توثيق بطولات أكتوبر
بعد مرور ٤٥ عاما على انتصار أكتوبر العظيم في ١٩٧٣، أدعو الجيش المصري إلى توثيق أحداث وبطولات هذه الحقبة من تاريخ مصر والإفراج عن بعض البطولات الفذة التي قام بها الجيش والشعب والدبلوماسية والمخابرات المصرية لتحقيق هذا النصر العظيم.
توثيق البطولات من الأبطال الحقيقيين وهم على قيد الحياة أفضل من النقل عنهم بعد رحيلهم، وكذلك يقطع الطريق على كل من يحاول تشويه الحقائق وخلط الأوراق ومحاولة التقليل من قيمة البطولات التي قام بها هذا الشعب خلال العقود التي تلت ثورة يوليو ١٩٥٢.
اعرف حساسية بعض الموضوعات والتزام القوات المسلحة والمخابرات المصرية بدواعي الأمن القومي المصري، لكن أخشى أن يتم تشويه هذه الملحمة القومية الفريدة من تاريخ مصر والعالم العربي بغرض فرض حالة من عدم الثقة بالنفس بل والانهزامية بين شباب هذا الوطن الذين لم يعيشوا حقبة الانتصار العظيم.
ولكي يكون الغرض واضحا فسوف أعطي أمثلة لمحاولة تشويه الحقائق من الجانب الإسرائيلي، الأول عن أشرف مروان والثاني عن ثغرة الدفرسوار.
"أشرف مروان" زوج ابنة الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" الذي استغله الرئيس السادات لتضليل المخابرات الإسرائيلية ومدهم بمعلومات خاطئة عن الاستعداد للحرب، وكان عنصرا مهما في خطة الخداع الإستراتيجي لحرب أكتوبر، كما يؤكد الجانب المصري، أظهرته إسرائيل في كتاب وفيلم سينمائي تحت اسم "الملاك"، ويظهر فيه مروان كعميل مزدوج يكره الحرب والدم ويعطي إسرائيل معلومات مهمة عن حرب أكتوبر وأهمها موعد الحرب يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣.
وينتهي الفيلم بتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وإظهار "أشرف مروان" كملاك حمى الآلاف من البشر من الهلاك خاصة على الجانب الإسرائيلي، وإذا كان "مروان" قد مات ولم ينشر مذكراته فيجب على الجانب المصري أن يخرج عن صمته ويعلن للجميع حقيقة أنه كان خديعة كبرى للموساد الإسرائيلي.
أما ثغرة الدفرسوار التي يظهرها الجانب الإسرائيلي وكل قادتها السياسيين من جولدا مائير إلى نتنياهو، أنها انتصار على الجبهة المصرية، وحصار للجيش الثالث المصري، وأنه لولا قرارات الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار لكانت القوات الإسرائيلية قد دخلت إلى القاهرة.
هذه المغالطات والادعاءات الكاذبة كتب عنها الكثيرون من المحللين العسكريين بل والسياسيين من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل.
مذكرات وزير الخارجية الأمريكية وجولاته المكوكية بين مصر وإسرائيل تثبت أنه كان يعرف أن مصر قادرة على تصفية الثغرة وأن الرئيس السادات قال له إنه إذا لم ينفك الحصار عن الجيش الثالث، فسوف يقوم بتصفية الثغرة وعندها قال له هنري كيسنجر إن أمريكا لن تسمح بهزيمة السلاح الأمريكي مرتين وإن الأسطول السادس الأمريكي سوف يتدخل إذا أقدمت مصر على ذلك.
أما وزير الدفاع الفرنسي فقد وصف الثغرة أنها محاولة إسرائيلية لإنقاذ ماء الوجه بعدما منيت إسرائيل بهزيمة نكراء، حتى قادة إسرائيل أنفسهم اعترفوا أن خسائرهم البشرية كانت هائلة وأنهم ماطلوا في وقف إطلاق النار لتحقيق نصر يقوي موقفهم في المفاوضات، لكن الجانب المصري ما زال محتفظا بأسراره إلا القليل جدا مما ذكره الفريق سعد الدين الشاذلي، واعتبرته مصر إفشاءً لأسرار عسكرية وحكم عليه بالحبس بسبب ذلك..
الآن وبعد هذه السنوات الطويلة، فقد حان الوقت للإعلان عن حقيقة هذه الأحداث وتوثيقها لتكون بين يدي الباحثين والأجيال الحالية التي لم تر الحرب ولم تسمع عن بطولات بل ومعجزات قام بها آباؤهم وأجدادهم في حقبة مهمة من تاريخ مصر.
وأخيرا، أتمنى لو بدأت القوات المسلحة ووزارة الثقافة المصرية إنتاج مجموعة من الأفلام السينمائية العالية الجودة في الإخراج والتمثيل ولو بأبطال من السينما العالمية، لتغطية بطولات أكتوبر مثلما فعلت هوليوود في تجسيد الحروب ونقلها إلى المشاهد العادي.