد هؤلاء الطلاب من الأفكار التي يحملها المشروع الجديد للوزير ورفاقه.
المخاطر التي تواجه منظومة التعليم الجديدة لا تقف عند حد الكثافات المرتفعة في الفصول، وغياب المعلمين المؤهلين لإدارة الفصل المدرسي وفقًا لاشتراطات المنظومة الجديدة؛ بل إن اهتزاز الثقة بين أولياء الأمور ووزارة التربية والتعليم أصبح على قمة المخاطر التي تهدد المشروع، في ظل إصرار الوزارة على حالة التعمية وغياب الشفافية وعدم طرح إستراتيجية مكتوبة للمنظومة الجديدة ببرامج تنفيذية محددة التوقيت حتى الآن، إضافة إلى ذلك فإن اعتذار مساعدة الوزير لشئون المديريات أسماء الديب عن منصبها، رغم أن الوزير قرر تجديد تعيينها حتى نهاية 2018، ومن قبلها استقالة المستشار الإعلامي للوزير أحمد خيري، واعتذار مساعد الوزير للشئون المالية اللواء أكرم النشار، جميعها تُشير إلى احتمالية وجود حالة من الخلاف الإداري داخل ديوان عام وزارة التربية والتعليم، وهو ما ينعكس سلبًا على المديريات التعليمية ومن ثم على الإدارات والمدارس.
وبجانب ذلك فإنه من المشكلات التي تواجه المنظومة الجديدة هو أن السلم التعليمي بها أصبح يبدأ من مرحلة رياض الأطفال، وكانت في السابق رياض الأطفال مرحلة «لا صفية»، أما وجودها كمرحلة صفية فهذا يعني أن جميع الطلاب لا بد أن يمروا بتلك المرحلة، وهو أمر غير منطقي لأن عدد الأطفال الذين يلتحقون برياض الأطفال لا يصل إلى 30% وهناك أكثر من 70% من الأطفال لا يلتحقون برياض الأطفال، ما يعني أن نسبة 70% ستدخل الصف الأول الابتدائي وهي لا تعلم شيئًا عن المعارف التي حصلها 30% من أقرانهم، وهو الأمر الذي قد يندرج تحت عدم دستورية المشروع.
إضافة إلى ما سبق.. تصف وثائق مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر، الصادرة عن البنك الدولي المخاطر التي تواجه المشروع أنها مرتفعة، فقد جاء – في الصفحة 16 من وثيقة البنك الدولي (P157809)- تحت عنوان المخاطر الرئيسية أن «التصنيف العام للمخاطر التي ينطوي عليها المشروع هو أنها مرتفعة».
كما تكشف الوثيقة في الصفحة ذاتها المخاطر الرئيسية التي قد تؤثر تأثيرًا سلبيًا على تحقيق الهدف الإنمائي للمشروع واستدامة النتائج، فتشير إلى أن المخاطر المتصلة بالجوانب السياسية والحوكمة، والإستراتيجيات والسياسات القطاعية «مرتفعة» بسبب ما وصفته بـ«الأجندة الطموحة للإصلاح».
وقالت الوثيقة: «تسعى أجندة الحكومة للإصلاح إلى إحداث تغيير على مستوى كل من السياسات والنظام والممارسة، وبهذا الإصلاح تعتزم الحكومة، ممثلة في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، إحداث تغيير في النظام التعليمي برمته على المستوى المركزي ومستوى المديريات والإدارات التعليمية والمدارس والفصل الدراسي، ولهذه الأسباب يتطلب هذا الإصلاح التزامًا قويًا مستديمًا لم يسبقه مثيل وكسب تأييد أصحاب المصلحة وإشراكهم، المقصود أولياء الأمور والطلاب وكل مواطن له مصلحة من العملية التعليمية.
كما صنفت وثيقة البنك الدولي المخاطر المتصلة باقتصاد المشروع أنها كبيرة، مضيفة «استنادا إلى استعراض الترتيبات المالية والتعاقدية في قطاع التعليم، وتصميم المشروع المقترح، والفجوات التي ينبغي معالجتها، تعتبر المخاطر المالية والتعاقدية «مرتفعة»
وأكدت الوثيقة أنه من المخاطر الرئيسية التي تواجه المشروع: (أ) الافتقار إلى وجود ضمانات كافية فيما يتعلق باستمرار الإنفاق على البرنامج، (ب) تجزئة النفقات الكبيرة الجارية التي تتضمنها برامج المصروفات المؤهلة، (ج) استدامة تمويل البرنامج.
وهذا يعني أن هناك تحذيرات من عدم القدرة على الوفاء بالمستلزمات المالية التي يحتاجها المشروع، ويطرح تساؤلًا حول الخطة المالية التي أعدتها الوزارة لتوفير التمويل اللازم هل راعت فيها كيفية تدبير المبالغ اللازمة أم أنها تعمل بشكل عشوائي؟ ما يرجح احتمالية غياب وجود رؤية كاملة لتوفير التمويل اللازم هي الإجراءات التي اتخذتها الوزارة عند البدء في تنفيذ المرحلة الأولى للمشروع هذا العام، حيث لجأت الوزارة إلى استقطاع نسبة 50% من الأموال التي كانت تذهب للمديريات التعليمية لغرض أعمال الصيانات الخفيفة، وهو الإجراء الذي أضر بعملية صيانات المدارس.
ولم تكتف الوزارة بذلك؛ بل إن وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي سبق أن طلب اقتطاع مبلغ مليار جنيه من ميزانية هيئة الأبنية التعليمية المخصصة لإنشاء فصول مدرسية وتحويل المبلغ لدعم تمويل مشروع التعليم الجديد، وجاء ذلك الطلب في الوقت الذي تعاني فيه الوزارة أزمة ضخمة في ارتفاع نسب الكثافات في الفصول، وهي تحتاج إلى أكثر من 200 ألف فصل مدرسي جديد لإنهاء تلك الأزمة، كما أعلن وزير التعليم نفسه في وقت سابق!
المثير في أمر المخاطر التي تواجه منظومة التعليم الجديدة، ما يتصل بالتصميم الفني للمشروع والقدرات المؤسسية للوزارة فيما يتعلق بالتنفيذ واستدامة أو استمرارية التنفيذ، وفي هذا الجانب يصنف البنك الدولي المخاطر المتصلة بهاتين الفئتين على أنها «كبيرة»، مرجعًا السبب الرئيسي في ذلك إلى مخاطر التنفيذ التي كانت تتطلب إجراءات تشريعية وسياسات لتيسير جهود الإصلاح.
بجانب ذلك يشير البنك الدولي – في وثيقته- إلى أن المشروع يواجه مخاطر كبيرة تتصل بعوامل مؤسسية تتعلق بالمؤسسات التابعة لوزارة التربية والتعليم، حيث كان يجب إعادة هيكلة تلك المؤسسات مبدئيًا لتكون قادرة على التنفيذ، بجانب حاجة الوزارة إلى إنشاء هيئة تكنولوجية جديدة لتكنولوجيا التعليم.
"نقلا عن العدد الورقي..."