رئيس التحرير
عصام كامل

ترامب قائد الإمبريالية العالمية الجديد!!


"الإمبريالية" هي سياسة تتبعها الدول الكبرى القوية على الدول الصغيرة الضعيفة، بهدف توسيع السلطة والسيطرة عن طريق استخدام القوة التي غالبا ما تكون قوة عسكرية، وتتم من خلالها الاستيلاء على الأراضي وفرض السيطرة السياسية والاقتصادية عليها، والإمبريالية مصطلح حديث ظهر في الفكر السياسي بعد الثورة الصناعية في أوروبا لكنه له جذور ضاربة في أعماق التاريخ، وتعتبر الإمبريالية سياسة غير أخلاقية، وغالبا ما يستخدم المصطلح لإدانة السياسة الخارجية للدول المعادية.


وحديثًا شهدت منطقتنا العربية أكبر هجمات إمبريالية على يد القوى الإمبريالية القديمة وفي مقدمتها إنجلترا وفرنسا من أجل السيطرة على المواد الخام وأسواق المنتجات الصناعية، والآن تمارس هذه الإمبريالية بواسطة الإمبراطورية الأمريكية التي حلت محل القوى الإمبريالية القديمة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وأصبحت تمارس هذه السياسة غير الأخلاقية على مجتمعاتنا العربية خاصة دول الخليج الغنية بالنفط أحد أهم مصادر الطاقة المطلوبة للصناعة..

هذا إلى جانب تحولها لأكبر الأسواق المستهلكة للسلع المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تمارس هذه السياسة الإمبريالية منذ عقود عبر رؤسائها المتعاقبين لكن بنوع من الخجل وبطرق سرية وخلف الأبواب المغلقة، فإن قائدها الجديد ترامب رجل فج ولا يعرف الخجل ولا يجيد لعب هذا الدور السياسي غير الأخلاقي بطريقة سرية أو خلف الأبواب المغلقة أو من تحت الطاولة، بل خرج علينا خلال الأيام الماضية وعلانية وأكثر من مرة ليُهدد أكبر وأغنى دولة خليجية وهي المملكة العربية السعودية أنها لا بد أن تدفع لبلاده ثمن حمايتها..

بل تمادى وأعلن عن مكالمة تمت بينه وبين الملك سلمان هدده فيها بضرورة الدفع وإلا لن يبقى على كرسي الحكم أكثر من أسبوعين.

وعقب إعلان ترامب القائد الجديد للإمبريالية العالمية لتهديداته الفجة أمام حشد كبير من الأمريكيين في ولاية مسيسيبي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر تناقلت وكالات الأنباء العالمية تصريحاته، التي لم توجه فقط للسعودية بل لليابان وكوريا الجنوبية، وقام الصحفي "جيفري تايلور" بتقديم ملخص لخطاب ترامب المطول تم نشره على موقع يوتيوب يقول:

"أنا أحب السعودية، وقد تحدثت صباح اليوم مع فخامة الملك سلمان مطولا، وقلت له أيها الملك لديك تريليونات من الدولارات، ودوننا لا أحد يعرف ماذا قد حدث ربما قد لا تكون قادرا على الاحتفاظ بطائراتك، لأنها ستتعرض للهجوم، لكن معنا هي في أمان تام، لكننا لا نأخذ في المقابل ما يجب أن نحصل عليه، نحن ندعم جيشكم، لذلك دعوني أسأل: لماذا ندعم جيوش هذه الدول الغنية؟

أمر مختلف أن نقدم الدعم لدول تعيش وضعًا صعبا وخطيرًا، مع فظائع يمكن أن تحدث، ويمكن أن تكون قبيحة، مئات الآلاف.. ملايين البشر ربما يقتلون، لكن أن يكون لديك دول غنية مثل السعودية مثل اليابان وكوريا الجنوبية لماذا إذن ندعم جيوشها؟ لأنهم سيدفعون لنا، المشكلة أنه لا أحد طالب بذلك من قبل".

ولم يكتفِ ترامب البلطجي الجديد للعالم بما صرح به وتناقلته وكالات الأنباء العالمية، بل عاد بعد يومين فقط وفي يوم الخميس 4 أكتوبر وأمام حشد كبير من الأمريكيين في ولاية منيسوتا إلى مسألة مطالبته لملك السعودية بدفع المزيد من الأموال لواشنطن مقابل حماية جيوشها لبلاده، وقال ترامب محدثا الحشود المؤيدة لحزبه:

"نحن ندافع عن دول غنية للغاية لا تقوم بتعويضنا، كل ما يدفعونه نسبة ضئيلة جدا، لدينا علاقات جيدة مع هذه البلدان، لكن على سبيل المثال السعودية، هل تعتقدون أن لديهم المال؟ نحن ندافع عنهم وهم لا يدفعون إلا نسبة ضئيلة.. إنهم يدفعون 30 % فقط ونحن نتحدث عن مليارات ومليارات الدولارات".

ونحن بدورنا نتساءل عن الأموال الضئيلة التي تقدر بتريليونات الدولارات التي يتحدث عنها البلطجي ترامب التي حصلت عليها بلاده من المملكة السعودية أين ذهبت؟ لقد ذهب جزء كبير منها مؤخرا في دعم الجماعات الإرهابية التي تنتشر في ربوع الوطن العربي، خاصة في مصر وليبيا والعراق وسورية، هذا بالطبع غير ما يصرف على العدوان على اليمن، وهذا يذكرنا بحديث حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق الذي خرج علينا مؤخرا ليؤكد أن ما صرف من أموال خليجية على الحرب في سورية يقدر بمائة وسبعة وثلاثين مليار دولار، وبذلك يكون تدمير أوطاننا بأموالنا.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن متى يفيق الحكام العرب الخاضعين للإمبريالية العالمية؟ خاصة بعد أن أصبحت عروشهم مهددة بفعل التهديدات العلنية من قبل البلطجي الجديد للعالم ترامب، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلها مثل كل القوى الإمبريالية التي جاءت في التاريخ لا تبحث إلا عن مصالحها، فمتى نبحث نحن عن مصالحنا؟ ومتى نحافظ على ثروات شعوبنا؟ ومتى نحافظ على أمن بلادنا؟ ومتى نحفظ كرامتنا؟.

هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات سريعة وعاجلة، خاصة أن الخطر الأمريكي يهدد الجميع حتى الدول التي كانت تعتقد أنها حليف إستراتيجي للعدو الأمريكي تأكدت بما لا يدع مجال للشك أنها أكثر عرضة للخطر، لذلك فالحل الوحيد هو الاعتراف بالأخطاء وسرعة الاصطفاف والوحدة العربية في مواجهة البلطجة الأمريكية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية