«انتصار أكتوبر».. شأن وطني لا يخص الإسلاميين.. الجهاد عندهم يحكمه الحرب خلف «والٍ شرعي».. تطبيق الحدود أولا.. الرجم وقطع الأيدي والجلد يسبق الحديث عن الكرامة الوطنية.. ناجح إبراهيم
قبل نحو نصف قرن من الآن، استردت مصر كرامتها؛ توحد المصريون على قلب رجل واحد، خلف الجيش المصري، الذي عبر خط بارليف التاريخي، في 6 أكتوبر من عام 1973، إلا الإسلاميين، الذين تمردوا على الكرامة الوطنية، وقللوا من الانتصار، بدواعٍ واهية، لا تخرج إلا من أنفس مريضة بالرجعية والعنف والتطرف.
في عقيدة الإسلاميين، ما يجعلهم يعتبرون نصر الجيش المصري أكذوبة، ومجرد دفاع عن مصالح خاصة؛ فالجهاد عند عموم المسلمين، غير جهاد المتأسلمين، الذين يحشدون آلاف السطور من التطرف والعنف، في المساجد والزوايا، مرورا بالتنظيمات وفروعها المختلفة، للترويج أن انتصارنا الوحيد على إسرائيل، لم يكن جهادًا في سبيل الله.
الجهاد الشرعي عند الإسلاميين
مصطفى حمزة، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يكشف عن شروط الجهاد الشرعي عند الإسلاميين، الذين يرفضون نصر أكتوبر بسببها، ومنها أن يكون هناك خلف الجهاد حاكمٍ مسلم أولا، وكآن الرئيس محمد أنور السادات لم يكن مسلما، عندما انتصر المصريون في معركة ما زال الخبراء يدونونها كأعظم المعارك في التاريخ.
يرى حمزة أن سموم التطرف، قتلت البطل الراحل في نفس يوم احتفاله بنصره العظيم، وهي نفسها التي يحشون بها أدمغة الأطفال، ويفرقون من خلالها بين أي حاكم حالي، والحاكم المسلم "التفصيل" على مقاسهم، الذي يقطع يد السارق ويجلد الزاني ويرجمه حتى الموت، قبل الحديث عن الكرامة الوطنية، ليزرعوا في البلاد فتنة كبرى، تبدأ بتكفير المخالف وتنتهي بالقتل والتفجير، وتشرذم البلاد.
ويؤكد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن أبطال مصر، الذين قدموا أرواحَهم ودماءَهم ثمنًا لتحرير أوطانهم، لا يَنظرُ إليهم هؤلاء المتطرفون على أنهم شهداء عند ربهم يرزقون، وإنما مجرد قتلى، بسبب توصيفهم الخاص لمن هو الشهيد، الذي يجب أن يدافع عن الدين وليس الوطن.
الإخوان المنافقون
ويضيف حمزة، ويكشف المزيد عن الوجه المزيف، لجماعةُ الإخوان الإرهابية، التي ظلت لعقود من الزمان تنافق الشعوبَ بتصدير خطابٍ يُثني على الحرب، ويعتبرها جهادًا، في نفس الوقت الذي كانت تؤكد فيه لقواعدها أن الحرب مجردَ «تمثيلية» بين الرئيس السادات وإسرائيل، وهو ما رددته العناصر الإخوانية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد سقوط حكم الإخوان، حسب وصفه.
كان موقف الإخوان الحقيقي عن حرب أكتوبر وأبطالها، واضحا بشدة، عندما أجلس محمد مرسي قتلة السادات على منصة الاحتفال بأعياد النصر، في عام حكمهم البغيض، بما مثل إهانةً كبيرةً لقائد هذه الحرب، والأبطال الذين شاركوا فيها.
اعتذار متأخر
ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي، والقيادي بالجماعة الإسلامية، الذي آمن بمراجعات التسعينيات، واستمر عليها حتى الآن، اعترف أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات ظًلم، ولم يكن يستحق هذه النهاية المؤلمة.
الاعتذار المتأخر للسادات من الإسلاميين، يراه «إبراهيم» جحودا لرجل كان له حسنات كبرى تجاه الإسلاميين، ومصر بأكملها، التي كانت محطمة ومهزومة، وبنيتها التحتية مدمرة، وسيناء محتلة، وكل موارد الدولة موجهة للمجهود الحربي.
كانوا يحلمون بعمر بن الخطاب رئيسا لهم، يقول ناجح ويضيف: الإسلاميون وفي القلب منهم الجماعة الإسلامية والإخوان، لم ينظروا إلى حسنات الرئيس السادات، التي لم يقم بها أي حاكم قبله، وأهمها نصر أكتوبر المجيد والوحيد الذي حققه الجيش المصري في العصر الحديث.
الحرب أحيت روح الإسلام في مصر، وكان لها أثر عظيم في الصحوة الإسلامية، وهو دور ينكره الكثيرون، يقول القيادي بالجماعة الإسلامية، ويعترف أنهم قاموا بتأجيج الرأي العام ضده، بترويج أحاديث الخيانة والعمالة على المنابر، رغم أنهم ليسوا خبراء عسكريين، ولا علاقة لهم بالاقتصاد أو السياسة، ولا حتى فهم الواقع، على حد قوله.
يختتم ناجح مذكرا الجميع: الشريعة الإسلامية لا يطبقها حاكم؛ فهي دور الأفراد والمجتمع، حسب القدرة على التحمل، ولا يكلف الله مجتمعًا إلا وسعه.