«ألبان دمياط».. صناعة تحتضر تحت حصار رأس المال
لم تعد صناعة الألبان بدمياط كسابق عهدها، فتأثرت كثيرًا بالإهمال وضعف القدرة على الإنتاج وإدخال مواد غريبة على الصناعة بهدف تحقيق المكسب على حساب جودة المنتج.
الاستمرار الآن مقتصر على بعض المصانع الخاصة، والكيانات الاقتصادية الكبرى، والتي هدفها الربح قبل أي شيء، انفردت تلك الكيانات بالسوق خاصةً بعد غلق مصنع دمياط للألبان الذي ترك مساحة جيدة لهؤلاء من أجل الانفراد بالسوق.
معامل الفلاحين
اختفت تدريجيًا تلك المعامل البسيطة التي أنشأها فلاحي دمياط، وظلت فترات طويلة متحكمة في القدرة الإنتاجية للسوق، فرغم بساطتها احتلت المركز الأول محليًا حتى ذاع صيتها للمحافظات المجاورة تهافت الجميع على اقتناء منتجاتها حتى التفت إليها أصحاب رءوس الأموال.
لم تستغرق تلك المعامل فترة كبيرة فلم يعد السوق منتبهًا لمنتجاتهم ربما كان السعر عاملا في ذلك، أيضًا قدرة تلك المصانع على الإنتاج والتي تعمل بقدر تلك المعامل بنسبة 60% لتغرق منتجاتها السوق.
أمام تلك الهجمات لم يعد صانعو الألبان بحاجة إلى العمل بتلك المهنة، هجرها العديد من أبنائها بحثًا عن عمل آخر يرزقون منه، أيضًا لم يفكر أحدهم في العودة مرة أخرى للعمل بتلك المهنة مرة أخرى، فلم يعد الأجر كافيًا غير أن سيطرة تلك الكيانات جعلت الأمر أكثر صعوبة بسبب تقليص الفرص.
غلق مصنع
تعرض مصنع ألبان دمياط لهجمات فتوقفت عجلة الإنتاج التي احتلت السوق الأوروبي لسنوات عدة، ربما تعرف الغرب على الجبن الدمياطى بسبب هذا المصنع، إلا أن إهمال النظام آنذاك وقف خلف إغلاقه بصورة نهائية، حتى أعلن عن خصخصته في عام 2005، لم تفلح تلك المحاولات في ذلك التوقيت بسبب خلافات مالية وطرق استرداد ديون البنوك التي كانت صاحبة الكلمة العليا في الأمر، وبعد مداولات استقر الجميع على خصخصته ولكن جاءت ثورة يناير وبقى الحال على ما هو عليه.
ماكينات تقدر بالملايين تم السيطرة عليها بالمزادات العلنية، وتشريد أكثر من 5000 عامل، لإحكام سيطرة رجال المال على مقدرات الصناعة.
رأس المال
أعلنت المرأة الريفية بدمياط الحرب على أصحاب تلك الكيانات، فاستمرت في صناعة الجبن على الطريقة التقليدية القديمة، فأظهرت جودة المنتج الحقيقى، لفتح باب من الأمل أمام صناعة الألبان، وتقول الحاجة كريمة، إنها تعمل بالشكل التقليدي مشيرةً إلى أن جودة المنتج تبحث عمن يقدرها، موضحةً أن المصانع لم تكن لديها قدرة على إنتاج منتجات بتلك الجودة.
وأنهت السيدة الريفية كلماتها قائلة: "شغلنا بيدور على اللى يقدره، ومش مهم أبيع لـ 100 واحد يكفينى زبون أو اتنين بس مقدرين شغلى"، أيضًا أكدت سيدة ابنة خمسة وعشرين عامًا أنها دخلت كلية الزراعة خصيصًا من أجل هذا الأمر، مشيرةً إلى حبها في صناعة الألبان جاءت بسبب ما رأته بمنزل أجدادها وحرص والدتها على استمرار تلك الصناعة داخل المنزل.
اهتمام المحافظ
أظهرت الدكتورة منال عوض، محافظ دمياط، اهتمامها بتلك الصناعة، وظهر ذلك حينما أدخلت منتجاتها بمعارض "صنع في دمياط" والمقام حاليًا بأرض المعارض بمدينة نصر بإشراف جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
في بادئ الأمر كانت تلك المعارض لصناع الأثاث فقط، ولكن أصدرت محافظ دمياط قرارًا بفتح المجال أمام صانعى الألبان للمشاركة بتلك المعارض كخطوة يراها البعض جيدة لبداية الحديث عن استعادة مكانة دمياط بين صانعي الألبان مرة أخرى، ربما تحمل الأيام القادمة أبناءً سارة لأبناء مهنة صناعة الألبان الكل في الانتظار ولكن كيف سيتعامل رأس المال مع الأمر؟!