هل أصبح قطع الدعم الخارجي عن الإرهاب السبيل الوحيد للقضاء عليه؟
كل شواهد الأحداث اليوم تؤكد ذلك، بداية من عملية القبض على الإرهابي، هشام عشماوي، زعيم تنظيم «المرابطون»، الذي ضعفت شوكته بعد انشقاقه عن داعش، ونجحت عملية إحكام الحصار عليه، نهاية بسائر الجماعات التي تعتمد على موارد ذاتية، دون دعم إقليمي ودولي، أو امتدادات أيديولوجية خارجية، بما يجعلها غير قابلة للحياة لمدة أشهر، أو سنوات قليلة على أصعب تقدير.
طوال العقود الماضية، كانت مصر صاحبة تجربة رائدة، في محاصرة الجماعات التكفيرية، التي مارست العنف على نطاق واسع، ورغم نجاح بعض الحركات التكفيرية، في تنفيذ عمليات إرهابية، إلا أن القاهرة نفذت عملية حصار قاس، استطاعت من خلاله قطع خطوط الاتصال بين تلك الجماعات، ومموليهم في الخارج.
نفذت مصر خططا أمنية متطورة؛ أحكمت قبضتها على إمدادات تمويل الرعيل الأول من التنظيمات التكفيرية، فانهارت حركات عتيدة مثل التكفير والهجرة، والجهاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية؛ وكما انتصرت مصر في نهاية المطاف، على تلك التنظيمات، التي شكلت خطرا شديدا في بداية تشكيلها، وأصبحت من الذاكرة، انتصرت دول عربية، على الإرهاب بمساعدة أيضا من مصر، وعلى رأس هؤلاء "ليبيا".
استطاعت بلاد عمر المختار، على الرغم من أزماتها الأمنية، التي ورثتها من فوضى ثورات الربيع العربي، تصفية الجماعة الإسلامية المقاتلة، وهي ذراع منشق عن الإخوان، يتبنى الفكر التكفيري، وتمت إبادتهم، ولا يتبقى منهم حاليا، إلا فلول لا حول لهم ولاقوة، بسبب الضربات الأمنية الموجعة، التي دمرتهم بمجرد غلق منافذ الدعم الخارجي عنهم، وكذلك تنظيم «المرابطون»، الذي يحتضر الآن، بعد القبض على هشام عشماوي.
الدكتور عبد الإله بلقريز، أستاذ الفلسفة الإسلامية، والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن هناك قرائن كثيرة، تؤكد استحالة استمرار الإرهاب وأهله، دون دعم خارجي، بما يجعله يتبخر سريعا بنفس السرعة التي تشكل بها، إذا ما استطاعت السلطات المعنية في كل بلد، محاصرة الدعم المتدفق، لأي جماعة إرهابية من الخارج.
يؤكد بلقريز، أن الجماعات الداخلية، لا تقوى على تأمين نفسها ذاتيًا، أو توفير حاجتها من الموارد المالية، مهما كانت قدرتها على السلب والنهب والإرهاب، فيصبح إلحاق الهزيمة الساحقة والنهائية بها، مسألة وقت وليس أكثر.
المقاومة بالقتال، وضرب أطراف التنظيمات، أينما كانت، ومراقبة أنشطتها ونشطائها جيدا، يؤدي بالتبعية إلى تجفيف منابعها المالية؛ يضع أستاذ الفلسفة روشته لمقاومة هذه التنظيمات، مؤكدا أن المجتمعات العربية والإسلامية، يجب أن تقدم الأجوبة الكافية، للأسئلة التي تطرح عليها، حول كيفية تولد التطرف في البلدان العربية، ثم تحوله إلى إرهاب مدمر بهذا الشكل، وكيف ستتصرف الدول في التهميش الاجتماعي والفقر، وعورات التعليم والثقافة في سائر البلدان العربية والإسلامية، حتى تبيد هذه الظواهر للأبد!