رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف زيدان ينشر مقتطفا من روايته الجديدة ويعلن طرحها بعد أسبوعين

يوسف زيدان
يوسف زيدان

نشر الكاتب الروائي يوسف زيدان، مقتطفا من روايته الجديدة "فردقان"، التي يتناول فيها الشخصية التاريخية "ابن سينا"، وقد أعلن زيدان عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عن طرح الرواية في الأسواق والمكتبات خلال أسبوعين.


ومن أجواء الرواية:
"ساعة الظهر، توقف الركبُ سويعة لإراحة الخيول، وتناوُل ما يسد الرمق، أكلوا كلهم صامتين، وبعد معاودتهم المسير عاد ابن سينا لحواره الجوانيِّ مع نفسه: إلى متى سأبقى في هذا الترحال الدائم؟ وها هي ذي سني تقترب بسرعة من الأربعين عامًا، ولم أعرف بعدُ القرار بأرضٍ أو السكينة بناحية. هذه النواحي لا قرار فيها ولا سكينة، ما دامت المعارك تدور بين الملوك والأمراء منذ مائة سنة، وسوف يستمر دورانها الطاحنُ لمائة سنةٍ تالية. والعمر قصير. فأين المفر؟ لا بد أن أقرّ بمكانٍ لأنتهي من كتابين كبيرين، أحدهما في الحكمة والإلهيات والأمور الفلسفية، وسوف أسميه «الشفاء». والآخر في الطب، وسيكون كالمدوَّنة الجامعة لكل المتفرقات.. نعم، لا بد من كتاب جامع في أمور الطب كلها، الكلية والجزئية، وألحق بها أبوابًا في خواص المفردات وفنون العلاج. أحتاج زمنًا لإنجاز ذلك، على ما يوجبه الرأيُ الصحيح والعلمُ المجرَّب، فهذه المتفرقات والرسائل التي كتبتها وأكتبها لا تشفي الغليل، وليست بكافيةٍ للمبتدئ ولا وافيةٍ عند العارفين. كان يجب على ابن زكريا الرازي أن يفعل ذلك قبل مائة عام، بدلًا من ذلك المتفرق المشتت من كلامه المجموع، بلا نظام، تحت عنوان «الحاوي». رحمه الله، فقد عانى في دنياه الدواهي، وأظنه كان ينوي العكوف على هذه المسودات وإخراجها منسَّقةً في كتاب كبير. لكن اضطهاد حاكم «الري» له أيامها بسبب آرائه الفلسفية، حال بينه وبين الإتمام. لا أمان للعلماء والفلاسفة في كنف الأمراء والحكام، ولكن لا غنى لأولئك عن هؤلاء.. فما الحل؟ تُرى ما حال أبي الريحان البيروني اليوم، وهو في صحبة السفاح ابن سُبُك تكين؟ أبو الريحان رجلٌ رقيق المشاعر وعالمٌ بحق، ومع أنه أخطأ في حقي مؤخرًا وأنا الذي أدخلته أول مرة على الملوك. ولكن، هو في النهاية مسكين ومن ذوي العلم الغزير. فكيف حاله مع هذا الحاكم الذي كان مثل أبيه مملوكًا، فصار ملكًا، ويريد اليوم أن يكون سلطانًا. بلغني أنه يصطحب معه أبا الريحان في الأسفار العسكرية والغزوات التي لا تنتهي، ويريق فيها الدماء سفحًا بحجة نُصرة الإسلام ومذهب السنة. عجيب. ألا يُنصر الدين ويَشيع المذهب، إلا بسفك الدماء! كان الله في عونك يا بيروني، وفي عوني، وعون الخلائق أجمعين".
الجريدة الرسمية