رئيس التحرير
عصام كامل

مفهوم تطهير الجهات والهيئات القضائية نفسها


تسعى الدولة في الآونة الأخيرة إلى تجفيف روافد الفساد وتطهير بؤره في جميع مؤسساتها، نظرًا لما تبين من كون الفساد هو السبب الأول لما وصل إليه حال البلاد جراء فساد دام لعقود طويلة، وهو ما أهدر موارد الدولة من جانب، وأدى إلى تكدس الثروات في أيدي عدد محدود من المقربين.


ومن جانبها تكثف الجهات الرقابية جهودها لتنفيذ تلك الأهداف ومنع ارتكاب جرائم العدوان على المال العام قبل حدوثها، وقد برز في الآونة الأخيرة دور هيئة الرقابة الإدارية الرائع في مكافحة الفساد.

رغم ذلك فنحن لا نُسلم بإتمام تحقيق تلك الأهداف إذ ما زالت هناك أذنابًا وأهدابًا تتلاعب في الخفاء لتحصل على مستحقات دون وجه حق نظرًا لتعارض مصالحهم الشخصية مع الصالح العام.

لكن هناك من يسلك طريقًا آخر لتحقيق تلك الأهداف بكل شفافية، وهي الجهات والهيئات القضائية التي تأبى إلا أن تُطهر نفسها بنفسها لتحافظ على بقاء ثوب ناصعًا لا تشوبه شائبة.

يأتي ذلك في ضوء الأعباء الملقاة على عاتق تلك الجهات والهيئات، فضلًا عما لها من هيبة ومكانة في قلوب المواطنين الذين ينظرون لأعضائها وسلوكياتهم على أنها دلالة على مدى رقُي المجتمع وتحضره.

وتبدو فكرة تطهير الجهات الهيئات القضائية لنفسها في أبهى صورها فيما يتخذه مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي بدوره تجاه من يصدر منه أي سلوك يسيئ إلى ثوب القضاء بما في ذلك السلوك الشخصي، وذلك على مدار عقود مضت رأينا فيها قضاء مصر الشامخ يطرد من "حاد" عن الطريق السديد، واستغل منصبه أو أساء إليه، فضلًا عن تدرج العقوبات وفق جسامة السلوك حتى تصل إلى العزل وهو بمثابة الإعدام في حق القاضي.

وعلى غرار مجلس القضاء الأعلى فإن شيوخ قضاة الحريات والمشروعية بمجلس الدولة لا يتوانون تجاه من تسول له نفسه أن يُلوث الثوب الناصع أو يسيئ إلى ذلك الصرح العريق.

شكوى الصديق أحمد راضي، مدير تحرير الوفد كانت آخر تلك الضربات الموجعة، أحيل على إثرها أحد كبار المستشارين لمجلس تأديب جهة عمله فور تأكد شيوخ قضاة التفتيش من ارتكابه مخالفات إدارية جسيمة تمس كرامة وظيفته، حال ندبه مستشارًا لأحد الوزراء دون مراعاة القانون والصالح العام وكرامة جهة عمله الذي يشرف أنه ينتسب إليها.

ورغم ندرة مخالفات السادة أعضاء الجهات والهيئات القضائية فإن ردود أفعال شيوخ القضاة تجاهها تكون رادعة وزاجرة، رغم وجود تساؤلات حول عدم اتخاذ إجراءات حاسمة حيال بعض البلاغات المؤيدة مستنديًا لإحدى الهيئات القضائية، وبما يُنذر بالخروج من القاعدة العامة التي تقضي أن شيوخ الهيئات القضائية يقفون بالمرصاد في هذا الشأن، وما زلنا في انتظار إجراءات جادة تؤكد تلك القاعدة ولا تحيد عنها.. وللـحـديـث بـقـيـة
الجريدة الرسمية